قال رئيس شعبة الاستخبارات العسكريّة السابق في الجيش الإسرائيلي، الجنرال في الاحتياط عاموس يدلين، إن قرار السعودية باعتبار جماعة (الإخوان المسلمين) تنظيمًا إرهابيًا، هو قرار تأسيسيّ، يفتح الباب على مصراعيه أمام تحولات إيجابية جدًا تؤدي إلى تحسن البيئة الإستراتيجية لإسرائيل، على اعتبار أنها تضيق الخناق على أطراف تمثل تهديدًا للدولة العبريّة، وفي مقدّمتها الحركات الإسلامية السنيّة، على حدّ تعبيره.في حين قال رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو خلال كلمته أمام مؤتمر منظمة (أيباك) الصهيونيّة: صدّقوني أنّ حكام عرب كثر أخبرونا بأنهم لا يرون في إسرائيل عدو، ونحن معنيون بأنْ نوفر الظروف التي تسمح بأن تخرج علاقاتهم معنا للعلن، على حدّ قوله. وحسب الجنرال يدلين، الذي يرأس حاليا (مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي) فإنّ القرار السعودي يعني أنّ حكومة الرياض عاقدة العزم على دعم سلطة الانقلاب في مصر، وهذا يعني أنّ السعودية تؤكد التزامها بتوفير الظروف التي تدعم بقاء هذه السلطة، وهو ما يعد مصلحة إستراتيجية من الطراز الأول لإسرائيل. وهناك في تل أبيب من احتفى بهذا القرار، على اعتبار أنه سيؤدي إلى تكثيف الحصار على المقاومة الفلسطينية، سيما في قطاع غزة.وقد عبّر عن هذا الموقف د. دوري غولد، كبير المستشارين السياسيين لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. فحسب، غولد، فإنّ إسرائيل تأمل أن يسفر القرار السعودي عن تشديد إضافي على وصول الأموال لحركات المقاومة الفلسطينية، تحديدًا في قطاع غزة.وعلى الرغم من أنّ غولد يعترف بأنّ السعودية ودول الخليج قد قطعت شوطًا طويلاً في فرض رقابة وقيود على تحويل الأموال من الخليج لقطاع غزة، إلا أن تل أبيب تأمل أن يسفر القرار الأخير عن سد منافذ الدعم المالي للقطاع بشكل مطلق. علاوة على ذلك، يرى غولد أنّ القرار السعودي الأخير يكمل الإجراءات التي تقوم بها السلطات الانتقاليّة في مصر والهادفة إلى إحكام الحصار على القطاع، بما يحقق مصالح إسرائيل. ويبدي غولد ارتياحه الشديد لأن السلطة الانتقاليّة في القاهرة تُواصل تدمير الأنفاق وهو ما قلص فرص وصول السلاح والعتاد الحربي للمقاومة في القطاع، ومن جهة أخرى، فإنّه يرى أنّ القرار السعودي سيفضي إلى تشديد فرض قيود على تحويل الأموال على القطاع، بما قد يؤدي إلى إلحاق ضربة قوية للمقاومة الفلسطينية، وتحديدًا حركة حماس. أمّا الجنرال في الاحتياط رون تيرا، الذي سبق أن شغل مواقع مهمة في شعبة الاستخبارات العسكرية، ويعمل كباحث رئيس في (مركز أبحاث الأمن القومي) فقال في دراسة أعدّها ونشرها على موقع المركز الالكترونيّ العائلة الحاكمة في الرياض تناصب جماعة الإخوان المسلمين العداء لأنها تخشى أن تنتزع منها هذه الجماعة تمثيل الإسلام السني في العالم.وحسب تيرا، فإنّ ما زاد من دافعية السعودية للتصدي لجماعة الإخوان المسلمين هو تفجر ثورات الربيع العربي، ووصول جماعة الإخوان المسلمين للحكم في عدد من الدول العربية، سيما في مصر، الأمر الذي كان يؤذن بتحقق أكثر الأحلام سوداوية بالنسبة للعائلة المالكة بشأن اضطلاع (الإخوان المسلمين) بدور راعي العالم السنيّ.في السياق ذاته، قال وزير القضاء الإسرائيليّ الأسبق، د. يوسي بيليين، وهو من قادة (مبادرة جنيف) إنّ أحد أسباب الشعور بالارتياح للقرار السعودي في دوائر صنع القرار والنخب المثقفة في تل أبيب هو أنه يدلل بالنسبة لها على عودة محور الاعتدال العربي للحياة مجددًا، على حدّ تعبيره.وحسب الوزير الإسرائيليّ الأسبق فإنّ عودة محور الاعتدال للتحرك بهذا النشاط والفاعلية يمثل مصلحة مهمة لإسرائيل على اعتبار أن كل أنماط عمله الحالية تصب في صالح إسرائيل بشكل مباشر وغير مباشر. وبالإضافة إلى ذلك نوّه بيليين إلى أنّه في الماضي كانت الدول التي تشكل محور الاعتدال تضطر إلى اتخاذ خطوات مجاملة لأطراف معادية لإسرائيل، لكنها الآن تشن حرباً لا هوادة فيها عليها، وبشكلٍ خاصٍ جماعة الإخوان المسلمين دون مواربة، على اعتبار أنها تنظر لهذه الجماعة على أنها التهديد الأبرز على مجرد بقاء هذه الأنظمة.أمّا المحلل البارز في صحيفة (معاريف) العبريّة، أمنون لورد فلم يتردد في دعوة دوائر صنع القرار في تل أبيب إلى جس نبض قيادات دول الخليج، سيما السعودية حول إمكانية شن عمليات عسكرية مشتركة بشكل سري لمواجهة مخاطر مشتركة، وتحديدًا في مواجهة البرنامج النووي الإيراني.