من متمنيات كل شاب وشابة مقبلين على الزواج أن يحصلا على الانسجام بين طرفي الحياة الزوجية على عدة مستويات من أجل الظفر باستقرار الأسرة، ويبقى التساؤل مطروحا عن مدى تأثير التفاوت الثقافي بين الزوجين على الحياة الزوجية. "التجديد" حاولت أن تتطرق للموضوع فوجدت أن هناك حالات تتأثر فيها الحياة الزوجية بتفاوت المستوى الثقافي بين الزوجين بينما بعض الحالات لا تتأثر فيها الأسرة سلبا بل تبنى على التفاهم وحسن التواصل وفي ما يلي التفاصيل: من منظور امرأة السيدة (ن.ه) ترى أن الحالات التي تتأثر فيها الأسرة بتفاوت المستوى الثقافي تختلف باختلاف مستوى وعي أحد الزوجين أو كلاهما وتقول بهذا الصدد: "الأولى يكون تكافؤ في المستوى الثقافي بين الزوجين، والثانية يكون تفاوت لكن الزوج هو صاحب التفوق الثقافي، والثالثة يكون تفاوت لكن الزوجة هي التي عندها التفوق التقافي، ففي الحالة الأولى ليس هناك مشكل وفي الحالة الثانية ليس مشكل لأن الزوج هو ربان السفية وموكلة له إدارة الأسرة إلا إذا كانت الأم أمية وغير مثقفة يصعب على الزوج مناقشتها في بعض الأمور وتكون بعض الصعوبات من حيث الاهتمام بالأطفال، وفي الحالة الثالثة حين يكون التفوق من جهة الزوجة هنا نكون أمام حالتين مختلفتين إما أن يكون الزوج يحسن إدارة الأسرة بالرغم من تفوق الزوجة أما إذا كان الزوج لا يحسن إدارة الأسرة هنا تتدخل الزوجة وتبدأ المشاكل عند الزوج ربما بإحساس منه بالنقص، أما بالنسبة للأبناء إذا كانت الأم ربة بيت لن يكون تأثير سلبي لأنها ستأخذ بالها من المتابعة الدراسية". رأي رجل مرتضى الميلاني في أحد المنتديات على الأنترنت أجاب عن سؤال تأثير تفاوت المستوى الثقافي على الأسرة بالقول "هناك ثلاث حالات في مسألة تفاوت المستوى الثقافي بين الزوجين وهي؛ أن يكون الزوج متفوقاً علمياً وثقافياً على الزوجة، أن يكون كلاً من الزوجين في مستوى علمي وثقافي واحد أو متقارب، أن تكون الزوجة متفوقة في مستواها العلمي والثقافي على الزوج. لهذه الحالات الثلاثة آثار مهمة في مسير الحياة الزوجية سلباً وإيجابياً. أما بالنسبة للحالة الأولى فنستطيع أن نقول: بأن هذه الحالة ليس فيها خطورة أو سلبيات ولا تثير إشكالات، لأن إدارة الأسرة منوطة بالزوج، وبما إن الزوج هو الذي يتفوق من حيث المستوى الثقافي على المرأة فإن الأمور تسير في نصابها الصحيح، وليس هناك ما يخل بالأسرة وإدارتها. أما الحالة الثانية: التي يتساوى فيها الزوجان في مستواهما الثقافي، أيضاً لاتشكل سلبياً على إدارة الأسرة، لأنهما يتفقان على التخطيط لحياتهما الزوجية، وعلى توزيع الأدوار في إدارة هذه الحياة الزوجية. أما الحالة الثالثة: فإنها هي التي تعد ذات مردود سلبي على إدارة الحياة الزوجية، فيما لو لم يكن الطرفان يتفهمان طبيعة الحياة الزوجية. فالمشكلة تكمن في أن الرجل يحسّ دائماً بضعف في قيادة الأسرة وتوزيع الأدوار التي أوكلت إليه، ومقابل هذا، الزوجة تحس بمقتضى تفوق مستواها العلمي والثقافي على زوجها بأنها تعي الأمور أكثر منه، كلّ هذا لا إشكال فيه، ولاغبار عليه فيما لو كان الرجل يتصرف بالمستوى الصحيح ولم ينحرف عن جادة الصواب عند ممارسته لوظيفته في قيادة الأسرة. ولكن المشكلة تكمن في الحالة التي ينحرف فيها الزوج في قيادة الأسرة عن جادة الصواب، والزوجة تدرك بمقتضى مستواها العلمي ذلك الانحراف، ففي هذه الحالة تكون الزوجة أمام أمرين هما: 1- إمّا أن تسكت على ذلك الانحراف عن الجادة الصحيحة، وفي هذا السكوت يعود الضرر على الأسرة، وقد يقودها إلى الانحراف والسقوط في الهاوية. 2- وأمّا أن تبدي رأيها في انحراف الزوج عن الجادة والذي يفهم منه الزوج بأنه إهانة له فيصر على ذلك النهج الخاطئ الذي يسير عليه، وعندها يكون الأمر أكثر وخامة وأكثر خطورة من الأوّل، وربّما تكون الحياة الزوجية ساحة للجدال والشجار الذي يكون له مردود سلبي على الأسرة. فهنا ومثل هذه الحالة لابد لكل من الزوجين أن يفهما بأن الشخص الأوعى هو الذي يجب أن يتحمل القسط الأوفر ويسعى إلى إدارة الأسرة ويتحمل مسؤولية التخطيط والإدارة، في حين يقوم الآخر بوظيفة التنفيذ، وكذلك يجب أن يدركا بأنهما أسّسا هذه المؤسّسة الأسريّة لهدف خدمة المجتمع من خلال إمداده بالأبناء الصالحين- لأنه إذا سعدت الأسرة سعد المجتمع- وأن المسألة ليست مسألة ابراز عضلات، وعنف وقوة. وعليه إذا كان هناك فرق بين الزوجين في الوعي الثقافي فلابد للطرف الذي يملك وعياً أكثر من أن يخطط لإدارة العلاقة الزوجية، وعليه أن يفكر بوعي لإحتواء الطرف الآخر ويدفعه للمشاركة في عملية بناء الأسرة وتنفيذ الأعمال، وأن يحاول استيعاب الأخطاء، والأهم من هذا كله عليه أن يشعره بأنه أكثر وعياً منه فيخدش مشاعره ويحط من كبريائه - وخاصّة إذا كانت المرأة هي التي تملك وعياً يفوق على الرجل - حتى لا يندفع إلى المكابرة وتأخذه العزة بالإثم". علم النفس يؤكد علماء النفس أن سر السعادة الزوجية يكمن في قناعة الزوجين باختيارهما الموفق، وإنكار الذات، والوضوح في العلاقة، والاتفاق على أهداف محددة في الحياة· ويوضح العلماء أنه بعد الارتباط يشكل الزوجان خلية جديدة في المجتمع تحتاج إلى أركان وثوابت، أولها الابتعاد عن التفكير بالذات واحترام وتفهم قدرات الطرف الآخر، واعتماد الوضوح والصراحة في كل شيء بما في ذلك العيوب· وتفوق المرأة على الرجل اقتصادياً أو علمياً أو مهنياً أو اجتماعياً من الموضوعات الحساسة التي تحتاج إلى تناول دقيق ورقيق وبحساسية خاصة، حيث إن هناك زيجات ناضجة (بمعنى أن الطرفين سعيدان) رغم تفوق المرأة وهناك زيجات فاشلة (بمعنى تعاسة الطرفين) برغم تفوق الرجل· إذن نجاح أو فشل الزواج لا يتوقف بالدرجة الأولى على تفوق المرأة أو تواضع إمكاناتها أمام إمكانات زوجها، وخاصة إذا تحدثنا عن الإمكانات المادية فسنجد أنها لا تؤثر كثيراً على التوافق الزوجي، وأن الزيجات التي تفشل بسبب التفوق المادي للزوجة يرجع الفشل في النهاية إلى أسباب نفسية متعلقة بالتكوين النفسي للزوج، ويكون التفوق المادي هو القشة التي قصمت ظهر البعير أو هو السبب في تفجير الصراعات النفسية التي يعاني منها الرجل وخروجها إلى السطح وإطاحتها بسعادة الزوجين· أما إذا تطرقنا إلى مجالات التفوق في النضج والثقافة إذا كان في صالح الزوجة، فإننا سنجد حالات خلل حقيقية · فالشعور بالنقص لدى الزوج هو الذي يتحكم في سلوكه تجاه زوجته وموقفه منها· يحدد أفعاله وردود أفعاله ويجعله حساساً إلى درجة تجعل التعامل التلقائي معه صعباً· والحساسية بمعنى التأثر بدرجة عالية لا تتناسب مع حجم أو موضوع المؤثر أو المثير، وكذلك رد الفعل الحاد المبالغ فيه، الذي لا يتناسب مع الموقف· رأي المستشار صالحة بولقجام مستشارة في قضايا الأسرة تدلي بدلوها في موضوع تفاوت المستوى الثقافي بين الزوجين وتأثيره على الحياة الزوجين وتقول في تصريح ل "التجديد": "اقتضت حكمة الله تعالى أن تقوم الأسرة على أسس المودة والرحمة من أجل فضاء أسري تسوده السكينة، والهذه الأخيرة تتحق بمجموعة من الأمور من بينها الكفاءة بين الزوجين، وهذه الكفاءة سواء كانت على المستوى الثقافي أو غيره من أمور تعتبر أساسية في بناء الأسرة ومد جسور التواصل والحوار داخل الفضاء العام وتوطيد العلاقة الزوجية وتحقيق التقارب المنشود وخلق فضاء أسري آمن سمته الكبرى السكينة وبالتالي تصبح الأسرة الملاذ الآمن والحضن الدافئ لكل أفرادها، وفضاء لتنشئة سوية للأبناء. ويشجع التوافق بين الزوجين على العطاء المتبادل والتسامح وخلق أجواء التعاون وغض الطرف عن التقصير في أداء بعض الواجبات. ولتحقيق التقارب الثقافي لابد من تقارب على المستوى التعليمي والمستوى الفكري، ولذلك فإن الحوار بين المقبلين على الزواج في حدوده الشرعية أمر ضروري كي يطلع كل واحد على المستوى الثقافي للآخر وعلى رؤيته لكثير من الأمور وتدبيره لها. ويعتبر التكوين والإرشاد الأسري للمقبلين على الزواج أمرا ضروريا في هذا الباب. وتلعب التربية الأسرية في تنمية الجانب الثقافي للفرد، كما يساعد التوافق الثقافي بين الزوجين في التخطيط الجيد لكثير من قضايا الأسرة ومناقشتها وحسن تدبيرها". وأضافت بولقجام: "إن التفاوقت الثقافي بين الزوجين يؤدي إلى كثير من المشاكل أهمها عدم التوفق في الحوار والتواصل وينعكس ذلك سلبا على علاقتهما سواء في بعدها العام أو الخاص، كما يصعب التدبير والتخطيط لكثير من قضايا الأسرة ومناقشتها مما يؤثر على العلاقة الأسرية بشكل عام، كما يؤثر ذلك على تربية الأبناء وعلى الحوار والتواصل معهم وعلى توفير فضاء أسري تسوده المودة والمحبة وحتى في الحالة التي يحدث فيها بناء أسرة على عدم التوافق بين الزوجين يجب تدارك الأمر فالآ، المجالات مفتوحة للتثقيف والتكوين والرقي سواء في الجامعات أو في جمعيات المجتمع المدني أو عبر الأنترنت أو غيرها من الوسائل التي أصبحت الآن متاحة لكي يرتقي الإنسان بمستواه الثقافي فقط أن يكون الدفع إلى هذا الأمر بحكمة وروية حتى يتم الحصول على النتائج المطلوبة".