يعتزم تحالف الجمعيات العاملة في مجال إعاقة التوحد بالمغرب بدعم من المجلس الوطني لحقوق الإنسان و بتعاون مع "جايسي الرباط" و"التحالف من أجل النهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة بالمغرب" إطلاق حملة وطنية تواصلية حول التوحد يوم فاتح أبريل. وتستهدف هذه الحملة تعبئة الرأي العام والفاعلين الحكوميين وغير الحكوميين من أجل الاعتراف بالتوحد، وإدماجه ضمن السياسة العمومية قيد الإعداد. ويشمل برنامج الحملة طيلة شهر أبريل 2014 تنظيم عدة أنشطة لتعزيز الوعي والتعريف بالتوحد وكذا دورات تكوينية حول هذه الاعاقة. يعاني 70 ألف طفل مغربي من التوحد حسب الإحصائيات التي تقدمها الجمعيات النشيطة في هذا المجال، وتبقى هذه الإحصائيات تقريبية وغير دقيقية في غياب أرقام رقيقة حول هذه الفئة وظروف عيشها من طرف الجهات الرسمية. أما عالميا فإحصائيات المنظمة العالمية للصحة، تشير إلى أن طفلا واحدا من بين 160 طفلا في العالم يعاني مرض التوحد، وقد أقرت الأممالمتحدة في عام 2008 الثاني من أبريل من كل سنة يوما عالميا للتحسيس حول التوحد، بالنظر للتطور السريع الذي تعرفه هذه الإعاقة على المستوى العالمي إذ تكشف الإحصائيات الرسمية العالمية أن درجة تطورها تتراوح مابين 10 و 17 بالمائة سنويا. ويعد التوحد، إحدى الاضطرابات العصبية -النمائية، التي تظهر أعراضها الأولى خلال الثلاث سنوات الأولى من عمر الطفل. وتشمل هذه الأعراض الاضطرابات في التفاعل الاجتماعي والتواصل اللفظي وغير اللفظي و الاهتمامات المحصورة المصحوبة بالسلوكات النمطية. ويعد التفاعل بين الاضطرابات المذكورة والعوامل البيئية المتمثلة أساسا في التمثلات الثقافية السلبية وضعف القوانين والإمكانات المادية وغياب السياسات الدامجة، من أهم عوامل الإقصاء و التمييز الذي يواجهه الأشخاص ذوي التوحد. كما يعد الجهل و الأفكار المسبقة حاجزا أمام ولوج المصابين بالتوحد للمؤسسات التعليمية والتكوين المهني والشغل والرياضة والترفيه وغيرها من الفضاءات الاجتماعية المشتركة. أصل المرض لا تزال الدراسات العلمية تبحث في أسباب هذا المرض وطرق علاجه وهي من الامور التي ما يزال العلم يجهلها، لكن دراسة نشرت نهاية الأسبوع المنصرم في دورية "نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسين" الأمريكية أضاءت بعض الغموض الذي يحيط أصل المرض. ورجحت الدراسة أن تغيرات غير منتظمة في دماغ الجنين أثناء تكونه، أي قبل الولادة بفترة طويلة، قد تتسبب في ظهور أعراض التوحد. وتعزز هذه الدراسة الآمال المتعلقة بتحقيق فهم أفضل لحالة الدماغ، وهو ما قد يُحسن حياة الأطفال المصابين بالتوحد. ويقول فريق البحث من جامعتي كاليفورنيا وسان دييغو، ومعهد ألين لعلوم الدماغ في سياتل، إن الدراسة تؤكد أيضا على أهمية التشخيص والعلاج المبكر. وكان الباحثون قد اختبروا أنسجة مأخوذة من أدمغة 22 طفلا من المصابين وغير المصابين بالتوحد تتراوح أعمارهم بين عامين و15 عاما. وأجرى الباحثون فحوصات للجزء الخارجي من الدماغ، أي ما يعرف بالقشرة المخية، وذلك لرؤية كيفية تشكيلها لطبقات الدماغ. ووجد الباحثون تطورات غير طبيعية في هذه العملية لدى 90 بالمئة من الأطفال المصابين بالتوحد، مقارنة بعشرة في المئة من الأطفال غير المصابين. كما قال الباحثون إن التغيرات التي لاحظوها في الدماغ كانت في المناطق المتعلقة بالتواصل الاجتماعي، والعاطفي، واللغوي. وأشار فريق البحث إلى أن طبيعة هذه التغيرات التي تحدث في الدماغ تفسر تحسن بعض حالات الأطفال الصغار المصابين بالتوحد إذا ما تلقوا علاجا مبكرا. وقال إريك كورشيسني، المتخصص في علم الأعصاب: "إن حدوث هذه التغيرات على شكل رقعات غير منتظمة، وليس في كل القشرة المخية، يعطينا الأمل، بالإضافة إلى رؤية أوضح لطبيعة مرض التوحد." ويضيف توماس إنسل، مدير المعهد القومي للصحة العقلية في أمريكا: "تكرر هذا التكوين غير المنتظم للدماغ لدى بعض الأطفال المصابين بالتوحد، ويمكننا أن توقع أن العملية تبدأ قبل الولادة بفترة طويلة."