كشفت وثيقة قديمة أو مفبركة منسوبة لإحدى مندوبيات وزارة الأوقاف زيف ما تنقله جريدة "الأخبار" لمديرها "رشيد نيني"من أخبار دون تثبت أو تمحيص و هو ما يقدح في مهنيتها و يضع على المحك الإحترافية المزعومة لليومية التي لم تكلف إدارةُ نشرها و تحريرها نفسها عناء التأكد و التثبت من صحة ما تنقله من أخبار. فهل هو خطأ جديد يكتشف معه القارئ أن رجال مهنة المتاعب في طاقم جريدة "الأخبار" اختاروا صيغة أكثر أريحية و أقل تكلفة للحصول على الأخبار؟ و تجدر الإشارة إلى أن جريدة "الأخبار" لصاحبها "رشيد نيني" نشرت في عددها ليوم الإثنين 17 مارس 2014 خبرا يفيد الجزم مبنيا على وثيقة تم تداولها على مواقع التواصل الإجتماعي "فيس بوك" على نطاق واسع منسوبة إلى مندوبية وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية بالحي الحسني بالدار البيضاء تدعو فيه المؤذنين إلى ضبط مكبرات الصوت عند التهليل و الآذان لصلاة الفجر و تخفيضها إلى الحد الأدنى نظرا لما يسببه للسكان من الإزعاج و القلق. و هو ما تأكد لاحقا عدم صحته خصوصا أن المنشور تضمن مميزا (لوغو) قديما للوزارة لم يعد معتمدا بالإضافة إلى أرقام الهاتف و الفاكس على الصيغة القديمة المكونة من تسعة أرقام بدل عشرة. و حسب مصادر موثوقة فإن الوثيقة إما أنها مفبركة أو قديمة و لا علاقة لها بالحكومة الحالية خصوصا و أن وزيرة في الحكومة السابقة دعت إلى نفس الأمر سنة 2008، و حسب مندوبية الأوقاف بالدار البيضاء فإن هذه الأخيرة لم تُصدر أي قرار مماثل كما أفاذ بذلك أحد المواقع الإخبارية. و على سبيل التذكير فإن هذه ليست أول مرة يخطئ فيها أحد صحافيي أو محرري طاقم جريدة "الأخبار" ففي شهر دجنبر المنصرم وصف وزير النقل و التجهيز واللوجستيك الحالي بالإفتراء و الكذب عليه ما جاء في مقالات أحد مراسلي ذات الجريدة بمدينة القنيطرة بخصوص "حجز سيارته وخرقه لقانون السير وعدم أدائه لواجبات المخالفة" و رد الوزير عليه في رسالة موجهة لإدارة الجريدة يبين فيها زيف ما ذهب إليه المراسل المذكور مع الوثائق التي تثبت ذلك. كما أن المتتبعين للصحافة الوطنية ما زالوا يتذكرون ما تناقلته عدة منابر إعلامية و اعتبرته سرقة أدبية لمقال تعود ملكيته لمدونة إماراتية من طرف الممثلة و المخرجة و الكاتبة "بشرى إيجورك" التي دأبت على نشر كتاباتها على جريدة "الأخبار" و قد اعترفت المعنية بالأمر بخطأها مبررة ذلك بالعودة إلى مقال سجلته بقائمة حاسوبها باسمها منذ 2011 كي تكتشف بمجرد صدوره أنه مقال منشور منذ 2002 أو2008 و بأنه يعود لكاتبة خليجية؛ و من غريب الصدف أن المقال المسروق يحمل عنوان: "خطأ.."، و تم نشره بجريدة "الأخبار" في عدد 357 ليومي 11 و 12 يناير 2014. و على ضوء هذه النماذج من الأخطاء التي تقوض مبدأ قدسية الخبر في الممارسة الإعلامية و تسيء إلى "صاحبة الجلالة" كما تعارف أهل السلطة الرابعة على إطلاق هذا اللقب على الصحافة و تجعل القراء يقفون إزائها موقف الشك و الريبة، (على ضوء هذه النماذج من الأخطاء) نتسائل عن مدى ثبات و صمود قاعدة "الصحفي لا يُسأل عن مصادره" أمام الوسائل التواصلية الحديثة كمواقع التواصل الإجتماعي و على رأسها "فيس بوك" التي و كما يبدو أنها أصبحت أسرع وسيلة لنشر الأخبار بل أضحت مصدرا مكشوفا من مصادر الخبر كما هو الأمر بالنسبة لجريدة "الأخبار" في ما بات يعرف بمنشور خفض صوت الآذان. فهل صار الصحفي المحترف ينحرف عن الطرق التقليدية الناجعة للحصول على الخبر من مصادره و يختار بملئ إرادته أن يكون جزء من الإشاعة بدل أن يبين الحقيقة للناس حسب ما يمليه عليه ضميره المهني و أخلاقيات و أدبيات مهنة المتاعب؟ و عليه فإن المأمول، بعد تواتر حالات الكذب الإعلامي و اتساع هامش الخطأ الصحفي و ضمور الضمير الأخلاقي المهني، أن يتوخى القارئ و الرأي العام الحذر و يتحرى الصدق في ما يتم نشره عبر مختلف المنابر الإعلامية و أن يحرص على الرجوع إلى الذاكرة الإعلامية الجماعية حتى يتسنى له التمييز بين المنابر التي تنقل الخبر من أجل الحقيقة و بين المنابر التي تصنع الخبر من أجل الإشاعة، فذلك سبيل المواطن إلى قطع الطريق على من يمتهن الراحة لإتعاب الآخرين مدعيا أنه من أصحاب مهنة المتاعب و ليس بينه و بين مهنة المتاعب إلا الخير و الإحسان كما يقال.