كشف التقرير الذي قدمته اللجنة البرلمانية الاستطلاعية صباح أمس بمجلس النواب العديد من الاختلالات والتجاوزات التي تعرفها قنوات قطب الإعلام العمومي، وفي مقدمتها استحواذ شركات إنتاج محدودة على نصف البرامج والصفقات المتعلقة بالإنتاج الخارجي بمختلف القنوات، كما أكدت اللجنة البرلمانية أن مسؤولي "دوزيم" رفضوا تسليم اللجنة لائحة بأسماء شركات الإنتاج التي تعاملت معها وعن طبيعة البرامج التي استفادت منها وعن التكلفة المادية لذلك وهو نفس الأمر الذي تكرر مع مسؤولي قناة العيون الجهوية. تقرير المهمة الاستطلاعية المنبثقة عن لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، أكد خضوع الترقي وتولي المناصب العليا داخل القنوات لمنطق الولاء والقرب من المسؤولين، ووجود غموض كبير يكتنف موضوع التوظيف وتحديد شركات الإنتاج المتعامل معها، كما وقفت اللجنة كذلك على غياب مواثيق ومجالس للتحرير بالقطب العمومي، مع مركزية مبالغ فيها للقرار خاصة على مستوى الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، فضلا عن محدودية فاعلية المجالس الإدارية لمختلف الشركات بالإضافة إلى ضعف وسائل المراقبة والافتحاص الداخلي. تقرير المهمة الاستطلاعية الأول من نوعه، الذي شاركت فيه مختلف الفرق النيابية بمجلس النواب، واستغرق إعداده أزيد من سنة، خلص إلى ما اعتبره غموضا في ما يهم اللجوء للإنتاج الخارجي ومنهجية انتقاء البرامج وتحديد شركات الإنتاج الخاصة، وأيضا افتقاد معايير الشفافية والنزاهة في كل ما يتعلق بإنجاز الأعمال التلفزية لشركات الإنتاج الخاصة. على مستوى القناة الثانية "دوزيم" قالت اللجنة إن كل من استمعت إليهم أكدوا لها الحاجة الماسة إلى أطر وكفاءات جديدة. وأكد ممثلو العاملين بالقناة الثانية غياب أي نظام واضح وشفاف لإسناد المهام وأنها تخضع لمنطق الولاء والقرب من المسؤولين مقابل تهميش وإقصاء الطاقات خاصة في مديرية الأخبار، كما سجل بذات القناة التمييز بين العاملين في القسم الفرنسي عن زملائهم في القسم العربي خاصة بمديرية الأخبار. النقابيون شددوا على أن جملة مشاكل القناة تتصل بنموذجها الاقتصادي وبخطها التحريري، مسجلين غياب أي ميثاق أو مجلس للتحرير، وسوء تدبيرالموارد البشرية وتهميش عدد من الأطر والطاقات مما اضطر بعضها للمغادرة. وبخصوص الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة سجل العاملون بها أن الانتقال من المؤسسة إلى الشركة اتسم بالارتجال مما أثر على المنتوج والأداء، وأن التعيينات في المناصب العليا لا تخضع للتباري حسب القانون وتغيب عنها الشفافية وتكافئ الفرص، وأن الإنتاج يعرف احتكار بعض شركات الإنتاج المحدودة لنصف البرامج والصفقات وأن عدد المتعاقدين يتجاوز عدد العاملين الرسميين في العديد من المديريات. وكشف التقرير أن الهيكلة المعتمدة بالشركة الوطنية أصبحت متجاوزة، حيث يسجل تضخم في عدد المديرين المركزيين والذي بلغ 26 مديرا مع ملاحظة إحداث مديريات دون حاجة إليها وتأخر في تنفيذ برامج التكوين، وبخصوص الحوار بين الإدارة والفرقاء أبان التقرير أنه غير منتظم ولا التزام بنتائجه. كما وقف التقرير الذي هم سنة 2012 على إنفاق القسط الكبير من الميزانية في الجانب التقني، واللجوء في التوظيف إلى توقيع عقود عمل مع أشخاص خارج الشركة مع وجود طاقات داخل الشركة، كما سجل أن شروط العمل داخل المقر غير مناسبة وان تمت تفاوت كبير في الأجور بين المدراء عموم العاملين. وعن قناة العيون الجهوية سجل التقرير غموض مسطرة الاستفادة من المنح المالية مع حرمان البعض منها عقابا له، وإصدار قرارات تأديبية في حق البعض دون إحالتهم عن المجلس التأديبي، ووجود المركزية الشديدة في تدبير الشؤون الإدارية . تقرير اللجنة سجل كذلك تغيب الفرق الموسيقية المحلية لصالح الفرق الموريتانية، والتعاقد مع شركات من طرف المدير دون الرجوع للجنة القراءة التي سبق أن شكلها المدير لتلقي العروض ودراستها، كما وقفت اللجنة عند استفادة شركات إنتاج لا تتوفر على ترخيص المركز السينمائي المغربي. وذكر العاملون أن المهام والمسؤوليات تسند دون مسطرة واضحة ولا نظام شفاف والمعطى القبلي محدد في الموضوع، وقالوا أيضا بتراجع شبكة البرامج وهيمنة شركة واحدة على الإنتاج مع دلائل ووثائق وشركات تقوم حتى بمهام الحراسة والنظافة وأن الميزانيات تخصص بشكل كبير لبرامج دون أخرى دون معايير واضحة. اللجنة الاستطلاعية رفعت عددا من التوصيات في الأخير تعد إجابة عن كل الإشكالات والاختلالات التي تم الوقوف عليها، ومنها وضع مواثيق ومجالس للتحرير لكل القنوات، وإنشاء مقرات جديدة خاصة بالنسبة للشركة الوطنية ومكتب قناة العيون الجهوي بالداخلة، فضلا عن إرساء أنظمة وقوانين واضحة وشفافة ونزيهة وتعكس تكافؤ الفرص بين مختلف الفاعلين والطاقات في كل ما يهم الترقية وتولي المناصب العليا والتعامل مع شركات الإنتاج وغير ذلك.