لم تتوضح بعد أسباب ودوافع اختطاف المعتقل الإسلامي الجزائري "محمد بورويس" من السجن المركزي بالقنيطرة يوم 18 يناير2003 ، ولم نجد أي جواب رسمي يجيب عن مجموعة من التساؤلات المتعلقة بهذا الاختطاف الذي جاء خارج القوانين المعمول بها في هذا المضمار. فإدارة السجن المركزي بالقنيطرة عبرت على لسان مديرها في لقاء مباشر معه بعد عملية اختطاف "بورويس" عن جهلها لأسباب هذا الاختطاف و"أن الأمر يتعلق بتنفيذ تعليمات". وبالنسبة للبلاغ الصادر عن وزارة العدل المغربية، فكان متحيزا لما أقدمت عليه مديرية إدارة السجون بالرباط والمديرية المحلية للسجن المركزي، وحاول إضفاء الطابع القانوني على عملية الاختطاف، وذلك بتحريف مواد قانون السجون، والادعاء بأن الاختطاف هو مجرد ترحيل من مؤسسة سجنية إلى أخرى، وأنه جاء وفق الضوابط القانونية لعملية الترحيل كالمادة 29 من القانون المذكور والمادتين 21 و22 من المرسوم التطبيقي له، كما اعتبرت وزارة العدل أن حالة ترحيل "محمد بورويس" هي حالة من 18 ألف حالة ترحيل تقع سنويا. فبداية نؤكد أن هذا الموقف أو الطرح للوزارة جاء مخالفا للقانون، حيث عمدت إلى تحريف مضمون نصوص قانون السجون، كما هو الشأن بالنسبة للمادة 29 منه التي تنص على ما يلي: "يوزع المدانون على المؤسسات المخصصة لتنفيذ العقوبات المشار إليها في المادة 8 أعلاه على أن يراعى بصفة خاصة عند التوزيع، جنس المعتقل وسكنى عائلته وسنه وحالته الجنائية وسوابقه وحالته الصحية البدنية والعقلية ومؤهلاته وبصفة أعم شخصيته، وكذا النظام السجني الذي يخضع له قصد إعادة إدماجه الاجتماعي" وفي المادة 8 المشار إليها في المادة السابقة جاء ما يلي: "المؤسسات المخصصة لاستقبال المدانين هي: 1. السجون المركزية 2. السجون الفلاحية 3. السجون المركزية 4. مركز الإصلاح والتهذيب تتوفر هذه المؤسسات على تنظيم إداري ونظام أمني داخلي يهدف إلى تأمين وتطوير سبل إعادة إدماج المدانين في المجتمع" أما المادة 9 من القانون نفسه فهي تخصص السجون المركزية لإيواء المحكوم عليهم بعقوبات طويلة الأمد. ونستخلص مما سبق أن المعتقل الإسلامي "محمد بورويس" سبق له أن كان موجودا في السجن المحلي بسلا أثناء المحاكمة العسكرية للمجموعة الإسلامية المغربية _ الجزائرية سنة 1996، والتي كان من ضمنها، ثم بعد صدور الحكم، رفضت مديرية إدارة السجون بقاءه في السجن نفسه تحت مبرر أنه محكوم بعقوبة طويلة الأمد مدتها 14 سنة، وأن مكانه هو السجن المركزي بالقنيطرة. فالمادة 29 كان العمل جاريا بها في حق المعتقل المذكور حتى قبل أن يظهر قانون السجون إلى الوجود وينشر في الجريدة لرسمية سنة 1998. أما فيما يتعلق بالمادة 21 من المرسوم التطبيقي للقانون المنظم للسجون، وهي قاعدة قانونية تنظيمية، فتنص على ما يلي: " يعين مدير إدارة السجون وإعادة الإدماج أعضاء لجنة التصنيف التي تقوم بتصنيف وتوجيه وتوزيع المدانين على المؤسسات السجنية، والتي عليها أن تراعي المقتضيات المنصوص عليها في المادة 29 من القانون المتعلق بتنظيم وتسيير المؤسسات السجنية" من خلال هذه المادة لا يقبل قانونا أن تقوم لجنة للتصنيف بناء على المادة 29 بمنع "بورويس" من البقاء في السجن المحلي بسلا هو وأفراد مجموعته في المرة الأولى، ثم يساق إلى نفس السجن بسلا بناء على المادة نفسها، بينما لم يقض العقوبة طويلة الأمد. والمادة 22 من المرسوم التطبيقي في الفقرة الخامسة منها تنص : " يمكن إعادة النظر في توزيع المدانين خلال تنفيذ العقوبة إما تلقائيا أو بطلب منهم أو من عائلاتهم أو من الأشخاص الذين يهمهم أمرهم، وذلك اعتبارا لسلوكهم أو مدى قابليتهم لإعادة إدماجهم في المجتمع وكذا لسنهم ولحالتهم الصحية بما فيها حالة الإعاقة" فهذه الفقرة لا تنص على إلزامية إعادة النظر في توزيع المدانين خلال تنفيذ العقوبة، بل تنص على وجود الإمكانية فقط، هذا من جهة، أما من جهة أخرى فربطت الفقرة المذكورة بين هذه الإمكانية وأربعة أطراف أخرى معنية بإعادة التوزيع والترحيل، فبالإضافة إلى مديرية إدارة السجون، هناك المعتقلون وعائلاتهم والأشخاص الذين يهمهم أمر المعتقلين، كما أن عملية الترحيل مرتبطة بعناصر أخرى وهي سلوك المعتقلين وقابليتهم للإدماج وسنهم وحالتهم الصحية. فإذا كان المعتقل الإسلامي بورويس يستحق إعادة ترحيله إلى سجن محلي، فإنه لم يشفع له ذلك عند إدار السجون لا سلوكه ولا قابليته للإدماج ولا سنه ولا حالته الصحية، ولم يطالب بإعادة ترحيله إلى السجن المحلي بسلا، ولم تطالب ذلك عائلته ولا أحد يهمه أمره. فإذا تم ترحيل "برويس" بناء على مقتضيات القانون، فلماذا لم يتم ترحيله إلى السجن المحلي بوجدة لتقريبه بالفعل من عائلته القاطنة بتلمسان بالجزائر؟ بل لماذا حرم أفراد مجموعته من إعادة التوزيع والترحيل، خاصة منهم من هو مرمي في سجن محلي في منطقة الغرب ويطالب منذ سنوات فقط بترحيله إلى السجن المركزي بمدينة القنيطرة. بالإضافة إلى هذه الخروقات القانونية يمكن إضافة عدم إخبار المعني بالأمر بقرار الترحيل، هذا إذا كان القرار فعلا هو الترحيل وليس الاختطاف، كما أن بورويس لم يخضع طبقا للمادة 62 لفحص طبي مسبق قبل ترحيله إلى سجن آخر، علما بأن هذه العملية وقعت يوم عطلة الأسبوع. وإذا كانت عملية الترحيل أيضا تمت بصفة قانونية، كما تدعي وزارة العدل، فلماذا تتم مساومة بورويس بالزيادة في حصص اللحم والدجاج المخصص له داخل السجن، للضغط عليه للقبول بالسجن المحلي بسلا، وبالتالي تحويل الاختطاف إلى ترحيل قانوني. المحاكمة العسكرية 94 96