سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
جلالة الملك محمد السادس: التأهيل الذي نعتمده لتربية وتكوين أجيالنا لا ينبغي أن يقتصر على بعديه العلمي والتكنولوجي فحسب وإنما يجب أن يشمل التربية والثقافة الفكرية والدينية المنفتحة تحصينا للشخصية المغربية من الاستلاب والتنكر للقيم
أكد صاحب الجلالة الملك محمد السادس أن ثورة الملك والشعب ليست مجرد حدث عابر وإنما هي مسيرة متواصلة لرفع التحديات على تعاقب الأجيال والأزمان. وأوضح جلالة الملك في خطاب وجهه مساء اليوم الجمعة إلى الأمة بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب أن السلاح الأساسي في تحقيق ذلك هو التحلي بقيم الوطنية المرتكزة دوما على التضحية من أجل سيادة المغرب وعزته واعتبار التشبث بمقدساته وبثوابته وصيانة حقوق مواطنيه وأمنه واستقراره والدفاع عن وحدته الوطنية والترابية ومواجهة أدنى مس بها ، جوهر حب الأوطان. وذكر صاحب الجلالة بأن الوطنية التي تمثلت بالأساس بالنسبة لجيل التحرير في مقاومة الاستعمار القديم ، تقوم بالنسبة للأجيال المعاصرة على التعبئة الشاملة وتحرير الطاقات لمكافحة المعضلات الصعبة للأمية والفقر وبطالة الشباب واتساع التفاوتات الاجتماعية والمجالية وكسب رهانات التحديث الديمقراطي والرفع من مستوى التنمية البشرية والإنتاج الاقتصادي والنهوض بالاجتهاد الفكري والإبداع الفني. وشدد صاحب الجلالة على ضرورة عدم اختزال المواطنة في مجرد التوفر الشكلي على بطاقة تعريف أو جواز سفر وإنما يجب أن تجسد في الغيرة على الوطن والاعتزاز بالانتماء إليه والمشاركة الفاعلة في مختلف أوراش التنمية وتوسيع إشعاعه العالمي. وقال جلالة الملك بهذا الخصوص " فأن تكون مغربيا معناه الجمع بين التشبع بثوابت الهوية المغربية الموحدة الغنية بتعدد روافدها وتقاسم القيم والتطلعات المشتركة للأمة وبين التفاعل الإيجابي مع مستجدات حضارة العصر والانخراط في مجتمع المعرفة والاتصال". وأضاف جلالته أنه ، لهذا السبب ، جعل من تأهيل الموارد البشرية للبلاد والتي هي عماد الاقتصاد الجديد " رأسمالنا الحقيقي وهدفنا الاستراتيجي لاكتساب المعرفة العلمية الدقيقة والتكنولوجيا المتطورة اللتين هما السبيل القويم للخروج من التخلف ومواكبة التقدم". وأكد صاحب الجلالة أنه بدون ذلك فإن الأجيال الصاعدة ستواجه " أمية جديدة هي أشد خطرا من الأمية التقليدية التي لا سبيل لمواجهتها إلا بالمعرفة النافعة والعمل الجاد والتنظيم المضبوط". بيد أن هذا التأهيل الذي نعتمده لتربية وتكوين أجيالنا - يقول جلالة الملك - لا ينبغي أن يقتصر على بعديه العلمي والتكنولوجي فحسب وإنما يجب أن يشمل التربية والثقافة الفكرية والدينية المنفتحة تحصينا للشخصية المغربية من الاستلاب والتنكر للقيم التي جعلت المغاربة يتغلبون على الشدائد منتصرين في كل منعطفات التاريخ. وأوضح جلالة الملك أن الهوية المغربية تقوم على ثوابت راسخة لا قوام لشخصية المغاربة بدونها من عقيدة إسلامية سمحة وملكية دستورية مؤكدا حرص جلالته على تحصين ووقاية المجتمع المغربي من مخاطر التعصب والتزمت والانحلال المحدقة بالعالم في عصر يسوده اهتزاز المرجعيات العقائدية وتصاعد الأصوليات الهوجاء. ودعا كل المؤسسات والهيئات والجمعيات المؤطرة للمواطن والمجتمع إلى العمل على ترسيخ منظومة القيم الأخلاقية الرفيعة التي تشكل جوهر الحضارة المغربية العريقة قبل أن تكون مرجعية كونية. وأشار صاحب الجلالة إلى أن ذلك لن يتأتى إلا بتنشئة الشباب على المواطنة الإيجابية المتمثلة في "تحمل الأمانة بدل التملص من المسؤولية والالتزام باحترام القانون وبترابط الحقوق بالواجبات وعدم الخلط بين الحرية والتسيب والتحلي بالإقدام والتضامن بدل التواكل والانتهازية والأنانية وتشجيع المواهب المبدعة والمنتجة عوض إشاعة الإحباط والإعاقة والتيئيس فضلا عن التشبع بالوسطية والتسامح والعدل وحسن الجوار والسلام ونبذ التطرف والكراهية والتفرقة والإرهاب والعدوان النص الكامل للخطاب الملكي: http://www.map.co.ma/mapara/discours/sm%20Révolution%20du%20Roi%20et%20du%20Peuple(20-08-04).htm