كممارس بمكتب عمومي، ومن خلال الحديث مع فئات عريضة من المعنيين بالزواج المختلط يتضح أن هذا الزواج قلما يهدف إلى تحقيق المقاصد الشرعية للدين الإسلامي، وإنما يتخذ في كثير من الأحيان ذريعة أو وسيلة لتحقيق مآرب ومقاصد مادية دنيوية كالحصول على جواز سفر أو تأشيرة للمرور إلى البلدان الغربية، وفي الوقت نفسه قد تكون للزوجة أو للزوج الأجنبي نية غير واضحة المعالم، يخشى منها على الأمن العام للدولة. ولقد تنبهت الوزارة الوصية في هذا المجال إلى خطورة هذا الأمر، إذ أن الزواج المختلط تشوبه شوائب عديدة قد تضر بالمواطن المغربي، سواء كان زوجا أو زوجة، وكذا بالأمن العام للدولة، وأصدرت في هذا الشان عدة منشورات إلى الجهات المختصة والمعنية بالأمر، وأذكر هنا المنشور عدد 854 المؤرخ في 19 جمادى الثانية 1399 (17 ماي 1979)، ثم المنشور عدد 929 المؤرخ في 13 جمادى الثانية 1402 (8 أبريل 1982)، وأخيرا المنشور عدد 6|95، وتنصب كلها في التحذير من العواقب والنتائج السلبية للزواج المختلط، وفي نفس الوقت تدعو الجهات المختصة من وكلاء للملك والقضاة والعدول من أجل القيام بالتحري والبحث والتدقيق ليكون العقد مطابقا لقواعد الفقه الإسلامي. فمن خلال الحالات التي صادفتها والتي يكون الأجانب فيها طرفا في الزواج، فإن هؤلاء يعتنقون الإسلام صادقين أو غير ذلك ويشهدون أنهم ينبذون دين النصرانية لأنه دين كفر وشرك ويدخلون في الدين الإسلامي لأنه الدين الذي ارتضاه الله لعباده المؤمنين، إلا أن الحقيقة الغائبة عند هؤلاء أنهم يتزوجون من فتيان أو فتيات مغربيات جاهلات بأمور الدين وغير ملتزمات بأحكامه، وغالبا ما يكون قصدهن هو الاستفادة المادية من الزوج الأجنبي وبالتالي الحصول على أوراق الإقامة بالخارج، وبالتالي فإن هذا الزواج لا يراعي في كثير من الأحيان ما ثبت في السنة في اختيار الزوج أو الزوجة، وإنما يتم ذلك عن طريق وساطات بعيدة أيضا عن التدين الصحيح. والسؤال المطروح باستمرار هو ما مصير هذا الشخص الأجنبي الذي اعتنق الدين الإسلامي واقترن بزوجة مسلمة كما ذكرنا؟ لقد سبق بحكم العمل أن قمنا بتنبيه بعض المعنيين بالأمر بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم في دعوة وتعليم الأجانب مبادئ الدين الإسلامي، كما أن هؤلاء الأجانب يحتاجون أيضا إلى رعاية من الدعاة وأئمة المساجد وجماعات الدعوة. ابراهيم زيدي