تعتبر المدرسة المصباحية من المدارس التاريخية بمدينة فاس، كانت مزارا لنهل علوم الفقه والفلك لقرون عدة، شيدها أبو الحسن المريني عام 1344م/745ه، وتحمل اسم أول أساتذتها وهو أبو الضياء مصباح بن عبد الله اليالصوتي (ت 750ه). تقع المدرسة قرب جامع القرويين، قطن بها كثير من أعلام فاس مثل سيدي مبارك بن عبابو الكوش، وسيدي حسين الزرويلي؛ وسيدي أحمد بن علي السوسي إلى وفاته عام 1046 ه، وسيدي محمد بن أحمد وسيدي قاسم بن قاسم الخصاصي، الذي كان يقطن بها ويجلس بالقرويين. وتتألف المدرسة من من بنايتين متجاورتين تحيط كل واحدة منها بصحن و تتوفر على العديد من الغرف التي كانت تؤوي الطلبة، بالإضافة إلى المرافق الصحية و قاعتين للدرس والمراجعة و الاستقبال . و تميزت عمارة هذه المدرسة بالمرمر الأبيض الذي جلب من الأندلس. و قد جلب لها أبو الحسن من ألمرية الإسبانية بلية من الرخام الأبيض زنتها مئة قنطار و ثلاثة و أربعون قنطاراً، و سيقت من ألمرية إلى مدينة العرائش إلى أن طلعت بوادي قصر عبد الكريم عبر وادي سبو إلى أن وصلت إلى ملتقى وادي فاس، و جرها الناس إلى أن وصلت إلى مدرسة الصهريج التي بعدوة الأندلس، و ثم نقلت منها بعد ذلك بأعوام إلى المدرسة المصباحية، و التي ستعرف فيما بعد بمدرسة الرخام نسبة إلى هذه البلية العظيمة و الفاخرة، و هي الآن التي بوسط صحن المدرسة في حالة يرثى لها. تضم هذه المدرسة التي تدين باسمها للفقيه المصباحي، أول فقيه قام بالتدريس فيها، طابقاً أرضياً وثلاثة أدوار، دمر الأخير منها تدميرا كلياً. لاتتوفر المدرسة على محراب، وبالتالي ليس لها مصلى، وإنما لها قاعة للصلاة جميلة مربعة، مدخلها عجيب وينفتح بواسطة قوسين مزدوجين ومتطاولين، تزين بطنيهما أكاليل زهرية. تتميز الفتحة الكبيرة المشرفة على الواجهة الشمالية للصحن بتركيبة فريدة في العمارة الدينية المرينية، أو على الأقل في فاس. تتكون هذه الفتحة من عقدين مزدوجين، يستندان على أعمدة رخامية، اختفت تلك التي كانت قائمة في الجوانب. وأحيطت العقود بشريط يحوي نقيشة كتابية زخرفية، تعلوها ثلاثة عقود مخرمة، كانت فيما مضى مزينة بتشبيكات من الجبس ذات زخارف زهرية. وقد توج المجموع بعقد خشبي محفور، ومزين بسلسلة من الحزوز الممتدة حتى حد القرميد الأخضر. أحيطت هذه الفتحة الفريدة بعقود صغيرة مصمتة، تعلوها تشبيكات هندسية جصية ( شبكة من المعينات)، لقيت تقديراً عالياً من طرف الفنانين المرينيين؛ وتفضي بواسطة ممر ملتو إلى صحن يشغل وسطه صهريج من الرخام الأبيض تم إحضاره من ألميرية، وأحيط برواقين جانبيين، تحملهما عضادات تستند عليها سواكف خشبية. تضاهي قطع الزليج والخشب المنقوش والجصيات كل منها الأخرى وتتنافس، هنا كما في أي موضع آخر، على المساحات الحرة، منظمة وفق تكرار منفذ بمهارة عالية. تستوعب المدرسة عدداً من الطلاب يصل إلى 140 طالبا، كانوا يؤمونها من شتى مناطق البلاد. لكن الملحقات اختفت بصورة كلية منذ بداية القرن، وتأذت المدرسة من التلف الذي أحدثه الزمن ومن التدخلات التي تفتقر للمهارة. كما تداعت قبة قاعة الصلاة وسقفيات دار الوضوء وبعض الحجرات. ورغم ذلك، لازالت البناية تحافظ على بعض النماذج الأصيلة للزخارف المرينية الكتابية والزهرية والهندسية. وقد تم الشروع في أعمال الترميم في بداية سنوات 1990.