يقع الجامع الكبير بمدخل حي مولاي عبد الله بفاس الجديد؛ وهو جامع القصر على الفترة المرينية إذ كان مرتبطا بالقصر المريني بواسطة ممر مباشر، وكان يحتضن الصلوات والدروس التي يحضرها السلطان. وهو الجامع الأعظم من المدينةالبيضاء، أو الجامع الأعظم بفاس العليا، أو جامع السلطان بالمدينةالبيضاء، أو جامع المشور أو الجامع الكبير من فاس الجديد. ويبقى المسجد الكبير بفاس، أول مسجد بني في العهد المريني بالمغرب، إذ انطلقت عملية بناء هذا الصرح، وفق ما ذكره مؤلف «الدخيرة السنية»، في شهر شوال من سنة 674 ه / 1275 ميلادية، وانتهت في رمضان من سنة 677 هجرية المافق لسنة 1278 ميلادية. وشيد المسجد الكبير بفاس في عهد أبي يوسف يعقوب، ثم خضع لعملية تجديد على عهد السلطان أبي عنان المريني سنة 778/ 1378، وشهد عدة إصلاحات على عهد أبو فارس المريني سنة 1395م. أما خزانة المسجد فقد أحدثت من طرف السلطان العلوي المولى راشد سنة 1668م. ويتسم هذا المسجد بانتظام جيد، وتبلغ مساحته 53 مترا في العمق و33 مترا في العرض، يتميز الجامع بتصميم منتظم ودقيق، ويتألف من قاعة للصلاة مكونة من بلاطات متعامدة مع جدار القبلة يتوسطها بلاط أوسط ويتقدمها بلاط مواز لجدار القبلة يتميزان معا بنفس العرض مما يسمح بالحصول على فضاء مربع أمام المحراب يستقبل قبة مزخرفة زخرفة جصية رقيقة وغنية تجسد خصوصيات الجمالية الزخرفية على عهد المرينيين. خصص الجزء المتبقي الذي يحتل ثلث المساحة الإجمالية للمسجد لصحن مكشوف كسيت أرضيته بالزليج وزين وسطه بصهريج مستطيل يرتبط بقناتين وخصتين. كما أحيطت جوانبه الثلاث برواق يرتكز، كما هو الحال في قاعة الصلاة، على سواري مبنية من الاجر المشوي. وفي الزاوية الشمالية الغربية للمسجد، ترتفع صومعة مربعة الشكل يصل ضلعها إلى 5.70 وعلوها إلى 22.80 متر، غطيت هذه الصومعة بزخرفة متناسقة على واجهاتها الأربع، كللت في الجزء العلوي بشريط عريض من الزليج.ويتخذ بيت الصلاة شكلا شبه مربع، ويضم سبع بلاطات طولية يشكل البلاط المحوري مع البلاطة المحاذية لجدار القبلة مخططا يشبه حرف التاء اللاتيني، وتعلو محور البيت قبتان، الأولى أمام المحراب والثانية عند حدود الرواق المجيز، وهو تنظيم يذكرنا بالمسجد الكبير بالقيروان. وينتظم الصحن في شكل مستطيل عرضه أكبر من عمقه، تحيط به اروقة ويزين مركزه صهريج للوضوء، وفي الزاوية الشمالية الغربية تنتصب الصومعة وتشكل بالإضافة إلى قاعة جنائيزية «جامع الجنائز»، تقع وراء جدار القبلة أبرز مكونات هذا المركب المعماري.