جامع الحمراء، بناه السلطان أبو الحسن سنة 1331 ميلادية، يتواجد بفاس العليا قرب السوق غير البعيد عن روضة سيدي أبي شعيب، بباب البلاغمة، وضريح سيدي حسين طرطورة، حيث ولي الخطابة سيدي محمد بن محمد السرغيني المتوفى عام 1164 ه، المسجد ذو تصميم مطابق تقريبا لتصميم الجامع الكبير بفاس الجديد، ومخططي المساجد المرينية في تلمسان، وخاصة مسجدي العباد وسيدي الحلوي. يتميز جامع الحمراء بمقاييسه المتواضعة، ويتمدد فوق مساحة مستطيلة عمقها أكبر من عرضها، تتكون من بيت للصلاة وصحن مكشوف وصومعة وقاعة جنائزية، تتألف قاعة الصلاة من خمسة بلاطات متعامدة مع جدار القبلة، ينتصب المحراب وسط هذا الأخير، وتحيط بجانبيه غرفة الإمام وبيت المنبر، ووراء الجزء الجنوبي الشرقي للقبلة ترتفع غرفة مخصصة لاستقبال نعوش الموتى، بينما تنتصب أمام المحراب قبة يذكر موضعها بالمساجد المرابطية. يتقدم بيت الصلاة صحن يتخذ شكلا مستطيلا عرضه أكبر بعض الشيء من عمقه، مزين في مركزه بفسقية للوضوء، ومحاط بأروقة تمثل في الأصل امتدادا للبلاطات الجانبية في بيت الصلاة، وفي نفس محور المحراب، تتواجد تقويرة متعددة الأضلاع حفرت في عتبة مدخل بيت الصلاة لتوجيه المصلين نحو القبلة أثناء أداء صلواتهم في الصحن، أما الصومعة فهي تتخذ شكلا متعدد الزوايا، كما هو الشأن في المسجد الكبير بفاس الجديد. وحافظ الجامع شأنه شأن باقي المساجد التي بنيت في عهد المرينيين، على تقليد البلاطات العمودية في المساجد المرينية، وتظل المساجد المرينية تتميز بالعديد من الخاصيات المحددة، فهي ذات مساحات صغيرة، مقارنة مع المساجد المشيدة من لدن الموحدين، ومن المحتمل أن يكون السبب الكامن وراء المقاييس المصغرة للمساجد التي ترجع إلى هذه الفترة إلى الميزانية المخصصة من طرف الدولة المرينية التي كانت سياستها تهدف في المقام الأول إلى بناء المدارس في أغلب المدن المغربية. وترسم المساجد المرينية في أغلب الحالات مستطيلات عمقها أكبر من عرضها، ويكون فيها الصحن على شكل مستطيل هو الآخر، لكن عرضه أكبر من عمقه، ويتقيد داخل شكل رباعي الزوايا قريب من المربع. أما المجنبات التي تحيط به فتتشكل من تمديد البلاطتين الجانبيتين لبيت الصلاة، عوض البلاطات المتعددة التي كانت شائعة في المساجد الموحدية. نفس القول يمكن أن ينطبق على الصوامع خلال هذه الفترة، إذ تبرز هذه البنايات خلال الفترة المرينية تشابهات مع المنارات الموحدية، ولعبت صومعة مسجد القصبة بمراكش دور النمط الذي يحتذي به مهندسو القرنين 13 و14 الميلاديين، وانكب كل اهتمام فناني المرينيين على زخرفة واجهات الصومعة، وبالخصوص الإمكانات التي يمنحها الزليج متعدد الألوان.