على بعد 100 كلم جنوب شرق مدينة مراكش، على الطريق المؤدية إلى تارودانت عبر ممر تيزي نتاست يقع المسجد في قرية تنمل الواقعة في جبال الأطلس الكبير. استقر ابن تومرت في قرية تنمل الصغيرة في عام 515 هجري / 1121 ميلادي، وشكل نواة الحركة الموحدية وبهذا الموضع ووري الثرى في عام 521 هجري / 1130 ميلادي. وفي عام 548 هجري / 1154 ميلادي، شيد السلطان عبد المومن مسجدا بالقرب من ضريح ابن تومرت، في نفس الوقت الذي بنى فيه مسجد الكتبية، وتحول الموقع على إثر ذلك إلى مقبرة ملكية للخلفاء الموحدين. خلال العصر المريني تعرضت المدينة للهدم والتخريب ، ولم يستثن من ذلك إلا المسجد الذي أصبح يشكل معلمة مهمة يعتبرها السكان المحليون مزارا مقدسا، بالإضافة إلى بقايا سورها الأمني في الجهة الشرقية وأطلال متناثرة ل قصبة أورير نتيضاف التي أفردت على قمة جبل، كما ورد في الموقع الالكتروني للموسوعة الحرة. ولم تتم إعادة رد الاعتبار إليه إلا في نهاية القرن العشرين ( لم يتم نقل أي حجر من الموقع، الذي بقي على الدوام موقرا من طرف السكان). أبعاد المسجد متواضعة (طوله 48 مترا وعرضه43.6 مترا)، ويضم صحنا يبلغ طوله 23.65 مترا وعرضه 16.70 مترا، ويحيط بجانبيه رواقان يشكلان امتدادا لبلاطات بيت الصلاة. تتكون المواد المستخدمة بشكل رئيسي من الآجور وملاط مصنوع من خليط من الرمل والتراب والجير والحصى. تنتظم قاعة الصلاة في تسع بلاطات تتجه نحو العمق. ويتميز المجازالعرضاني الذي يتبع جدار القِبلة، والمجاز المحوري والمجازان الجانبيان، بعرضهم الذي يفوق عرض البلاطات الداخلية، مما مكن من تغطية المحراب والزوايا الجانبية، بقبب مؤثثة كليا بالمقرنصات، وهي زخارف تشبه خلايا النحل، التي تُعد من بين أقدم المقرنصات في الفن الإسباني المغاربي. يشكل المحراب الجزء الرئيسي في الزخرفة، ويبقى في نفس الوقت بسيطا وقويا، بفضل عقدٍ منكسر ومتجاوز قليلاً، مصحوبٍ بعقد ثانٍ منكسر عالي الارتفاع، وعقد ثالث مغلِّف يزيد من قوة المجموع. في حين، بقيت العناصر الثانوية مثل القبب الصغيرة والزخارف الزهرية والعقود ذات القويسات والنتوءات محتشمة كي لا تؤثر على تركيز المصلين. تنتشر العقود ذات القويسات بين أسكوب المجاز القاطع والأساكيب الأخرى: ويحيط عقدان مزينان بفصوص بسيطة بعقد ثلاثي الفصوص على شكل نَفْلِي، بكلتا جهتي المحراب، وبعقود ملساء ومنكسرة في المواضع الأخرى. وقد تَبِعت التيجانُ نفسَ المنطق في التوزيع؛ فجاءت غنية ومتنوعة في المحراب وفي المجاز القاطع، وبسيطة الشكل ومتشابهة في الأماكن الأخرى من المسجد. وإذا كانت التزيينات الهندسية والزهرية قد تعايشت بشكل وافر، فإن الزخرفة الكتابية غير متواجدة، ولاتُلاقَََى سوى على بعض لوحات الجبس المخرم في قاعدة القبب، وهي سمة من السمات المميزة للفن الديني الموحدي. تنفتح ثلاثة أبواب بشكل متناظر في كل جدار من الجدران الجانبية، وتبرز على الواجهة بواسطة الكنات المتقدمة فوقها، في حين تم فتح باب صغير بدون كنة ليفضي إلى الصحن، وفتحتين ضيقتين على جانبي المحراب. ترتفع المئذنة على قاعدة مستطيلة يبلغ طولها 9.50 أمتار وعرضها 5.50 أمتار، فقدت جزأها العلوي، وتبرز فوق المحراب.