أكد مولاي عمر بنحماد، أستاذ الدراسات القرآنية بجامعة مكناس، على تباين مواقف بعض العلماء المغاربة من بيان مؤتمر القاهرة، مشيرا في حوار خص به «التجديد» أن هذه القضية التي تحتاج إلى تثبيت وهي مد الجبهة السورية بمقاتلين، فهي لم تأت صريحة في البيان، وهي عند أكثر من واحد ليست الحاجة الحقيقية لما يجري في سوريا. وطالب «بنحماد» بمزيد من الضغط على بقايا النظام السوري من أجل الاستجابة لمطالب الشعب، وطالب وبإلحاح دعوة حزب الله اللبناني لسحب مقاتليه من سوريا، كما طالب بمساعدة اللاجئين السوريين في الداخل وفي «الشتات»، والحاجات الإنسانية كبيرة ومتعددة. وفيما يلي نص الحوار: دعا مؤتمر «موقف علماء الأمة من القضية السورية» إلى وجوب الجهاد في سوريا بالنفس و المال و السلاح وكل أنواع الجهاد. ما موقفكم من هذه الدعوة؟ ❍ بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد، فمن المفارقات العجيبة هذا التنوع إلى درجة التضارب في الموقف من اختيارات العلماء، فالناس بين من لا يكف عن الاحتجاج عن غياب العلماء وسكوتهم وانسحابهم ... ومن الناس من هو على النقيض كلما تكلم العلماء في أمر لم يحفظ لهم رتبة، ولا رأى لهم مكانا بين كل الذين يتحدثون في أي شأن من الشؤون. هب أن وزراء خارجية الدول العربية اجتمعوا وقرروا تسليح المعارضة السورية بعد هذه الشهور من التماطل والتردد والتي لم تزد النظام السوري إلا غطرسة وتماديا في الطغيان، ماذا كان سيكون الموقف؟ مع العلم أن مسألة مد المعارضة بالسلاح مطروحة على جدول أعمال أكثر من مؤتمر. بعد البيان التاريخي لعلماء الأمة، ارتفعت هجرة الشباب إلى سوريا من أجل القتال، كيف يمكنهم ترشيد هؤلاء، والعمل على ثنيهم؟ ❍ يظهر أن من المطلوب أولا التثبت من الخبر، هل فعلا وجدت جهة علمية موثوقة ترصد نسبة من يلتحق بالجبهة السورية من غير السوريين، ووجدت أن الأعداد ارتفعت بعد بيان القاهرة، لا أظن ذلك. وإن حصلت لا يمكن اعتبارها من آثار البيان، بل لا بد من البحث عن أسباب أخرى وليس في البيان دعوة صريحة للهجرة إلى سوريا. ويظهر أن المطلوب إعادة قراءة البيان. والذي أراه أن الجبهة السورية تحتاج للمال والسلاح أكثر من حاجتها للناس. فلم يصدر من المعارضة السورية ما يفيد حاجتهم للناس ولكن حاجتهم للمال والسلاح معلومة صريحة ويطلبونها في كل فرصة ، لأن تفوق الجيش النظامي الأساسي من هذه الجهة أكثر من أي شيء آخر. جدد سلمان بن فهد العودة، الأمين العام المساعد لاتحاد العلماء المسلمين، دعوته لتوقف هجرة الشباب المسلم للقتال في سوريا، كما انتفض علماء الجزائر ودعاتها ضد قرارات المؤتمر. ماذا عن تفاصيل ذلك البيان؟ ❍ أنا أوافق على دعوة الشيخ سلمان بن فهد العودة حفظه الله وأعتبرها الخيار الصحيح، وشباب الأمة يحتاج إلى كثير من أعمال الترشيد والتسديد. وعاطفته الإيجابية وجب توجيهها للحاجات الحقيقية للأمة. أما عن موقف علماء الجزائر فقد لقيت بعضهم في المؤتمر، وكان لهم ولغيرهم نقاش عام في كل ما له صلة بالقضية السورية. لكن ما ينشر في بعض وسائل الإعلام فيه كثير من التهويل، وفي بعض الحالات يصل الأمر إلى السب والشتم، وهذا مما ينزه عنه العلماء بشكل عام، وعليه فالحديث عن «انتفاضة» قد تكون في عقل من كتبها لا أقل ولا أكثر. إن البيان قد تضمن أحد عشر نقطة هي بتركيز شديد كما يلي: الأولى دعوة إلى دعم المجاهدين في سوريا، الثانية تنديد بما يجري، الثالثة دعوة إلى الوحدة وعدم التنازع في الأمة وبين المقاتلين السوريين. الرابعة دعوة الدول والمنظمات إلى موقف حازم من النظام السوري وقطع التعامل مع الدول المساندة له، وسرعة إغاثة الشعب السوري وثواره بكل ما يحتاجون إليه من عتاد وسلاح. الخامسة مقاطعة البضائع والشركات والمصالح الإيرانية. السادسة دعوة قادة الفكر والرأي والسياسة إلى تبنى القضية السورية على الأصعدة كافة. السابعة تذكير أفراد الجيش السوري بحرمة دماء الأبرياء، ودعوتهم إلى عدم الركون إلى الظلمة والمجرمين. الثامنة تذكير مجلس الأمن وهيئات الأممالمتحدة بمسئولياتهم الدولية والإنسانية بإدانة و تجريم وإيقاف ما يحدث فى سوريا. التاسعة استنكار تصنيف واتهام بعض فصائل الثورة السورية بالإرهاب. العاشرة السعي الحثيث من كل منظمات ومؤسسات العمل الخيري والإنساني لنجدة وإغاثة المنكوبين واللاجئين والمشردين السوريين. الأخيرة تشكيل لجنة خاصة منبثقة من هذا المؤتمر لزيارة قيادات الدول والعمل على متابعة مقررات وتوصيات المؤتمر والسعي فى تحقيقها. وأغلب هذه النقط هي محل اتفاق بين كل العقلاء. ما موقف العلماء المغاربة من بيان مؤتمر علماء الأمة في القضية السورية؟ ❍ في حدود ما اطلعت عليه مما نشر فقد تباينت مواقف بعض العلماء المغاربة من بيان المؤتمر. ويمكنني أؤكد هنا بأن القضية التي تحتاج إلى تثبيت وهي مد الجبهة السورية بمقاتلين، فهي لم تأت صريحة في البيان، وهي عند أكثر من واحد ليست الحاجة الحقيقية لما يجري في سوريا. المطلوب مزيد من الضغط على بقايا النظام السوري من أجل الاستجابة لمطالب الشعب، المطلوب وبإلحاح دعوة حزب الله اللبناني لسحب مقاتليه من سوريا، المطلوب مساعدة اللاجئين السوريين في الداخل وفي «الشتات»، والحاجات الإنسانية كبيرة ومتعددة، نسأل الله تعالى أن يحفظ الشعب السوري وأن يعجل لهم بالفرج وكما قال القائل: « اشتدي أزمة تنفرجي قد آذن ليلك بالبلج.» (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ).