خلف قرار وزير التربية الوطنية محمد الوفا القاضي بإلغاء اللجن المشتركة الجهوية والإقليمية والتي كانت تتكون من ممثلين عن النقابات الخمس الأكثر تمثيلية، وممثلين عن المصالح الخارجية «الأكاديميات والنائبات» استياء عميقا وكبيرا في صفوف ممثلي الأسرة التعليمية، التي كانت بمثابة صمام أمان في الحد من التجاوزات والخروقات التي قد تعرفها مختلف الحركات الانتقالية وتعيين الخريجين الجدد، وكذا حركية إعادة الانتشار. يوم 7 يونيو الجاري وفي الوقت الذي كانت أصوات قياديي الجامعة الوطنية لموظفي التعليم تصدع في وقفة احتجاجية خارج أسوار الوزارة، وتطالب وزير التربية الوطنية محمد الوفا بضرورة فتح حوار جدي وحقيقي حول الملف المطلبي للأسرة التعليمية، كان هذا الأخير يدبج مراسلة لنواب الوزارة ومدراء الأكاديميات، تم بها تشييع اللجن المشتركة حسب طارق يزيدي الكاتب الإقليمي للجامعة الوطنية لموظفي التعليم، مراسلة الوفا أكدت إلغاء اللجن سالفة الذكر، وتعويضها بلجنة فض النزاعات وفق المذكرة الوزارية رقم 111. ورغم أن النقابات الأكثر تمثيلية أعلنت عن رفضها للمذكرة الإطار الخاصة بالحركات الانتقالية الصادرة بتاريخ 25 أبريل 2013 فقد اعتمدها الوزير الوفا كمرجع لإلغاء اللجن المشتركة، وهي المذكرة التي لم تذكر هذه اللجن بحسب نائب إقليمي للوزارة الذي أكد على أن المرجع القانوني الوحيد المنظم لمختلف العمليات الإدارية المرتبطة بتدبير الانتقالات والتعيينات، يتمثل في المذكرة الإطار، والتي أصبحت النيابة صاحبة الاختصاص الوحيد في البث في هذا الشأن. بينما لن يكون للنقابات دور مستقبلا إلا في إطار لجنة المنازعات للنظر في الطعون. مخاوف من التوتر الكاتب الإقليمي للجامعة الوطنية لموظفي التعليم بطنجة طارق يزيدي وبحكم مسايرته لعمل اللجنة الإقليمية بطنجة أصيلا اعتبر قرار إلغاء هذه اللجن «قرارا ينم عن تراجع خطير في دمقرطة الإدارة المغربية، والفعل التشاركي والتشاوري الذي كان يسبق إنتاج القرار الإداري، مما كان ينزهه إلى حد بعيد عن الخطإ»، مضيفا «يحدث هذا في الوقت الذي كنا نتوقع فيه توسيع اختصاصات اللجنة الإقليمية المشتركة، ومأسستها بشكل قانوني مضبوط يتجاوز منطق التوافق، إلى منطق القانون والشفافية، ويصل بالعمل التمثيلي والرقابي للنقابات إلى مجالات ظلت بعيدة كل البعد طيلة هذه السنوات عن الرقابة الشعبية والتمثيلية، وهي الرقابة على مالية النيابات التعليمية خاصة في مجال البناءات المدرسية، التي تصل إلى ملايير الدراهم، مجال ظل بعيد عن أنف النقابات، الذي ظل محشورا في جانب ضيق، هو مجال الموارد البشرية ببعده التدبيري الضيق، بعيدا عن أي بعد استراتيجي، ليأخذ بعد تدبير الأزمات الظرفية دائما». واعتبر يزيدي إلغاء اللجنة المشتركة هو إجهاز خطير على ما تبقى من خيارات نقابية ودور تواصلي ووسيط لها بين الإدارة والشغيلة. ونبه إلى كون بعض القرارات الأخيرة للوزير محمد الوفا، تحتمل خيارين: أولهما تعزيز سلطة الإدارة في اتجاه الشفافية، وعزل ما كان يشوب بعض قراراتها من تدخلات فاسدة لممثلي بعض النقابات، ومن تم تجاوز معطى التوافق السلبي في اتجاه الحسم الإداري الشفاف، الذي أصبحت له مرجعياته القانونية، وهو ما كنا ندافع عنه سابقا ومنذ سنوات. إلا أن هذا الإجراء بحسبه قد يبدو معيبا على أرض الواقع باعتباره يغيب الدور التشاوري القاعدي والمحلي، والبعد الاجتماعي للقرارات المرتبطة بأسرة التعليم، ومن هنا يؤكد يزيدي»فإننا سنقف مستقبلا أمام قرارات إدارية معيبة، ربما مشوبة بالصرامة والتشدد في تطبيق القانون، مع تغييب البعد الاجتماعي، والتشاركي الذي هو صلب الحكامة الإدارية التي ننشدها». الخيار الثاني بحسب المتحدث يتمثل في خيار العودة إلى واقع التحكم الإداري، والتسلط الذي يعتبر عودة لمخزنة الإدارة، وتقوية الفساد الإداري عبر إلغاء الدور الرقابي الذي تمارسه بعض النقابات التعليمية. وقد يبدو هذا الخيار الأخير راجحا بالنظر لطبيعة الفضاء السياسي الوطني الذي لازال يبرز عددا من محاولات الاستمرار في نظام التحكم السياسي والإداري، قبل أن يضيف»وإن كنت أتمنى أن أكون مخطئا، وينتصر الوطن وتنتصر الشفافية والنزاهة». عمل اللجن المشتركة يؤكد أنس الكرناني عضو اللجنة المشتركة بجهة تازة تاونات الحسيمة أن اللجنة المذكورة ومنذ سنوات تشتغل بشكل تشاوري وفق معايير محددة سلفا؛ بحيث نسعى جاهدين على اعتماد معيار الاستحقاق لا غير بين رجال ونساء التعليم، سواء في الحركات المحلية أو الجهوية، وكذا خلال تعيين الخريجين الجدد، الكرناني أوضح أن مشاكل النقابات مع الإدارة إنما سببها إقدام ممثلي أو مسؤولي الإدارة على مبادرات يشتم منها روائح القرابة والزبونية والمحسوبية خلال تدبير الموارد البشرية، حيث يتم منح التكليفات أو غيرها في غياب النزاهة والاستحقاق، مما يدفع النقابة إلى خوض اعتصامات أو إضرابات لإعادة الأمور إلى نصابها.