شارك كل من الدكتور أحمد الريسوني والشيخ أبو حفص محمد بن عبد الوهاب رفيقي والدكتور عبد الله البخاري والأستاذة فاطمة النجار في الندوة العلمية التي نظمتها حركة التوحيد والإصلاح في موضوع «تجديد الخطاب الديني» مساء الأحد 9 يونيو 2013 بالرباط. ونظمت الندوة تحت شعار قوله تعالى: «وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم»، و عرفت إقبالا كبيرا وتفاعلا لافتا.و ألقى الشيخ أبو حفص مداخلة حول «تجديد الخطاب الدعوي على مستوى المضامين والأسلوب»، فيما تناول الدكتور عبد الله البخاري موضوع «الخطاب الدعوي وفقه الواقع»، وتناولت الأستاذة فاطمة النجار موضوع «الخطاب الدعوي في وسط الشباب»، أما مداخلة الدكتور أحمد الريسوني فكانت حول موضوع «التجديد المقاصدي للخطاب الدعوي». و نظرا لأهمية المواضيع المثارة في الندوة ارتأت «التجديد» تقديم تلك العروض منفصلة لتعم فائدتها، وفيما يلي أهم ما جاء في العرض الذي قدمه الشيخ أبو حفص، فيما سنعمل على نشر المداخلات الأخرى في أعداد قادمة. ** قال الشيخ امحمد عبد الوهاب رفيقي الملقب بأبي حفص، إننا نرفض التأويلات التي ذهب إليها البعض مع المستجدات السياسية الأخيرة، ونحن هنا للتأكيد على ضدها وعكسها، مؤكدا أن الاختيارات والاجتهادات والتقديرات السياسية، لن تتمكن أبدا من المس بمحبتنا وولائنا لأساتذتنا، ولن تؤثر بشكل من الأشكال على علاقتنا بأخوتنا في كل الحركات الإسلامية، مبرزا أن كثيرا من وسائل الإعلام، وكثيرا من وسائل التواصل الاجتماعي، ذهبت في تحليلات بعيدة، قائلة إن «الغرض من هذا الاختيار، في إشارة إلى انضمام عدد من رموز التيار السلفي وفي مقدمتهم أبو حفص لحزب النهضة والفضيلة، هو التأثير على جهة فلانية أو مزاحمة جهة فلانية، ورد عليها المتحدث «نطمئن كل الأحبة في كل الحركات الإسلامية، إلى أننا نفضل أن نموت، على أن نعمل ضد طرف كان، فضلا عن أن تكون حركة إسلامية»، وأضاف أبو حفص خلال مشاركته في الندوة العلمية حول « تجديد الخطاب الدعوي» التي نظمتها حركة التوحيد والإصلاح أول أمس الأحد، تحت شعار: « وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم» ( أضاف) لهذا أنا سعيد بالمشاركة في هذه الندوة في هذا التوقيت بالذات. وبخصوص موضوع الندوة أفاد أبو حفص أنه موضوع كبير ، في ظل المتغيرات الكثيرة التي تعرفها الأمة الإسلامية، قائلا «كثير من الناس يتحدثون عن التقصير أو القصور في باب الدعوة، وعن تقصير كثير من الدعاة في الوصول إلى كثير من الفئات المستهدفة في الدعوة إلى الله عز وجل»، مؤكدا أن هذا الخلل لا يمكن في أي حال من الأحوال أن يعود إلى الدعوة نفسها، موضحا أن الدعوة مقام عظيم، ومهمة الدعوة حسب أبو حفص من أهم وأشرف المهمات، «يكفي أن يكون الأنبياء والرسل هم أول هؤلاء الدعاة، وهذه المهمة من أنبل المهمات لا يشك فيها أحد»، مبرزا أنه إن وقع نوع من التقصير ونوع من الخلل في الدعوة إلى الله عز وجل، فلا بد أن نعود بذلك على الدعاة أنفسهم، في وسائلهم وفي أساليبهم وفي مضامين دعوتهم، مضيفا لا بد أن نعود إليها بالنقد والتصحيح، والمراجعة والترشيد والتوجيه، حتى يتم الاستمرار في أداء هذه المهمة النبيلة. «أنا أستحيي أن أكون في هذا العرض ناقدا لهؤلاء الدعاة إلى الله عز وجل» يقول أبو حفص، لأن مقامهم من أشرف المقامات، ولأن المهمات التي يقومون بها والثغر الذي يقومون عليه، من أعظم الثغور وأنبلها، ولذلك أستحيي أن أكون ناقدا لهم، مبرزا أنه لا يختلف أحد أن الدعوة إلى الله عز وجل تحتاج إلى اجتهاد، لا في المضامين حسب الزمان والمكان، وحسب الأحوال، موضحا أن القرآن الكريم يتغير الخطاب فيه لا من حيث الأسلوب ولا من حيث المضمون، حسب الزمان وحسب المكان، مردفا إذا عدنا إلى الفترة المكية نجد كيف أن الآيات فيها مختصرة، وكيف أن المضامين فيها متعلقة بتوحيد الله عز وجل، وإقام العبودية له سبحانه وتعالى، ونادرا ما تخرج عن ذلك، لأن الغرض وهذا هو المهم أن مضمون الدعوة وخطابها يجب أن يكون مرتبطا بالغرض من هذه الدعوة، لما كان الغرض في مكة التأثير على هؤلاء العرب، والتأثير على قلوبهم، ودعوتهم إلى إقامة عبادة الله عز وجل وترك ما كانوا عليه من شرك وجاهلية كانت الآيات خطيرة ، والمضامين قوية تتناسب من الغرض والهدف من الدعوة، ومتناسبة مع المرحلة بالذات، ولما انتقلت الدعوة إلى المدينة، وأسست الدولة وكان مخاطبا في الدعوة الدولة الفتية، وهؤلاء الذين أمنوا وتبت الإيمان في قلوبهم، لم تكن هناك حاجة إلى تلك الآيات الخطيرة، فتغير الأسلوب وأصبحت الآيات متعلقة بالحلال والحرام والتشريعات التي تصلح للناس حسب المرحلة التي يعيشونها، يضيف أبو حفص. وأبرز أبو حفص أن الداعية، لابد وهو يحدد المضمون والأسلوب، أن يراعي المكان والزمان، والغرض والأحوال، والحاجة لهذه الدعوة، ولذلك يقول المتحدث اختلف الكثير من السلف في تحديث الناس بالحديث، المناسب لمرحلتهم، حيث يقوم عدد منهم باستعمال الحديث الذي لا يتناسب مع مرحلتهم وزمانهم ومكانهم، موضحا أن الداعية إلى الله عز وجل لا يجب أن يقول كل شيء، وفي أي مكان وفي أي زمان، دون مراعاة هذه الاعتبارات، قائلا « لابد من توظيف الخطاب الذي يعرفه الناس»، مشيرا إلى أن الفكرة مهما كانت حقا، هناك أساليب في إيصالها إلى الناس وتبليغها لهم. وأفاد أبو حفص أن التجديد لا يعني أن ننسلخ عن الثوابت، وأن نتخلى عن المبادئ، وأساسيات الدين، حيث لا يمكن مسها أو الاقتراب منها، ولكن نجدد الأساليب والمضامين حسب حاجتنا وغرضنا من هذه الدعوة، مبرزا أن دعوتنا ليست مقصورة على المسلمين، دعوة الإسلام دعوة عالمية، يقول أبو حفص، مضيفا وهذه العالمين تقتضي هذا التجديد، وتقتضي هذا التغيير، حتى لا يصبح الخطاب الدعوي خطابا قديما باليا، لا يصل إلى القلوب والعقول، «والدعوة عالمية ونحن في حاجة إلى التأثير في الأخر، لأننا نحن لا نفكر في أنفسنا فقط». وأوضح أبو حفص أن مجالات الدعوة إلى الله عز وجل واسعة جدا، قائلا «الدعوة في البيت، في الأسرة، في المدرسة، في الشارع، دعوة المسلمين، وغير المسلمين»، مذكرا أن كل هؤلاء يندرجون في إطار الدعوة، وكل هؤلاء نحتاج معهم إلى تجديد مضاميننا وأساليبنا، حسب الزمان والمقام والحال، حتى تصل دعوتنا إلى تلك القلوب، وحتى تصل دعوتنا إلى تلك العقول، يضيف المتحدث. وأشار أبو حفص أن من الإشكالات الكبيرة التي نعاني منها حقيقة في مجال الدعوة إلى الله عز وجل، قضية المضمون، موضحا أن بعض المضامين قد تكون صالحة في زمان مضى، لا تكون لائقة في زمان أخر مثل زماننا مثلا، الذي يعرف حسب أبو حفص ثورة ثورة في المفاهيم، ثورة في الفكر، ثورة في الوسائل التكنولوجية التي يتعامل بها الشباب، والتي يتعامل بها الناس، فمضمون دعوتنا يقول المتحدث يجب أن تكون متلائمة ومتناسقة ومتناسبة مع هذه المتغيرات، مضيفا لا يمكن أن نتحدث عن التدين بنفس مضمون السبعينات والثمانينات، كما نتحدث عنه ألان، فمفهوم التدين يجب أن يلحقه من التغيير والتجديد ما يتناسب مع المرحلة التي نحن فيها الآن، مفسرا أن الخطاب الدعوي في مرحلة السبعينات عندما كان الملتزم والمتدين، يخاف أن يظهر تدينه ويستحي أن يشهر إسلامه، وحين كان الطالب في الجامعة إذا أراد أن يصلي ركعتين، يذهب إلى أقصى مكان خائفا مرتعدا لكي لا يراه غيره وهو يؤدي هذه الشعيرة، يختلف عن الخطاب الدعوي في وقتنا الحاضر، قائلا» بعد أن ظهرت الصحوة الإسلامية، وأدت الحركة الإسلامية دورا كبيرا، وأصبحت المساجد ممتلئة بالشباب، بعد أن كان لا يرتادوها إلا كبار السن».