الأطباء يعلقون الإضراب بالمستشفيات بعد حوار "ماراطوني" للنقابات مع وزير الصحة    أوروبا تأمل اتفاقا جديدا مع المغرب    "الحُلم صار حقيقة".. هتافات وزغاريد وألعاب نارية تستقبل أسرى فلسطينيين    تنسيق أمني يسقط مروجي مخدرات ومؤثرات عقلية بمكناس وبن سليمان    استمرار الأجواء الباردة واحتمال عودة الأمطار للمملكة الأسبوع المقبل    القنصلية العامة للمملكة بمدريد تحتفل برأس السنة الامازيغية    هوية بصرية جديدة و برنامج ثقافي و فني لشهر فبراير 2025    حصار بوحمرون: هذه حصيلة حملة مواجهة تفشي الوباء بإقليم الناظور    أيوب الحومي يعود بقوة ويغني للصحراء المغربية    تعيين البرتغالي روي ألميدا مدربا جديدا للدفاع الحسني الجديدي    قضى 39 سنة وراء القضبان.. تحرير محمد طوس عميد المعتقلين الفلسطينين في سجون إسرائيل    هذه خلاصات لقاء النقابات مع وزارة التربية الوطنية    الجمعية المغربية للإغاثة المدنية تزور قنصليتي السنغال وغينيا بيساو في الداخلة لتعزيز التعاون    ملتقى الدراسة في إسبانيا 2025: وجهة تعليمية جديدة للطلبة المغاربة    جبهة "لاسامير" تنتقد فشل مجلس المنافسة في ضبط سوق المحروقات وتجدد المطالبة بإلغاء التحرير    أداء الأسبوع سلبي ببورصة البيضاء    فريدجي: الجهود الملكية تخدم إفريقيا    إفران: استفادة أزيد من 4000 أسرة من عملية واسعة النطاق لمواجهة آثار موجة البرد    وزارة الصحة تعلن عن الإجراءات الصحية الجديدة لأداء مناسك العمرة    "مرض غامض" يثير القلق في الهند    الأميرة للا حسناء تترأس حفل عشاء خيري لدعم العمل الإنساني والتعاون الدبلوماسي    من العروي إلى مصر :كتاب "العناد" في معرض القاهرة الدولي    شهادة عزوبة مزورة تجر عون سلطة في طنجة إلى المساءلة القانونية    كيف كان ملك المغرب الوحيد من بين القادة العالميين الذي قرر تكريم ترامب بأرفع وسام قبل مغادرته البيت الأبيض بيوم واحد    برنامج تقوية القدرات والمهارات .. دعم استراتيجي للصناعة التقليدية المغربية    فعاليات فنية وثقافية في بني عمارت تحتفل بمناسبة السنة الأمازيغية 2975    وزارة الصحة تعلن أمرا هاما للراغبين في أداء مناسك العمرة    السياحة الصينية المغربية على موعد مع دينامية غير مسبوقة    إطلاق أول مدرسة لكرة السلة (إن بي أي) في المغرب    إس.رائ..يل تطلق سراح أقدم أسير فل.سط..يني    إجراءات صحية جديدة تنتظر الراغبين في أداء العمرة    المغرب يفرض تلقيحاً إلزاميًا للمسافرين إلى السعودية لأداء العمرة    التحكيم يُغضب ستة أندية في الدوري الاحترافي    مونديال 2026: ملاعب المملكة تفتح أبوابها أمام منتخبات إفريقيا لإجراء لقاءات التصفيات    شاحنة تودي بحياة سائق دراجة نارية في قلعة السراغنة    لقجع.. استيراد اللحوم غير كافي ولولا هذا الأمر لكانت الأسعار أغلى بكثير    إصابة في الركبة تغيب شادي رياض    الربط المائي بين "وادي المخازن ودار خروفة" يصل إلى مرحلة التجريب    "حادث خلال تدريب" يسلب حياة رياضية شابة في إيطاليا    تيرغالين: الوداد وبركان لم يفاوضاني    ريال مدريد أكثر فريق تم إلغاء أهدافه في الليغا بتقنية "الفار"    حماس بصدد إطلاق سراح 4 مجندات إسرائيليات السبت في ثاني تبادل    باستثناء إسرائيل ومصر.. واشنطن تقرر تعليق كل مساعداتها الخارجية بما فيها لأكرانيا    كيوسك السبت | توقعات بارتفاع الطلب على مياه الشرب في أفق 2050    الصين تتوقع زيادة بنسبة 9,5 في المائة في عدد الرحلات اليومية عبر الحدود خلال عطلة عيد الربيع    نوفاكو فاشن: احتجاجات العمال غير مبررة وتسببت في خسائر فادحة    ضبط شخص متورط في الذبيحة السرية بطنجة وحجز أكثر من 100 كيلوغرام من اللحوم الفاسدة    اثنان بجهة طنجة.. وزارة السياحة تُخصص 188 مليون درهم لتثمين قرى سياحية    أرقام فظيعة .. لا تخيف أحدا!    بالصدى .. بايتاس .. وزارة الصحة .. والحصبة    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    معهد التكنولوجيا التطبيقية المسيرة والمعهد المتخصص في الفندقة والسياحة بالحوزية يحتفيان بالسنة الأمازيغية    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    مايك وان" يُطلق أغنية "ولاء"بإيقاع حساني    جوائز "الراتزي": "أوسكار" أسوأ الأفلام    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفاهيم الربيع الديمقراطي (4)
نشر في التجديد يوم 10 - 05 - 2013

المجتمع المدني هو المجتمع غير الحكومي. وهو سلطة من بين خمس سلط هي: السلطة الدينية،السلطة الحكومية،السلطة التشريعية،السلطة القضائية وسلطة المجتمع المدني.
فهو مع الربيع الديمقراطي قوة مجتمعية للتدخل غير المباشر، بوسائل غير حكومية وغير عنيفة، في صناعة القرار السياسي الرسمي في كيان الدولة. وهو قوة مجتمعية للتدخل المباشر في صناعة القرار السياسي غير الحكومي في كيان المجتمع خارج كيان الدولة، وهو قوة مجتمعية للتدخل المباشر في صناعة حزمة القيم والمفاهيم وتحقيق التنمية المستدامة والهيمنة الأيديولوجية في المجتمع. من مهامه الدستورية بالمغرب التدخل لحماية مبدأ القانونية في كيان الدولة، وحماية مبدأ الكرامة والعزة في كيان المجتمع. والمجتمع المدني هو مجتمع سياسي غير حزبي. لأن غايته ليست بلوغ السلطة الحكومية كما هو شأن المجتمع الحزبي. وله كتلة أيديولوجية بمراجع فكرية متعددة هي: الفكر الديني والفكر العلماني والفكر المدني.والفرق الأساسي بين المجتمع الحزبي و المجتمع المدني أن الأول غايته بلوغ السلطة وممارستها بشكل مباشر.في حين تغيب هذه الغاية بالضرورة في كل مكونات المجتمع المدني.
والمجتمع المدني العربي اليوم مطالب بالإسهام القوي في إنجاز مهام و مقاصد الربيع الديمقراطي المبارك .مقصد إنتاج السلطة الديمقراطية وإعادة توزيعها على مكونات الشعب، مقصد إنتاج الثروة و إعادة توزيعها العادل على طبقات الأمة، مقصد إنتاج خريطة حزمة القيم الحاكمة، ومقصد إنتاج المفاهيم الفكرية الموجهة للثورة الفكرية والثقافية الجديدة. بعبارة ثانية كل هذه المهام الكبرى للمجتمع المدني غير قابلة للتحقق دون حلول الربيع الديمقراطي في كيانه. فبعد أن حل هذا الربيع في بيت الدولة، عليه أن يحل في بيت المجتمع المدني بكل مكوناته الحية. فدمقرطة الدولة تتطلب دمقرطة المجتمع، فالربيع الديمقراطي يبغي حكامة راشدة في أجهزة الدولة، ويبغي أيضاً حكامة راشدة لمكونات المجتمع المدني من جمعيات ومنظمات ومؤسسات وهيئات غير حكومية.
فمكونات الحكامة الراشدة متعددة نجملها في الحاجات التالية:
أولاً: حاجة الدولة والمجتمع للتربية على احترام مبدأ الديمقراطية و الديمقراطية التشاركية، فهو حق للمجتمع المدني وواجب على المجتمع الحكومي، حق المواطن في التصويت والترشيح و حرمة إرادة الناخب في الاختيار الحر والنزيه، وحق المواطن في التعبير و النقد والمعارضة و اقتراح الحلول للمعضلات القائمة من خلال الملتمسات والعرائض وغيرها من أشكال المشاركة.
ثانياً: حاجة المجتمع المدني إلى التربية على مبدأ القانونية في العلاقات داخل المجتمع وبين المجتمع و الدولة. فالدعوة إلى دولة القانون تتطلب احترام مكونات المجتمع المدني للقانون في كل أشكال النشاط المدني. في انتخاب هيئاته القيادية، واحترام مبدأ الانتخاب الديمقراطي النزيه، والشفافية في الانتخاب واتخاذ القرارات الديمقراطية.واحترام مبدأ التناوب والتداول على السلطة داخل المنظمات و الجمعيات،واحترام المدة القانونية لولاية الهيئات القيادية داخل مؤسساته.والشفافية في التصرف في الأموال.
ثالثاَ:حاجة المجتمع المدني إلى التربية حقاً وواجباَ على مبدأ الشفافية. وأهمها الحق في المعلومة الصحيحة، وهذا حق صانته بعض الدساتير الجديدة في بلدان الربيع الديمقراطي، وهو مكسب كبير علينا رعايته وتطويره. فالحصول على المعلومة الصحيحة يساعد صاحب صناعة القرار على ترشيد وتسديد قراره، والعدل في الحصول على المعلومة بالتساوي يوفر مناخ تكافؤ الفرص بين المتنافسين و المتبارين. خصوصاً في مجال السياسة والاقتصاد.
رابعاً: حاجة المجتمع المدني إلى ممارسة حقه في المراقبة والمحاسبة بالمباشر وبالطرق غير المباشرة. لكن شرطها الحق في الحصول على المعلومة وضمان الشفافية في الدولة والمجتمع.
وحاجة المجتمع المدني لحق الدولة أيضاَ في مراقبة الجمعيات قانونياً فيما مدى احترامها للقانون وللديمقراطية الحقة، وحسن التصرف في المال بدون هدر أو سرقة واحتيال.باعتبار كل ذلك ملكا للشعب. وباعتبار كل ذلك من شروط التنمية الحقة للوطن.
خامساً:حاجة المجتمع المدني إلى العمل بمبدأ التخطيط، فانتشار ثقافة التخطيط بكل مستوياته القصيرة والمتوسطة والطويلة الأمد عملية بالغة الأهمية في تحقيق الحكامة الراشدة. لأن في ذلك اقتصاداً للوقت والجهد والمال، مع الجودة في العائد السياسي والاقتصادي والاجتماعي و الثقافي.
سادساً: حاجة المجتمع المدني إلى الوعي التاريخي بطبيعة المرحلة وسننها التاريخية الصارمة. ((فشرط الحرية وعي الحتمية)) فلكي يمتلك المجتمع العربي حريته في الفعل التاريخي لابد له من المعرفة بالسنن الحتمية التي تحكم العصر،حتى يمتلك القدرة على تسخيرها لصالح نهضته، والقدرة على التسخير هي الفعل التاريخي الحر للإنسان. بل إن هذه الحاجة حاسمة في تحديد حالة الحكامة في المجتمع الحكومي والمدني معاً.أهي حكامة جيدة أم رديئة؟؟ أخيراً حاجة المجتمع المدني إلى الوعي بمقاصد نشاطه ومنتهاها. فالوظيفة الرئيسية للمجتمع المدني تحقيق العزة والآدمية والنهضة لشعوبنا العربية والإسلامية خلال هذا القرن، فالربيع اليمقراطي فجر فينا قيمة العزة، فلا بد للمجتمع المدني من صيانتها من التآكل مع الزمان، والحل مأسسة العزة وتقنينها.
لكن الربيع يبغي أيضاً نقل الأمة من عصر الصحوة إلى عصر النهضة، من عصر بناء الإيمان إلى عصر بناء السلطان والعمران، فلابد للمجتمع المدني من تحمل مسؤوليته في تحقيق هذا الهدف التاريخي الكبير من خلال ثلاث صحوات كبرى: تعميق الصحوة الإسلامية الجارية بين ظهرانينا منذ عقود، إنجاز وتعميق الصحوة الديمقراطية الجارية بين ظهرانينا منذ سنتين، التبشير بالصحوة القومية، أي الانتقال من عصر الدولة القطرية نحو الدولة العابرة للأقطار العربية والإسلامية على نموذج الاتحاد الأوروبي، فالعصر عصر التكتلات الجهوية الكبرى, فلابد من بناء دولة التكتلات، في شمال إفريقيا، وعند عرب آسيا ووسط آسيا، ومهمة المجتمع المدني تشبيك العلاقات بين مكونات المجتمعات المدني في هذه المناطق لكي يحصل الضغط القوي على المجتمعات الحكومية للخروج من عصر التجزئة إلى عصر التكتلات العابرة للأقطار إن أردنا شهوداً حضارياً لأمتنا في هذا القرن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.