المغرب وسلوفينيا يجددان التأكيد على إرادتهما تعزيز الشراكة في كافة المجالات    الحوامض المغربية تدخل السوق الياباني    هذا موعد مباراة نهائي كأس إفريقيا للأمم للناشئين بين المغرب ومالي    البرلماني شوقي يرد على اتهامات الناصري: أرادني أن أكذب ولم أشهد زورا لإدخاله السجن    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    وفاة الفنان المصري سليمان عيد    من الرباط.. السفير الصيني بالمغرب لي تشانغ لين : الصين تعتزم عقد مؤتمر عالمي جديد للمرأة خلال هذا العام    تزايد حالات السل اللمفاوي يسائل ضعف مراقبة سلاسل توزيع الحليب    بيان توضيحي لولاية أمن أكادير بشأن ادعاءات واهية لمنظمة    المعرض الدولي للنشر والكتاب يتعقب الفنون التمثيلية في الصحراء المغربية    نقابات التعليم تسجل غياب الإرادة السياسية لدى الحكومة في الوفاء بالتزاماتها وتحتج على "التسويف"    دعم إنتاج الأعمال السينمائية.. الكشف عن مشاريع الأفلام المستفيدة برسم الدورة الأولى من 2025    مهرجان "جازابلانكا".. 26 حفلا موسيقيا يحييها 180 فنانا    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    "حماس" تدعو إلى إنهاء حصار غزة    تحذيرات برلمانية من تزايد نسب الإصابة بداء السل اللمفاوي الناتج عن عدوى منقولة من الأبقار    بيانات تكشف ارتفاع الإصابة بالتوحد وكذلك زيادة معدلات تشخيصه    واشنطن بوست تدق ناقوس الخطر: البوليساريو شريك لإرهاب إيران في إفريقيا    مجموعة "أكديطال" توقّع اتفاقيتين استراتيجيتين لتطوير مستشفيات خاصة في السعودية    من معشوق الجماهير إلى مرشح للبيع .. رودريغو يدفع ثمن الإخفاق الأوروبي    أكادير يحتضن مؤتمر التنظير عنق الرحم وجوف الرحم والجهاز التناسلي    شي جين بينغ وهون مانيت يتفقان على تعزيز الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين وكمبوديا    الارتفاع العالمي لسعر الذهب ينعكس على محلات المجوهرات في المغرب    دراسة علمية: 17% من الأراضي الزراعية ملوّثة بمعادن سامة    فينيسيا الإيطالية تضاعف قيمة الرسم اليومي لزيارة المدينة    تاج أقدم شجرة في برلين يعاني من الإجهاد المائي    بين مطرقة واشنطن وسندان الجزائر .. تونس أمام اختبار السيادة    تحفيزات مؤسسة علال الفاسي للمثقفين والباحثين والطلبة    شركة للطيران تمتنع عن نقل ثلاثة جثامين لمغاربة مقيمين بهولندا    إطلاق الشعب المتخصصة في فنون الزجاج بالمعهد المتخصص في الفنون التقليدية بمكناس، في سابقة على المستوى الوطني    الدورة التاسعة إياب من بطولة القسم الوطني الممتاز لكرة السلة : .ديربي محلية بالعاصمة بين الفتح والجيش    فوربس: المغرب يضع لبنات مونديال 2030 بإشراف ملكي وتخطيط شامل    أولمبيك خريبكة يوضّح واقعة محاولة انتحار أحد لاعبيه    مغرب الحضارة : نداء من أجل المستقبل … شبابنا كنز المملكة ومستقبلها    إيقاف السباح التونسي أحمد الحفناوي 21 شهرا بسبب انتهاكات لقواعد المنشطات    وضع المعايير لملء استمارة الإحصاء لأداء الخدمة العسكرية برسم فوج المجندين لسنة 2025    مُذكِّرات    مهرجان "تيم آرتي" يختار مواهب الراب الشابة في دورة جديدة    وفاة الفنان المصري سليمان عيد عن عمر 64 عامًا    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    روبيو: على أوروبا أن تقرر ما إذا كانت مستعدة لإعادة عقوبات إيران    ممثلون عن اليهود في بريطانيا يدينون العدوان الإسرائيلي في غزة    احتجاجات بالمزونة التونسية تنديدا بمصرع 3 تلاميذ وبتهميش المدينة    رغم التأهل.. فليك غاضب من أداء لاعبي برشلونة أمام دورتموند ويطالب بمزيد من الانضباط    مجلس الأمن يدعو إلى وقف دائم لإطلاق النار وعملية سياسية شاملة في السودان    دي ميستورا يستشعر نهاية "المينورسو" .. ضغوط مالية وتغيرات دولية    استشهاد 15 فلسطينيا في غارة إسرائيلية جديدة على غزة    توظيف مالي لأزيد من 46 مليار درهم من فائض الخزينة    بعد ستة أشهر من الغياب.. الصحفي حمزة رويجع يكشف الحقيقة بشجاعة: نعم، أصبت باضطراب ثنائي القطب    ندوة وطنية تتدارس تجربة محمد الشيخي في رؤيا وتشكيل الشعر المغربي    الاعتداء على أستاذ يسلب حرية تلميذ    عاجل | هزة أرضية قوية تُثير الهلع بمراكش وتامنصورت    وزارة الصحة تخلّد اليوم العالمي للهيموفيليا وتطلق حملة تحسيسية وطنية لمكافحة هذا المرض    الأبيض ‬والأسود ‬من ‬تقرير ‬دي ‬ميستورا (2)    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هجرة الحضارة نحو الشرق سنة تاريخية وفرصة للنهضة (3)
نشر في التجديد يوم 31 - 01 - 2013

تؤكد الدراسات المستقبلية أن الصين والهند ستكونان القوتين الاقتصاديتين الرئيسيتين خلال العقود المقبلة. ففي سنة 2030م ستصبح الصين القوة الاقتصادية الأولى في العالم، وستسهم بنسبة 28% من الاقتصاد العالمي، تليها الولايات المتحدة بنسبة 18%، ثم الهند، أما الاتحاد الأوروبي فسيتدحرج إلى الخلف، كما ستبرز قوة جديدة كإندونيسيا و تركيا والبرازيل.
بالمناسبة فقد كان الغرب يسيطر على 84% من الاقتصاد العالمي سنة 1928م.فالفيل والتنين آتيان لا محالة لقيادة الحضارة العالمية في منتصف هذا القرن، إن استمرت نفس المعطيات ونفس الاتجاه التاريخي الجاري اليوم. ستعرف الحضارة العالمية خلال هذا القرن بصمتين جديدتين:البصمة الكونفوشيوسية والبصمة الهندوسية،والسر في ذلك أن الصين والهند قوتان سكانيتان عملاقتان تتجاوز كل واحدة منهما المليار نسمة،في وطن أو إقليم جغرافي واحد،ونظام سياسي واحد، وحوض حضاري واحد: الكونفوشيوسي بالنسبة للصين والهندوسي بالنسبة للهند.
يمكن تعريف عصر ما بعد الحداثة بأركانه، وهما ركنان أساسيان: عودة الدين من منفاه أي بداية هجرة البشرية نحو الله، وبداية تشكل التكتلات الإقليمية الكبرى، أي بداية هجرة الدولة القومية نحو الدولة العابرة للقوميات. والاتحاد الأوروبي نموذج على الكيان السياسي العابر للقوميات، فهو تكتل لأكثر من 25 وطن وشعب في القارة الأوروبية، في أمة جديدة ووطن جديد،وكتلة سكانية تقارب 300م نسمة. لكن حجم الصين السكاني لوحدها والهند لوحدها أكثر بثلاثة أضعاف الاتحاد الأوروبي.أي أنهما تعيشان عملياً عصر ما بعد الحداثة. وبالمناسبة فأوربا الغربية لم تنهض إلا بعد نمو سكاني هائل شهده عصرها الحديث. وشيخوختها السكانية العامل الحاسم في تقهقرها أمام الصين والهند اليوم وفي مقبل العقود.
نحن أيضاً أمة العروبة والإسلام عملاق سكاني، يقارب تعدادنا المليار ونصف، فهل بإمكاننا أن نبصم بصمة إسلامية على الحضارة العالمية في منتصف هذا القرن؟؟ الجواب رأساً نعم. لكن بشرطين أساسيْن: أن نمتلك كأمة وصفوة الوعي التاريخي المطابق،والفعل التاريخي المطابق.وعي مطابق لروح الإسلام وروح عصرما بعد الحداثة،وفعل تاريخي مطابق لمقاصد الإسلام مسخِّراً منتجات عصرنا في النهوض.أول الوعي التاريخي إدراك أن بداية انتقال الحضارة إلى الشرق هو تعبير عن مرحلة انتقالية في التاريخ البشري اليوم.ويسمى عند علماء التاريخ ب(( الأنومية)).أهم خصائصها بداية تفكك القوانين أو السنن التاريخية التي كانت تحكم المرحلة السابقة،وبداية تشكل قوانين أو سنن تاريخية جديدة. فإدراك اللحظة التاريخية لبداية التشكل أول الوعي عندنا، والتدخل السريع الراشد للإسهام في صياغة تشكيل تلك السنن ثاني الوعي. في هذه اللحظة الحاسمة نفهم العلاقة الجدلية بين حرية الفعل الإنساني في التاريخ وجبريته. فمثل المرحلة الانتقالية كمثل طرق قضبان الحديد الساخن، فيمكنك ليِّها وتشكيلها بيسر حتى وإن كانت سميكة، لكن إن برد الحديد السميك فليُّه وتشكيل قضبانه يصبح أكثر صعوبة،وربما مستحيلا.فبتدخلنا في صياغة القوانين التاريخية للمرحلة الانتقالية، سنضمن بصمة إسلامية على الحضارة العالمية للقرون المقبلة، وذلك بداية شهودنا الحضاري الثاني.إنها مرحلة الحرية في الفعل التاريخي.لكن إن تشكلت السنن التاريخية للمرحلة المقبلة، لا قدر الله دون إسهام إسلامي، فسنكون على هامش مجرى التاريخ لهذا القرن على أقل تقدير.فعندما تتشكل السنن التاريخية وتبرد ندخل كشعوب وحضارات في جبريتها الصارمة،منفعلين لا فاعلين، منضبطين لإيقاعها الصارم حتى حين.
فبداية انتقال الحضارة نحو الشرق فرصة تاريخية لنهضة الأمة الإسلامية من جديد، وشهود حضاري جديد.فكيف نسخرها؟ التسخير يتطلب رعاية وتطويرا وتنمية ثلاث صحْوات كبرى:الصحوة الإسلامية الجارية في وسطنا منذ عقود ،والصحوة الديمقراطية الجارية مع الربيع الديمقراطي العربي،وأضيف لها: ((الصحوة القومية)) أي الانتقال إلى عصر التكتلات الكبرى، إلى عصر الدولة العابرة للقوميات والأقطار. تلك هي الرافعات الكبرى لانتقالنا من عصر الصحوة إلى عصر النهضة، من عصر بناء الإيمان إلى بناء السلطان والعمران.
إننا نسعى كمسلمين إلى إقامة الاستخلاف الراشد في الأرض، وهو عمارة من ثلاثة طوابق: بناء الإنسان الراشد، وبناء السلطان الراشد، وبناء العمران الراشد.الرعاية تتطلب تعميق الصحوة الدينية أفقيا وعمودياً بين المسلمين.و تعميق الصحوة الديمقراطية أفقياً وعمودياً في المجتمع.وتعني أيضاً وبملحاحية التفكير والعمل جدياً على بناء التكتلات الإسلامية والعربية في دار الإسلام.لابد أن يصبح هذا الهدف التاريخي على رأس أجندة العلماء والمفكرين والأحزاب الإسلامية والجماعات الإسلامية الجمعيات المدنية.لابد من بناء تكتل في شمال إفريقيا يمثل المغرب الكبير في مرحلته الأولى.يُجمِّع عرب إفريقيا في مرحلة ثانية، ومسلمي إفريقيا في مرحلة ثالثة.وتكتل لعرب آسيا،.وآخر في وسط آسيا من باكستان إلى كازاخستان. وآخر في جنوب شرق آسيا.فنحن عملاق سكاني، لكننا كغثاء السيل لا قيمة حضارية للمليار والنصف إلا بدخولنا عصر كيان الدولة العابر للقوميات.والكيان السياسي لن يكون دولة مركزية كلاسيكية،أو نظام خلافة كلاسيكي أبداً، بل كيانات في شكل فدراليات أو كونفدراليات على نموذج الاتحاد الأوروبي.
عند تسخير هذه الفرص فقط سيستيقظ المارد الإسلامي من جديد.ليشهد على الشعوب بالعلم والعدل والرحمة والعيش الكريم والسلام الدولي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.