يجتمع أزيد من مائة عالم ومفكر من 15 دولة بينها المغرب طيلة أربعة أيام لبلورة تصور حول فقه رؤية العالم والعيش فيه وذلك في إطار فعاليات الدورة الثانية عشرة من ندوة «تطور العلوم الفقهية: فقه رؤية العالم والعيش فيه» والتي انطلقت أول أمس السبت بالعاصمة العمانية مسقط. وفي كلمته خلال افتتاح الندوة، قال عبد الرحمن السليمي رئيس اللجنة المنظمة أن هذه الندوة تلتمس قراءة ما جرى على تقاليد العيش وما كانت تسهم به المذاهب الفقهية التي هوجمت باعتبارها جزءا من التقاليد، مضيفا أن هذه الندوة تهدف إلى لفت الانتباه لعدد من الظواهر في حياة أمتنا وعلاقتها بالذات، ومدخلا لتعليل التأمل في فهم التطور الفقهي ضمن المذاهب وخارجها، لأنه صار ضامنا للتلاؤم في ضوء التجربة، تجربة التفكير بالنوازل، وتجربة العيش المستقر الآمن واستلهام فقهنا الحضاري ومقاصده في مواجهة التأزم وإزالته. من جهته، أشار الدكتور شوقي علام مفتي جمهورية مصر العربية إلى أن الفكر المهيمن حاليا هو إقصاء الإسلام وهذا يبدو من خلال نظريتي نهاية التاريخ و صدام الحضارات. واللتين تعتبران الفكر الإسلامي خطرا على الحكم الديمقراطي وبالتالي ينبغي العمل على إقصائه ويتصور أن نهاية التاريخ ستكون لصالح الحكم الليبرالي. وشدد الدكتور شوقي علام « نحن لا نريد أن نقصي غيرنا بل التعاون معه والعيش بأمان» مؤكدا في هذا الصدد اهتمام الاسلام بالتعايش مع الآخر من غير المسلمين وذلك وفق مبادئ العدل والرحمة والمساواة واحترام ثقافة الآخرين والمشاركة معهم فى إعمار الأرض وإصلاحها، وشدد مفتي مصر في كلمته على أهمية مفهوم المواطنة أو العقد الاجتماعى للتعامل بين المسلمين وغيرهم في البلد الواحد فى إطار من العدالة التي تضمن للجميع نفس الحقوق والواجبات. من جهته، دعا الدكتور أحمد حمد الخليلى مفتى سلطنة عمان إلى التمسك بقيم العدل والأخلاق الحسنة في تعامل المسلمين مع الآخر غير المسلم، مشددا على أن الإسلام يطمئن الجميع على حقوقه وذلك وفق مبادئ الشريعة الإسلامية. وأضاف الخليلي أن العدل حقٌ لجميع الناس أمر به الإسلام مهما كانت الخلافات أو البغضاء، مشيرا إلى كون العدالة في التشريع الإسلامي قضية تطبيقية وليس فقط مسألة نظرية. وفي سياق الحديث عن العدل والعدالة وما ينبغي فعله من أجل إنصاف البشرية في زمن تعاني فيه بعض الأقليات المسلمة الظلم كالروهينغا في ميانمار، تحدث المستشار بوزارة الأوقاف العمانية الدكتور سالم الخروصي للجزيرة نت، موضحا أن الأقليات المسلمة تشكل حوالي 450 مليون مسلم في العالم، وأن اضطهاد بعضهم كمسلمي ميانمار يلقي مسؤولية على الأمة الإسلامية التي يجب أن تقف معهم. هذا وتتواصل أشغال الندوة إلى غاية الثلاثاء المقبل بتناول عدد من المحاور من بينها « الخطاب التشريعي في فقه التعايش» و «المدارس الفقهية وفقه العيش في العالم» و «فقه العيش المشترك و عيش الخصوصة» و « حقوق المخالف دينيا « ثم أصل العلاقة مع غير المسلمين في المنظور الإسلامي» و « فقه الملاءمة والمجتمع الدولي». هذا وتبدو أهمية الندوة - حسب المنظمين- في اعتبار مصطلح العيش مطروحا في ساحة العلاقات الدولية بين الشعوب كجامع لمفاهيم التقارب والحوار والتسامح من أجل تحقيق التقدم الكبير في محور العلاقات الإنسانية و الدولية ولكي يؤطر هذا المصطلح بما يكفل استمراره وتحقيق الغايات منه في ظل الاهتمام المتوالي به، وبغية إزالة كافة الملابسات التي تعتري هذا المفهوم ودلالاته. يذكر أن ندوة تطور العلوم الفقهية ستكمل نسختها الثانية عشرة هذا العام حيث تناولت في سنواتها الأحد عشرة مواضيع: القواعد الشرعية، والتأليف الموسوعي، والمقاصد الشرعية، وفقه النوازل، والتقنين والتجديد في الفقه، ومستقبل الفقه « فقه التوقع «، والفقه الحضاري « فقه العمران «، والفقه في عالم متغير ، و النظرية الفقهية.