اقتحمت قوات الاحتلال الصهيوني، ومعها قطعان المستوطنين، باحات المسجد الأقصى المبارك، أمس، في اعتداء جديد ينضاف إلى سلسلة الاعتداءات المكثفة التي دأب الاحتلال على تنفيذها في إطار مخططات خطيرة تستهدف تصفية المسجد المبارك وبناء «هيكل» مكانه وسحب السيادة الإسلامية عليه. يأتي ذلك، بعد يوم من تصدر الشأن الفلسطيني والأوضاع في القدسالمحتلة البيان الختامي للقمة العربية الرابعة والعشرين، التي أنهت أعمالها بالعاصمة القطرية الدوحة، مساء أول أمس، حيث أكد على ضرورة المحافظة على هوية القدس ومنع «تهويدها». وأفرغت سلطات الاحتلال المسجد الأقصى، صباح أمس، من المصلين وطلاب العلم، واستنفرت قواتها داخل ساحاته، قبل أن تسمح لثلاثة مجموعات من المستوطنين بدخوله من جهة باب المغاربة. وقالت مؤسسة الأقصى للوقف والتراث، في بيان لها نشرته في موقعها الالكتروني، إن المستوطنين تجولوا في النواحي الجنوبية والشرقية من المسجد محاولين أداء بعض الطقوس الدينية. وأشارت إلى أن حالة من الترقب الشديد تسود المسجد الأقصى المبارك، لاقتاً إلى أن قوات الاحتلال ترصد كل تحرك في الأقصى وتطوق مصاطب العلم. وبينت المؤسسة أن عددًا كبيرًا من قوات الاحتلال تمركزت عند بوابات المسجد الأقصى ومنعوا عددًا من المصلين من الدخول إليه، فيما يتجمع العشرات من طلاب العلم في أنحاء متفرقة من الأقصى. يأتي ذلك، في أعقاب الدعوة التي وجهها عضو الكنيست «موشيه فيغلين» من حزب الليكود بيتنا الذي يتزعمه نتنياهو، للصهاينة لدخول الأقصى والاحتفال بعيد الفصح اليهودي. وحسب مصادر فلسطينية في المسجد الأقصى، فإن الشرطة الصهيونية منعت «فيغلين» من دخول باب المغاربة للوصول إلى المسجد بسبب الأجواء المتوترة في ساحاته، وتحسبا لإعلان شبان فلسطينيين نيتهم التظاهر في حال دخوله. وكثف المستوطنون في الآونة الأخيرة من حملات اقتحام ساحات المسجد الأقصى المبارك، فيما نصب عدد منهم شمعداناً مصنوعاً من الورق البلاستيكي اللاصق على أحد الحجارة الموجودة في الزاوية الشرقية من المسجد الأقصى وهو الموقع الذي يتعمد المستوطنون تأدية شعائر تلمودية فيه، يطلقون عليها «الانبطاح المقدس قبالة الهيكل». واعتبرت المؤسسة أن هذه الحادثة خطيرة ولها مدلولاتها، مشيرة إلى أن مثل هذه الممارسات تندرج ضمن مخططات الاحتلال التي تستهدف المسجد الأقصى، ومحاولة فرض أمر واقع تتعدد صوره في الحرم القدسي، وأنه يستطيع فعل ما يشاء في المكان دون رادع. من جهته، أفاد ناجح بكيرات مدير المسجد الأقصى لوكالة الأناضول للأنباء بأن «قرابة 112 مستوطنا إسرائيليا اقتحموا المسجد الأقصى قرابة الساعة السابعة فجرا وحتى الساعة العاشرة صباحا (5 إلى 8 تغ)، عبر بوابة باب المغاربة بعد أن سبق ذلك انتشار الشرطة والجيش في ساحات الأقصى». وأضاف بكيرات أن «قوات الاحتلال قامت صباح اليوم (أمس) بطرد المرابطين في ساحات الأقصى، ومنعت الشبان من الدخول إليه». وأكد بكيرات على أن حكومة رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو «جاءت لترد بهذا التصرف على القمة العربية من خلال سلوكها التهويدي للمسجد الأقصى»، معتبرا ذلك «إهانة للأمة الإسلامية والعربية». وكان مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين، قد دعا الفلسطينيين، وخاصة المقدسيين منهم إلى الرباط في المسجد الأقصى المبارك وحمايته من هجمات المستوطنين المتطرفين. وأكد حسين في تصريحات لصحيفة «فلسطين» التي تصدر في غزة، أمس الأربعاء، أن هناك العشرات من المتطرفين يتجهزون لاقتحام باحات المسجد الأقصى، وسط حماية أمنية إسرائيلية مشددة. وأوضح أن الاحتلال يسعى من خلال تكرار هجماته «الاستفزازية» في اقتحام المسجد الأقصى، لخلق وفرض سياسة الأمر الواقع، وجعل المقدسات أماكن مباحة للمتطرفين اليهود. وشدد الشيخ حسين على أن الفلسطينيين لن يسمحوا لمستوطن واحد بتدنيس المسجد الأقصى المبارك، وسيطردونهم من حيث أتوا، محذراً في الوقت ذاته من المخططات الصهيونية الرامية لتهجير المقدسيين وإفراغ المدينة من سكانها. وطالب الأمة العربية والإسلامية بالتحرك العاجل لإنقاذ المسجد الأقصى المبارك، وتوفير الدعم لصمود أهل القدس في وجه مخططات (إسرائيل).