تقدم المجلس الوطني لحقوق الإنسان بمذكرة متعلقة بالقانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية بهدف المساهمة في النقاش العمومي المتعلق بإصلاح منظومة العدالة، وذلك طبقا للاختصاصات الموكولة إليه بموجب الدستور، وإعمالا لمقتضيات الفقرة الثانية من الفصل 25 من الظهير الشريف المنظم للمجلس الوطني لحقوق الإنسان بتاريخ فاتح مارس 2011 . مذكرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان جاءت لإغناء القانون التنظيمي المتعلق بالسلطة القضائية طبقا للمادة 13 من الظهير الشريف المحدث للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، والمتعلق ببحث ودراسة ملاءمة النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل مع المعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان وبالقانون الدولي الإنساني التي صادقت عليها المملكة وانضمت إليها، وكذا في ضوء الملاحظات الختامية والتوصيات الصادرة عن أجهزة المعاهدات الأممية الخاصة بالتقارير المقدمة لها من لدن الحكومة، واعتبارا لكون الحوار الوطني حول إصلاح العدالة يشكل فرصة تاريخية لبناء تشاوري للمبادئ الأساسية للسياسات العمومية المتعلقة بإصلاح هذا القطاع الاستراتيجي.. المقترحات المتضمنة في هذه المذكرة قد تم إعدادها بناء على مختلف المرجعيات المعيارية والتصريحية على المستويين الوطني و الدولي، كما قام المجلس الوطني لحقوق الإنسان بدراسة مقارنة لعدد من النصوص القانونية المنظمة للمجالس العليا للقضاء في عدد من البلدان الديمقراطية، وذلك لتقريب المقترحات المقدمة في إطار هذه المذكرة من الممارسات الجيدة السارية المفعول في هذه البلدان. واعتمد المجلس في إعداد المذكرة على المرجعيات المعيارية والتصريحية من قبيل الدستور ولاسيما الفصول (19-56-57-86-107-111-113-109-114-115-116)، المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، كما تم التعليق عليها من طرف لجنة حقوق الإنسان في ملاحظاتها العامة رقم 32 وخاصة الفقرة 19 و20 من التعليق المذكور. كما اعتمد على المبادئ الأساسية بشأن استقلال السلطة القضائية كما صادقت عليها الجمعية العامة للأمم المتحدة في قراريها 40-32 بتاريخ 29 نونبر 1985 و146-40 بتاريخ 13 دجنبر 1985 ولاسيما من النقطة الثامنة إلى النقطة العشرين، و المبادئ التوجيهية بشأن دور أعضاء النيابة العامة كما اعتمدها مؤتمر الأممالمتحدة الثامن لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين المعقود في هافانا (كوبا) من 27 غشت إلى 7 شتنبر 1990 ولاسيما النقط 21-13-9-8-7-6-و22 منها... تقوية موقع المجلس الأعلى للسلطة القضائية تقدم المجلس الوطني لحقوق الإنسان بتبرير مقترحاته المتعلقة بالقانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية بحجج يمكن إجمالها في: ● الحجة الأولى: ضرورة أن يكرس القانون التنظيمي مجموعة من القواعد الضامنة للاستقلالية المالية والإدارية للمجلس الأعلى للسلطة القضائية. ● الحجة الثانية: إن المقترحات المتعلقة بكيفيات انتخاب ممثلي القضاة تستهدف الاستجابة لمتطلبات الشفافية والبساطة، مع تأمين تمثيلية منصفة للنساء القاضيات، ومن منظور المجلس الوطني لحقوق الإنسان، فإن تحقيق هذه الأهداف يمر عبر تقوية موقع المجلس الأعلى للسلطة القضائية، عبر رئيسه المنتدب في مسار تنظيم العمليات الانتخابية كما أن نمط الاقتراع المقترح من شأنه ضمان وحدة الجسم القضائي مع ضمان تنوع تمثيلية القضاة. ● الحجة الثالثة: اعتبارا لمستوى التقنين الملائم عموما الذي تتسم به حقوق وواجبات القضاة في النصوص التشريعية السابقة على الدستور الحالي، واعتبارا للضمانات النظامية الجديدة التي يمنحها الدستور الحالي للقضاة فإن المجلس الوطني لحقوق الإنسان يقترح تكريس المبادئ الأساسية المحددة لحقوق وواجبات القضاة في القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاة وأيضا في إطار مدونة سلوك تناط صياغتها واعتمادها ونشرها مستقبلا بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية. ● الحجة الرابعة: فيما يتعلق باختصاصات المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وبعد دراسة مختلف التجارب المقارنة، واعتبارا للاختصاصات الجديدة المسندة إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية بنص الدستور، فإن المجلس الوطني لحقوق الإنسان يقترح تصنيف هذه الاختصاصات في مكونات موضوعاتية كبرى، مع اقتراح توزيع جديد لبعض الاختصاصات التي تمارسها حاليا وزارة العدل. ● الحجة الخامسة: نظرا لكون المقتضيات التفصيلية المتعلقة بتدبير المسار المهني والنظام التأديبي للقضاة سيتم التنصيص عليها في القانون التنظيمي المحدد للنظام الأساسي للقضاة، فإن المجلس الوطني لحقوق الإنسان يقترح إدراج بعض المبادئ الأساسية المتعلقة بهذين الموضوعين ضمن القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، من أجل تقوية الضمانات النظامية الخاصة بالقضاة. ● الحجة السادسة: إن مقترحات المجلس الوطني لحقوق الإنسان بخصوص تكوين القضاة وكتاب الضبط والمحامين وباقي مهنيي العدالة، تندرج في إطار منطق إعادة بناء عرض التكوين في مجال المهن القضائية والقانونية من أجل الاستجابة للطلب الاجتماعي على الولوج إلى قضاء للقرب وذي جودة. وهكذا يمكن تقديم مقترحات المجلس الوطني لحقوق الإنسان المتعلقة بالقانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية كما يلي: -المبادئ المتعلقة بالاستقلال الإداري والمالي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية: من أجل ضمان الاستقلال الإداري والمالي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، يقترح أن يكرس القانون التنظيمي للمجلس المذكور القواعد التالية: 1 -تسجيل الاعتمادات المرصودة لميزانية المجلس في الميزانية العامة للدولة تحت فصل بعنوان «المجلس الأعلى للسلطة القضائية». 2 -الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية هو الآمر بصرف الاعتمادات المخولة للمجلس. 3 -ويتولى محاسب يلحق بالمجلس بقرار من السلطة الحكومية المكلفة بالمالية، القيام لدى الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية بجميع الصلاحيات المسندة إلى المحاسبين العموميين بمقتضى القوانين والأنظمة المعمول بها. 4 -يمكن للرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية تعيين موظفي المجلس إما عن طريق التوظيف أو الإلحاق طبقا للنصوص التشريعية و التنظيمية الجاري بها العمل. كيفيات انتخاب ممثلي القضاة طبقا للفصل 115 من الدستور، فإن المجلس الأعلى للسلطة القضائية يرأسه الملك ويتألف من: -الرئيس الأول لمحكمة النقض، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس الغرفة الأولى بمحكمة النقض، أربعة ممثلين لقضاة محاكم الاستئناف، ينتخبهم هؤلاء القضاة من بينهم ستة ممثلين لقضاة محاكم أول درجة، ينتخبهم هؤلاء القضاة من بينهم. ويجب ضمان تمثيلية النساء القاضيات من بين الأعضاء العشرة المنتخبين، بما يتناسب مع حضورهن داخل السلك القضائي، الوسيط، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، خمس شخصيات يعينها الملك، مشهود لها بالكفاءة والتجرد والنزاهة، والعطاء المتميز في سبيل استقلال القضاء وسيادة القانون، من بينهم عضو يقترحه الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى. فيما يتعلق بالهيئة الانتخابية، يقترح المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن يتم انتخاب ممثلي القضاة بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية من طرف زملائهم العاملين أو الموجودين في وضعية إلحاق منقسمين إلى هيئتين انتخابيتين: قضاة محاكم الاستئناف. قضاة محاكم أول درجة. وتقوم كل هيئة على حدة بانتخاب ممثليها بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية. زمن أجل تطبيق مقتضيات الفصل 115 من الدستور، يقترح المجلس الوطني لحقوق الإنسان تخصيص عدد من المقاعد للنساء بما يتناسب مع حضورهن داخل السلك القضائي. أما فيما يتعلق بإعداد الجسم الانتخابي، فإن المجلس الوطني لحقوق الإنسان يقترح في إطار منظور يستهدف تقوية ضمانات استقلال السلطة القضائية، أن يدرج القانون التنظيمي بعض المقتضيات المنظمة حاليا في إطار مجال السلطة التنظيمية(المرسوم)، وفي هذا الإطار يقترح أن يشتمل القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية مقتضيين تم التنصيص عليهما في الفصل الأول من المرسوم رقم 2.75.882 بتاريخ 23 دجنبر 1975 يتعلق بانتخاب ممثلي القضاة بالمجلس الأعلى للقضاء، كما تم تعميمه وتعديله بالمرسوم رقم 2.93.69 بتاريخ 25 غشت 1993 والمسوم رقم 2.94.684 بتاريخ 7 دجنبر 1994 ويتعلق الأمر بالمقتضى الذي ينص على فقدان القضاة الموجودين في حالة استيداع أو توقيف عن عملهم صفة الناخب طيلة المدة التي يوجدون خلالها في إحدى الحالتين المذكورتين وكذلك المقتضى الذي ينص على أن القضاة الموجودين في وضعية إلحاق ينتخبون مع الهيئة التي ينتمون إليها بحكم درجتهم النظامية. أما فيما يتعلق بالقابلية للانتخاب، ومن أجل ضمان درجة مهمة من تمثيلية القضاة، فإن المجلس الوطني لحقوق الإنسان يقترح أن لا يصح انتخاب قاض أو قاضية في هيئة من الهيئتين المشار إليهما سابقا إلا إذا كان ناخبا فيها، ومزاولا مهامه عمليا بمحاكم الاستئناف أو بمحاكم أول درجة لمدة لا تقل عن خمس سنوات في تاريخ العملية الانتخابية المعنية. إن نفس المنطق يبرر مقترحات المجلس الوطني في مجال عدم القابلية للانتخاب، ذلك أن هذه المقترحات تستهدف رفع بعض المقتضيات من مستوى المرسوم إلى مستوى يدرجها في القانون التنظيمي مع الأخذ بعين الاعتبار مقتضيات الفصل 114 من الدستور، وهكذا يقترح المجلس ألا يصح انتخاب القضاة الموجودين في إجازة مرض طويلة الأمد، وكذا القضاة الذين صدرت في حقهم عقوبات تأديبية غير الإنذار أو التوبيخ إلا إذا صدر في حقهم عفو أو تم إلغاء قرار العقوبة التأديبية على إثر طعن بسبب الشطط في استعمال السلطة أمام أعلى هيئة قضائية إدارية بالمملكة. ويقترح المجلس الوطني ضمن نفس المنطق رفع مقتضيات الفصل 3 من المرسوم المشار إليه سابقا إلى مستوى إدراجها في القانون التنظيمي حيث يقترح أن ينص هذا الأخير على انتخاب ممثلي القضاة لمدة 5 سنوات غير قابلة للتجديد مع احتساب المدة ابتداء من تاريخ إعلان النتائج.وبعد تحليل عدد من التجارب المقارنة، وبالنظر للوضع الالي لتنظيم الجسم القضائي، فإن المجلس الوطني لحقوق الإنسان يقترح أن يقوم الناخبون (كل حسب هيئته) بانتخاب ممثليهم بالاقتراع السري وبنمط الاقتراع الفردي بالأغلبية النسبية. مقترحات في مجال تنظيم العمليات الانتخابية من أجل تقوية موقع المجلس الوطني للسلطة القضائية في تحديد القواعد المنظمة لانتخاب ممثلي القضاة، يقترح المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن تنقل إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية الصلاحيات المخولة حاليا إلى وزارة العدل والحريات في مجال تنظيم العمليات الانتخابية. وهكذا يقترح المجلس الوطني أن يتم تحديد إجراء انتخاب ممثلي القضاة بقرار صادر من الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية شهرا على الأقل قبل انتهاء مدة انتداب القضاة المنتخبين. ولنفس الغاية، يقترح المجلس الوطني أن تحدد بقرار صادر عن الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية كيفيات حصر وتعليق والتحقق من لوائح الناخبين بكل هيئة وكذا الطلبات المتعلقة بهذه اللوائح، عدد المقاعد المخصصة للنساء برسم كل هيئة، كيفيات التصريح بالترشيح، تاريخ افتتاح وانتهاء عملية تعريف المترشحين بأنفسهم(الحملة الانتخابية)، القواعد المتعلقة بتأليف مكاتب التصويت ولجان الإحصاء، القواعد المتعلقة بعملية التصويت، القواعد المتعلقة بتحرير المحاضر وإحصاء الأصوات وإعلان النتائج، القواعد المتعلقة بتعويض ممثلي القضاة المنتخبين وإجراء الانتخابات الجزئية. ومن أجل ضمان الانسجام المنطقي لهذا المقترح، يقترح المجلس الوطني أن يتم حصر لوائح الناخبين الخاصة بكل هيئة من طرف الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، بناء على المعطيات التي ينقلها إليه وزير العدل و الحريات. غير أنه ومن أجل احتواء بروز نمط حكامي جد رئاسي من جهة، ومن أجل تقوية البعد التداولي في حكامة المجلس الأعلى للسلطة القضائية، فإن المجلس الوطني يقترح أن تستند قرارات الرئيس المنتدب المشار إليها أعلاه على مداولة الجمعية العامة. إضافة إلى الحقوق والواجبات المكرسة بمقتضيات الأنظمة الأساسية الخاصة بكل نوع من الأعضاء، حسب الحالة، يقترح أن يكرس القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية عددا من حقوق وواجبات الأعضاء. وهكذا يمكن لمقتضيات القانون التنظيمي أن تنص على أن يمارس أعضاء المجلس الأعلى للسلطة القضائية مهامهم باستقلال وتجرد ونزاهة. كما يمكن لإحدى مقتضيات هذا القانون التنظيمي أن تفرض على أعضاء وموظفي المجلس الإلتزام بالسر المهني. كما يقترح أن يلزم القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية الأعضاء بالتصريح بكل تنازع للمصالح من شأنه أن يؤثر على قرارات المجلس المذكور، وفي حالة تكريس هذا المبدأ، يمكن تحديد كيفيات التصريح بتنازع المصالح في النظام الداخلي للمجلس، وضمن نفس المنطق يمكن للقانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية أن يمنع على الأعضاء استعمال صفاتهم كأعضاء بهذا المجلس لأغراض ذات طابع شخصي كيفما كانت.