غسل الأموال وتمويل الإرهاب… وزارة الداخلية تضع الكازينوهات تحت المجهر    الحكومة المغربية تعزز قطاع الدفاع الوطني بإعفاءات ضريبية جديدة    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة    اكادير تحتضن كأس محمد السادس الدولية للجيت سكي    جدعون ليفي يكتب: مع تسلم ترامب ووزرائه الحكم ستحصل إسرائيل على إذن بالقتل والتطهير والترحيل    وليد الركراكي: المباراة أمام الغابون ستكون "مفتوحة وهجومية"    صحيفة إيطالية: المغرب فرض نفسه كفاعل رئيسي في إفريقيا بفضل "موثوقيته" و"تأثيره"    عامل إقليم الجديدة يزور جماعة أزمور للاطلاع على الملفات العالقة    بوريطة: المغرب شريك استراتيجي لأوروبا .. والموقف ثابت من قضية فلسطين    مثل الهواتف والتلفزيونات.. المقلاة الهوائية "جاسوس" بالمنزل    تعيين مدير جديد للمدرسة الوطنية للهندسة المعمارية بتطوان    المنتخب المغربي يفوز على نظيره المصري في التصفيات المؤهلة لكأس أمام أفريقيا للشباب    إقصائيات كأس أمم إفريقيا 2025 (الجولة 5).. الغابون تحسم التأهل قبل مواجهة المغرب    اشتباكات بين الجمهور الفرنسي والاسرائيلي في مدرجات ملعب فرنسا الدولي أثناء مباراة المنتخبين    السفيرة بنيعيش: المغرب عبأ جهازا لوجستيا مهما تضامنا مع الشعب الإسباني على خلفية الفيضانات    الحسيمة : ملتقي المقاولة يناقش الانتقال الرقمي والسياحة المستدامة (الفيديو)    مقاييس التساقطات المطرية خلال 24 ساعة.. وتوقع هبات رياح قوية مع تطاير للغبار    بحضور التازي وشلبي ومورو.. إطلاق مشاريع تنموية واعدة بإقليم وزان    عنصر غذائي هام لتحسين مقاومة الأنسولين .. تعرف عليه!    المنتخب المغربي الأولمبي يواجه كوت ديفوار وديا في أبيدجان استعدادا للاستحقاقات المقبلة    لمدة 10 سنوات... المغرب يسعى لتوريد 7.5 ملايين طن من الكبريت من قطر    الدرك الملكي بتارجيست يضبط سيارة محملة ب130 كيلوغرامًا من مخدر الشيرا    وزيرة الاقتصاد والمالية تقول إن الحكومة واجهت عدة أزمات بعمل استباقي خفف من وطأة غلاء الأسعار    أزمة انقطاع الأدوية تثير تساؤلات حول السياسات الصحية بالمغرب    هل يستغني "الفيفا" عن تقنية "الفار" قريباً؟    مصرع شخص وإصابة اثنين في حادث انقلاب سيارة بأزيلال    بتهمة اختلاس أموال البرلمان الأوروبي.. مارين لوبان تواجه عقوبة السجن في فرنسا    الارتفاع ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    ‬المنافسة ‬وضيق ‬التنفس ‬الديموقراطي    حوالي 5 مليون مغربي مصابون بالسكري أو في مرحلة ما قبل الإصابة    الجمعية الوطنية للإعلام والناشرين تسلم "بطاقة الملاعب" للصحافيين المهنيين    ألغاز وظواهر في معرض هاروان ريد ببروكسيل    الحكومة تعلن استيراد 20 ألف طن من اللحوم الحمراء المجمدة    صيدليات المغرب تكشف عن السكري    ملتقى الزجل والفنون التراثية يحتفي بالتراث المغربي بطنجة    الروائي والمسرحي عبد الإله السماع في إصدار جديد    خلال 24 ساعة .. هذه كمية التساقطات المسجلة بجهة طنجة    الإعلان عن العروض المنتقاة للمشاركة في المسابقة الرسمية للمهرجان الوطني للمسرح    نشرة إنذارية.. هبات رياح قوية مع تطاير للغبار مرتقبة اليوم الخميس وغدا الجمعة بعدد من أقاليم المملكة    معدل الإصابة بمرض السكري تضاعف خلال السنوات الثلاثين الماضية (دراسة)    تمديد آجال إيداع ملفات الترشيح للاستفادة من دعم الجولات المسرحية    مركز إفريقي يوصي باعتماد "بي سي آر" مغربي الصنع للكشف عن جدري القردة    الاحتيال وسوء استخدام السلطة يقودان رئيس اتحاد الكرة في جنوب إفريقا للاعتقال    عواصف جديدة في إسبانيا تتسبب في إغلاق المدارس وتعليق رحلات القطارات بعد فيضانات مدمرة    "هيومن رايتس ووتش": التهجير القسري الممنهج بغزة يرقي لتطهير عرقي    إسرائيل تقصف مناطق يسيطر عليها حزب الله في بيروت وجنوب لبنان لليوم الثالث    أسعار النفط تنخفض بضغط من توقعات ارتفاع الإنتاج وضعف الطلب    حفل توزيع جوائز صنّاع الترفيه "JOY AWARDS" يستعد للإحتفاء بنجوم السينماوالموسيقى والرياضة من قلب الرياض    ترامب يعين ماركو روبيو في منصب وزير الخارجية الأمريكي    هذه أسعار أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    غارة جديدة تطال الضاحية الجنوبية لبيروت    أكاديمية المملكة تفكر في تحسين "الترجمة الآلية" بالخبرات البشرية والتقنية    الناقد المغربي عبدالله الشيخ يفوز بجائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    جرافات الهدم تطال مقابر أسرة محمد علي باشا في مصر القديمة    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بن حماد في محاضرة حول «الخطاب ومستوياته في القرآن الكريم»: أخطر شيء ينبغي أن نتجنبه هو حمل النصوص على ظواهرها
نشر في التجديد يوم 04 - 02 - 2013

قال مولاي عمر بن حماد، عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الجمعة المنصرم، إن الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم ليس على ميزان واحد، موضحا أن هذه هي القاعدة الجامعة في موضوع النظر إلى ما جاء في كتاب الله تعالى خطابا لرسوله الكريم، القارئ لكتاب الله تعالى يقول بن حماد وهو يقرأ الآيات، عليه أن يضع في حسبانه أن هذه الآيات وكل ما جاء خطابا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليس على ميزان واحد، موضحا في محاضرة له، نظمتها حركة التوحيد والإصلاح في مقرها المركزي بالرباط في إطار سلسلة دروس سبيل الفلاح، أن أقل ما نستطيع أن نميز فيه بين قسمين كبيرين، منه ما وقع خطابا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يتعداه إلى غيره، وبذلك يكون خاصا به، ومنه ما وقع خطابا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولكنه يشمل غيره، مضيفا مع إمكانية التمييز في هذا القسم الثاني بين مستويين، إما أن يكون ما يشمله الخطاب فقط أتباع النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين به وبرسالته، أو أن يمتد ذلك إلى غير المؤمنين.
الخطاب متنوع
أوضح بن حماد أنه في البداية لا بد أن نقول بان الخطاب في كتاب الله تعالى متنوع ومتعدد، من جهة المضامين ومن جهة المعنيين بتلك المضامين، فهو يشمل جانب العقيدة، وجانب العبادات، وجانب المعاملات الأخلاق، والقصص وأشياء كثيرة جدا، مبرزا أنه أيضا على مستوى المخاطبين بهذا الخطاب فهو مستويات متنوعة ومتعددة جدا، مفسرا بحيث نقول أن القرآن الكريم نزل كله على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن لم يكن صلى الله عليه وسلم هو المعني بكل أية نزلت فيه تحديدا، هو نزل عليه كله، ولكن لم ينزل فيه كله، منه ما نزل فيه صلى الله عليه وسلم، ومنه ما نزل في غيره، وأعطى بن حماد أمثلة من القرآن الكريم لآيات في المستوى الأول أي ما كان خطابا لرسول الله صلى الله عليه وسلم من قبيل }يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً{، واضح أن هذا خطاب يقول المتحدث لرسول الله صلى الله عليه وسلم في تدبير ما كان وقع في بيته صلى الله عليه وسلم من اعتراض أمهات المؤمنين على مستوى المعيشة الذي كان، ومن ذلك كذلك قوله تعالى }يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ. قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا. نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا. أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا{، واضح، يقول بن حماد أيضا أن الخطاب للرسول الكريم، أو من أمثلة ذلك كذلك قوله تعالى «يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ{، هذه كلها آيات واضح أن الخطاب فيها للرسول صلى الله عليه وسلم يؤكد بن حماد.
خطاب لغير النبي
وأبرز نائب رئيس حركة التوحيد والإصلاح أن من القرآن الكريم ما كان خطابا لغير رسول الله صلى الله عليه وسلم، من ذلك مثلا }يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا{، واضح يقول بن حماد أن الخطاب لأمهات المؤمنيين نساء النبي صلى الله عليه وسلم، وليس لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ومثله قوله تعالى كذلك }يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ. إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا{، ومنه ما جاء أيضا خطابا لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في آيات كثيرة من ذلك مثلا }وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ{، واضح فيها حسب المتحدث أن الخطاب لصحابة الرسول صلى الله عليه وسلم، يذكرهم فيها الله سبحانه وتعالى بنعمه، ومنه يضيف بن حماد ما جاء خطابا لبني إسرائيل خصوصا ولأهل الكتاب عموما، من قبيل قوله تعالى }يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى{، واضح هنا أيضا يقول المتحدث أنه تذكير الله سبحانه وتعالى لأهل الكتاب لما فرضوا على بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، وتحالفوا مع الكفار وساروا يغرونه، ومثل هذه الآيات تذكرهم بنعم الله عز وجل عليهم.
التفسير الظاهري
ونبه بن حماد إلى أن ما جاء خطابا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليس على مستوى واحد، ويجب حسبه معرفة هذا معرفة جيدة، قبل تفسير أي أية من القرآن الكريم، محذرا من التفسير الظاهري للآيات معطيا مثالا بذلك بقوله تعالى }خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ{، هذا خطاب يفسر بن حماد لرسول الله صلى الله عليه وسلم يأمره الله تعالى بأن يأخذ أموال الزكاة، وأن يدعوا للمزكين مقابل ما يقدمونه من هذه الزكاة، موضحا أن هذه الآية أشكلت على مانعي الزكاة على عهد أبر بكر الصديق رضي الله عنه، واستدلوا بها على أساس أن الخطاب فيها لرسول الله صلى الله عليه وسلم فكيف ينتقل عليه منه عليه السلام، إلى من جاء بعده أي أبا بكر الصديق.
الفهم السقيم
وتفسيرا لآية }خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ{، اختار بن حماد تفسير أبي بكر بن العربي المعافيري في كتابه «أحكام القرآن»، في هذا الكتاب النفيس يقول بن حماد تناول المعافيري هذا الموضوع، ويذكر فيه كيف أن هذا الفهم السقيم حسبه يتعارض مع ما دلت عليه الآيات، ويتهم من وقع فيه بالجهل، وبالجرأة على كتاب الله تعالى، وبالتقصير في فهمه، يقول رحمه الله حسب بن حماد في تفسيره لهذه الآية }خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا{. واضح أنه خطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم يقتضي إذا أخدنا الأمر على ظاهره أن معنى ذلك أنه متوقف عند حدود النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يجوز أن ينتقل هذا المعنى إلى غيره فيقتضي بظاهره إذن اقتصاره عليه، فلا يأخذ الصدقة سواه، ويلزم على هذا سقوطها بسقوطه وزوال تكليفها بموته، وهنا خطورة حمل النصوص على ظواهرها من غير فقه يوضح بن حماد، مبرزا أن الوقوف على نص أو الاستدلال بنص، ليس الإشكال في وجود النص، وإنما الإشكال في منهج الاستدلال بالنص، وهنا يقع التفاوت، والعلم إنما يتجلى في منهج الاستدلال بالنص، يؤكد المتحدث، قائلا «فإذا شئت أن تستدل بظاهر هذه الآية عن الامتناع عن الزكاة لك ذلك، وهذا يزكي كلام ابن العربي المعافيري، هو خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم فيقتضي بظاهره اقتصاره عليه»، قال المعافيري حسب بن حماد «وبهذا تعلق مانعوا الزكاة، على عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه»، وأشار بن حماد إلى أن الإنسان أحيانا يدخل في فهم سقيم، ثم يجمع له الأدلة يظن أنه يبحث عن أدلة قوية، وإنما هو يسند فهما سقيما، مانعوا الزكاة قالوا حسب بن حماد «إنه كان يعطينا عوضا عنها التطهير، والتزكية لنا والصلاة علينا، وقد عدمناها من غيره»، بمعنى في ظاهر النص يقول بن حماد أيضا فيه أمور أخرى منسوبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم «خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ « إذن فيها تطهير وتزكية وصلاة، فقالوا كان يعطينا الرسول الأعظم هذه المعاني، متسائلين من يستطيع أن ينوب عن الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الأمر؟، إذن إن شئتم أن نقول هذا الاستدلال شبه يتقوى، يضيف المتحدث.
الرسول والأمة
وردا على مانعي الزكاة قال أبو بكر بن العربي المعافري حسب بن حماد، فأما قولهم إن هذا خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، فلا يلتحق به غيره فيه، فهذا كلام جاهل بالقرآن، غافل عن مأخذ الشريعة، متلاعب بالدين متهافت في النظر، لن تجد أكبر من هذه الأربع كلمات يؤكد بن حماد في وصف فهم سقيم مثل هذا، إذن حسبه مانعوا الزكاة جاءهم فهمهم السقيم لجهلهم بالقرآن ومستويات الخطاب فيه، ويكمل المعافيري كلامه قائلا ، «إن الخطاب في القرآن لم يرد بابا واحدا، ولكن اختلفت موارده على وجوه، خطاب توجه إلى جميع الأمة، كقوله تعالى }يا أيها الذين أمنوا إذا قمتم إلى الصلاة....{ الآية، هذا خطاب لجميع الأمة، وقوله تعالى }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ{، واضح في الآيتين معا أن الخطاب موجه لجميع الأمة، ومنه خطاب خص به النبي صلى الله عليه وسلم كقوله }وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَك{ في سورة الإسراء، وكقوله في أية الأحزاب }خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ{، إشارة إلى قوله تعالى }يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاَّتِي آتَيْتَ أَجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ اللاَّتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ المُؤْمِنِينَ{ واضح هنا أن الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم»، لكن هناك مستوى ثالث يوضح بن حماد وهو خطاب خص به النبي صلى الله عليه وسلم قولا، وشاركه فيه جميع الأمة معنا وفعلا.
الزكاة الطهارة
خلص بن حماد إلى أن الخطاب الذي يأتي للرسول صلى الله عليه وسلم ليس على ميزان واحد، منه خطاب خص به ولا يتعداه، ومنه خطاب خص به لفظا لكن تشترك فيه جميع الأمة معنا وفعلا، كقوله تعالى « أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل» وقوله تعالى فإذا قرأت القرآن فاستعن بالله من الشيطان الرجيم» وقوله تعالى فإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة»، هذه الآيات استدل بها المعافيري قائلا «فكل من دلكت عليه الشمس رغم أن الخطاب هو لواحد أي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فكل من دلكت عليه الشمس مخاطب بالصلاة، وهذا خلق مشهور معروف بين جميع المسلمين»، ودعا بن حماد الحضور إلى التأمل في رد المعافيري على مانعي الزكاة، بأن بين لهم أن الزكاة ليست على تلك الشاكلة التي يظنون، والآيات الأخرى التي استدل بها أخواتها حيث فيها تكليفات شرعية أخرى، ولكن علم بالقرائن المحيطة بها بأن هذه الآية ليست خاصة برسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن جاءت خطابا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن هذا القبيل يقول «خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا» فإن الرسول صلى الله عليه وسلم الآمر بها، والداعي إليها وهم المعطلون لها، يوضح بن حماد، مضيفا وعلى هذا المعنى جاء قوله تعالى }يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتّقِ اللّهَ{ هذا له وللأمة، ومن ذلك قوله تعالى }يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ{، هذا الأمر ليس خاصا برسول الله صلى الله عليه وسلم رغم أنه مبدوء بخطاب يا أيها النبي، ولكن الذي جاء بعدها بيان لأحكام الطلاق التي تعارفت والتزمت بها الأمة، وهي مستوعبة ومدركة بأنها معنية بها، ووجه رحمه الله تعالى اعتراض ممتنعي الزكاة في شأن ما كان يعطيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حسب بن حماد قائلا «الأصل صلي عليهم، بمعنى الدعاء، فهذا مطلوب من كل من انتصب لأخذ الزكاة، عليه أن يلتزم بهذا الخلق وأن يدعوا أيضا للرسول الأعظم، وأيضا لمن أعطي الزكاة» وأما قوله تطهرهم وتزكيهم بها قال المعافيري «أنها للزكاة وليست لآخذ الزكاة»، لأن التطهير والتزكية حسب المعافيري هي بفعل الزكاة وليس ممن يأخذ الزكاة، مفيدا أنه من صفات الصدقة تطهرهم وتزكيهم بها، بمعنى أن الزكاة طهرة، والصدقة طهرة، يعني هي نفسها تطهير وتزكية، حسب المعافيري، وأوضح بن حماد أن الصدقة تكون سببا في طهارتهم وتنميتهم وهكذا أخرج المعافيري الاستدلال بهذه الآية على الوجه الذي يجعلها حجة للذين أرادوا الامتناع عن الزكاة، فهذه مما جاء خطابا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنها غير خاصة به.
قواعد التفسير
أخطر شيء ينبغي أن نتجنبه حسب بن حماد هو حمل النصوص على ظواهرها، وهذا حسبه كثير، مثلا ما قاله سعد بن أبي وقاص لعائشة رضي الله عنها، عندما قال لها «والله لا أرى على الحاج بأسا ألا يسعى بين الصفا والمروة» قالت له عائشة رضي الله عنها وما ذاك، أوضح بن حماد أن سعد أخذ بظاهر الآية «إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ. فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا» ، واضح يقول بن حماد أن أي واحد يقرأ «فلا جناح» سيفهم منها أنه في أحسن الأحوال رفع للحرج، وردت عائشة على سعد بقولها «بئس ما قلت، إنما ذلك لأنه كان شيء وجده الأنصار»، وأوضح بن حماد أنه كان لهم في جاهليتهم صنم على الصفا وصنم على المروى، وكانوا يسعون بين الصنمين، فلما جاء الإسلام وأقر السعي بين الصفا والمروة، قالوا كأننا نعيد نفس الفعل الذي كان في الجاهلية، كأننا نسعى بين الصنمين، فجاءت هذه الآية لتصحيح هذا الفهم «إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ» يعني ولو قع انحراف أو زيغ في سيرة العباد لكن تبقى هذه المشاعر من شعائر الله، هي منزهة ومطهرة عن ذلك.
وأكد بن حماد أن قواعد التفسير حقيقة تشكل حماية من الأفهام السقيمة، مبرزا أنها أنها لم تفرد بالتأليف، قائلا»يعني عندنا القواعد الأصولية موجودة، ومكتوب فيها، والقواعد الفقهية أيضا مكتوبة وموجودة لكنها لم تفرد بالتأليف»، مشيرا إلى أن هناك دعوة الآن إلى جمعها وإخراجها، مبرزا أن الكتب التي أفردتها بالتأليف معدودة جدا، من أشهرها كتاب «قواعد التفسير جمعا ودراسة» لخالد بن عثمان السبت في مجلدين، هذا أوسع كتاب جمع قواعد التفسير هذه جمعا ودراسة لخالد بن عثمان السبت، يوضح بن حماد، مضيفا أن من منشورات وزارة الأوقاف الأخيرة، كتاب مفيد في هذا الموضوع الذي اجتمعنا بشأنه، كان رسالة دكتورة بالمحمدية وأول رسالة دكتورة ستناقش في هذا الموضوع « قواعد التفسير في الغرب الإسلامي» في القرن السادس الهجري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.