المغرب أول دولة إفريقية تحصل على علاج "Tpoxx" لمواجهة مرض جدري القردة    البرلمان الأوروبي يرفض إدراج قرار المحكمة الأوروبية في جدول أعماله    مجلس كلميم يصادق على الميزانية الجهوية    المغرب يواجه شبح ارتفاع أسعار المحروقات مع تصاعد توتر الشرق الأوسط    طنجة تحتضن فعاليات النسخة الثانية من "ملتقى ومعرض الأعمال المغربي-الليبي"    تصفيات كأس أمم إفريقيا المغرب 2025 توتال إنيرجيز: مواعيد مباريات الجولة الثالثة        25 قتيلا و2967 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال الأسبوع المنصرم    خط جوي جديد مباشر بين تطوان وروتردام    السكوري: قطاع الهيدروجين الأخضر من المتوقع أن يوفر حوالي 300 ألف فرصة عمل مباشرة بحلول عام 2030    نتنياهو: اغتلنا حسن نصر الله وخليفته هاشم صفي الدين    المغرب يؤكد استعداده لاستعادة المهاجرين السريين والقاصرين    توقعات أحوال الطقس ليوم الأربعاء    المغرب يبدي استعداده لاستقبال المهاجرين القاصرين محذرا من "الفراغات القانونية" في الدول الأوربية    تطوان.. الملتقى الجهوي يوصي بتعزيز التحول الرقمي للتعاونيات الفلاحية النسائية    هيئة النزاهة تنتقد تأخر إحداث الوكالة الوطنية الخاصة بتدبير الأموال المحجوزة المتأتية من الفساد        "هِمم" تعبر عن قلقها بخصوص الوضع الصحي للنقيب زيان وتجدد المطالبة بالإفراج عنه    عالم بلا بوصلة    المركز السينمائي المغربي يكشف عن قائمة مشاريع الأفلام الطويلة    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الانخفاض    "اليونسكو" تختار الرباط عاصمة عالمية للكتاب لسنة 2026    "الابتكار الثقافي بوابة التثمين الترابي للمناطق الجبلية" شعار مهرجان أجذير إيزوران بخنيفرة    دليلة بلكاس تكشف عن إصدار فيديو كليب جديد وتنتظر دعم جمهورها    توقيف 4 أشخاص بالبيضاء يشتبه ارتباطهم بشبكة إجرامية تنشط في سرقة السيارات    مجموعة بريد المغرب والبريد البرتغالي « CTT كوريوس» يطلقان إصداراً مشتركاً لطابعين بريديين    تساؤلات حول غياب زياش عن قائمة المنتخب الوطني    اغتصاب قاصر يورط عشرينيا في تزنيت    فينتربيرغ يرأس حكام مهرجان مراكش    "التعلم الآلي" ينال جائزة نوبل للفيزياء    الفنان هشام شبري يطلق أغنيته الجديدة «يازين السمية»    نسبة التضخم ترفع الأسعار في المغرب    الإفراط في القهوة والمشروبات المكربنة يجلب السكتة الدماغية    دياز يعود للتدريبات الفردية ويستعد للعودة إلى التشكيلة    جماعة الحسيمة تصادق بالإجماع على ميزانية 2025 في دورة أكتوبر    مجلس جماعة اكزناية يستعرض حصيلة نصف ولايته.. ويصادق بالإجماع على ميزانية 2025    ذكرى 7 أكتوبر… مسيرات ووقفات بعدة مدن مغربية للمطالبة بوقف العدوان وإسقاط التطبيع (صور)    دراسة: الرصاص في المنتجات الاستهلاكية يتربص بالأطفال    الرجاء البيضاوي يتفق مع البرتغالي ريكاردو سابينتوظ لتدريب الفريق خلفا لروسمير سفيكو المقال    شعبوية الرئيس تبون و سقطته الجديدة في قعر التفاهة    وفاة متسابق فرنسي في "رالي المغرب"    فلوريدا تستعد لوصول الإعصار ميلتون "الخطير للغاية"    القضاء الفرنسي يحدد 15 أكتوبر موعدا لإصدار قراره حول طلب الإفراج المشروط عن اللبناني جورج عبد الله    المنتخب الوطني لأقل من 20 سنة يخوض مبارتين وديتين أمام فرنسا بمركز كليرفونتين    المنتخب الوطني يخوض أول حصة تدريبية استعدادا لملاقاة إفريقيا الوسطى    تنبيه من العصبة الوطنية لكرة القدم الاحترافية    بوريطة يجري مباحثات مع وفد جنوب إفريقي من المؤتمر الوطني الإفريقي    الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال أحد قادة حزب الله بغارة دقيقة    أنقرة تتحرك لإجلاء الأتراك من لبنان    القضاء يلزم "غوغل" بفتح المتجر الإلكتروني أمام المنافسة    تحليل ثقافي واحتجاج ميداني.. بلقزيز يستشرف قضية فلسطين بعد "طوفان الأقصى"    أهمية التشخيص المبكر لفشل أو قصور وظيفة القلب    رواندا تطلق حملة تطعيم واسعة ضد فيروس "ماربورغ" القاتل    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حديث القلوب
نشر في التجديد يوم 24 - 01 - 2003


قيام الليل.. شرف المؤمنين وهمة الرجال
يقول الشهيد "سيد قطب" رحمه الله: "إن الذي يعيش لنفسه قد يعيش مستريحا، ولكنه يعيش صغيرا ويموت صغيرا. فأما الكبير الذي يحمل هذا العبء الكبير.. فماله والنوم؟ وما له والراحة؟ وما له والفراش الدافئ، والعيش الهادئ؟ والمتاع المريح؟!..." (1)
قيام الليل.. دليل إيمان وإخلاص وصدق وحب لله رب العالمين..
وكيف لا يكون كذلك.. وقد آثر القائم، إيمانا منه واحتسابا، الوقوف بين يدي ربه في ظلمة الليل البهيم.. الناس فيه نيام.. كأنهم نسوا خالقهم ورازقهم.. وغفلوا عن حظهم من الآخرة؟..
... آثر الامتثال بين يدي ربه قائما... وراكعا.. وساجدا متهجدا.. مخضبا خده بدموعه.. يرجو رحمة ربه.. ويستعيذ من أليم عذابه..
... فمن غيره سبحانه يبسط يديه بالليل ليتوب مسيء النهار؟.. ومن منا لا يقترف الذنوب ليل نهار؟..
.. من منا لا يزل لسانه مرة بعد مرة؟.. أو تنحرف عينه وسط هذا المجتمع المفتون أكثر من مرة؟..
.. من منا غير مفتون بهذه الحياة فتنة تبعده بين الحين والحين عن رب العالمين؟.. أجل.. الناس نيام.. غافلون عن رب الأنام.. والمسلم المؤمن وحده هجر لذة النوم ودفء الفراش.. وهو يعلم أن له ربا لا تأخذه سنة ولا نوم.. يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.. يعلم أن له ربا ينزل في الثلث الأخير من كل ليلة إلى السماء الدنيا ليقول: هل من مستغفر فأغفر له.. هل من مستهد فأهديه.. هل من سائل فأعطيه.. هل من داع فأجب دعوته؟..
سبحان الله! فمن تكون أنت أيها الإنسان حتى تنال من الله عز وجل كل هذه العناية والاهتمام؟!
"ألست ذلك الساكن الصغير فوق هذه الأرض؟.. وأرضك هذه، أليست تابعا صغيرا من توابع الشمس؟.. وهذه الشمس، أليست مجرد نجم مما لا عد له ولا حصر من النجوم؟.. وهذه النجوم، أليست هي الأخرى مجرد نقط صغيرة على ضخامتها الهائلة متناثرة في فضاء الكون الذي لا يعلم الناس حدوده؟.. وهذا الفضاء الذي تتناثر فيه تلك النجوم كالنقط التائهة، ألا تعلم أنه لا يزيد عن كونه بعض خلق الله"؟..(2)"
كل ذلك، ويوليك ربك هذه العناية والاهتمام!! فمن تكون؟!..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد.." (3) فكيف وهو ساجد متهجد يناجي ربه في سكون الليل.. وهدوئه وظلمته.. قد لا تسمع إلا هبوب رياح.. أو خرير مياه.. أو حركات أشجار.. أو تساقط أمطار.. ووحده القائم المتهجد ينضاف صوته إلى هذه الأصوات يشاركها تسبيحاتها لعالم الغيب وشهادة أن لا إله إلا الله.
قيام الليل مدرسة.. تتعلم فيها الصدق والإخلاص لله رب العالمين في زمن قل فيه المخلصون الصادقون!
قيام الليل يزيد الصادقين صدقا.. والمخلصين إخلاصا.. والمحبين لله حبا.. فليس عبثا أن يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حق الصحابي الجليل "عبد الله بن عمر" وهو الصحابي الأكثر تشددا في الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم يشير بذلك إلى أمر لا يمكن أن تكتمل شخصية المؤمن الصادق إلا به، وهو قيام الليل.
وهذا الفاروق "عمر بن الخطاب"، النموذج في القيام بالمسؤولية والأمانة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: "إذا نمت ليلي ضيعت نفسي، وإذا نمت نهاري ضيعت رعيتي".. فكان يمثل بحق، أبعاد ومعاني اليقظة الدائمة.
إنها همم الرجال الذين يستمدون طاقاتهم الحركية نهارا من التهجد لله رب العالمين ليلا.. وكذلك كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم "رهبان بالليل فرسان بالنهار".
أنظر معي إلى همة "معاذ بن جبل" رضي الله عنه، وهو على فراش الموت، يذكر أمورا تدل على علو همته في العبادة والزهد، فقد روي عنه أنه قال: "اللهم إنك تعلم أني لم أكن أحب البقاء في الدنيا، ولا طول المكث فيها لجري الأنهار، ولا لغرس الأشجار، ولكن كنت أحب البقاء لمكابدة الليل الطويل، وظمأ الهواجر في الحر الشديد، ولمزاحمة العلماء بالركب في حلق الذكر"(4) هذا مع أنه كان يعيش وسط رقي حضارة دمشق!
.. فلا عجب ولا غرابة، حقا، أن يملك هؤلاء الدنيا، ويرسخوا جذور أكبر حضارة لها امتدادات في الزمان والمكان.. ولها أبعاد في الطول والعرض والعمق.. حضارة ربطت الأرض بالسماء.. والدنيا بالآخرة.. والعلم بالعبادة.. حضارة أقامها أولئك الذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع.. أولئك الذين يبيتون لربهم سجدا وقياما..
فخلف بعدهم خلف تلذذوا النوم.. وشدتهم جاذبية الفراش، فناموا ليلهم حتى داسوا فجرهم.. وظهر فجورهم.. "قالوا: أنى هذا؟ قل"هو من عند أنفسكم".
رشيد الطاهري
1 في ظلال القرآن/ الشهيد سيد قطب 2/3744 دار الشروق/ الطبعة التاسعة الشرعية.
2 المرجع نفسه 5/2937 (بتصرف).
3 رواه مسلم وأبو عوانة والبيهقي (انظر صفة صلاة النبي/ للشيخ الألباني)
4 كتيب: الهمة طريق إلى القمة/ محمد بن حسن بن عقيل موسى، ص: 39


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.