حمل رئيس الحكومة، عبد الإله ابن كيران مسؤولية ارتفاع حوادث السير إلى السائق والقطاع والحكومة مرورا بكافة المتدخلين، مشددا في كلمة افتتاحية خلال المناظرة الوطنية حول إصلاح قطاع النقل الطرقي للمسافرين التي نظمتها وزارة التجهيز والنقل أمس الخميس أن الملك محمد السادس سبق أن حدثه بمرارة عن وضع هذا القطاع بعد واقعة حادثة تيزي تشكا. وأوضح بن كيران أنه في كثير من الأحيان حين يتم الإصرار على تنظيم المناظرات، يكون السبب أن القطاع المعني يعيش أزمة حقيقية وعميقة، وتتطلب التواصل والصراحة والصدق والقصد والبعد عن المزايدات أو أي منطق سلبي لا يفيد النتائج المرجوة للخروج من هذه الأزمة التي لها مظاهر محزنة وكارثية تتجلى في عدد من حوادث السير المميتة، معتبرا أن السياقة أمانة تتعلق بها الروح الإنسانية التي تزهق يوميا أزيد من 10 أشخاص، وأن أي تقصير في تحسين الأوضاع لتجنب إزهاق الأرواح والنهوض بالقطاع «لا يمكن أن يكون له إلا أسوء العواقب، خاصة وأن لاشيء يحول دون التحاق المغرب بالدول المتقدمة في كثير من المجالات، وهذا مجال منها، ونحن قادرون لتجاوز كل التحديات». من جهة أخرى، شدد المتحدث نفسه على عدم الاكتفاء بالمنطق الزجري فقط، ملتمسا أن تسير المداخلات في اتجاه جلب وجذب الفاعلين في النقل، والاستفادة من خبراتهم وكفاءاتهم ومواردهم البشرية والمادية، وأن إصلاح قطاع النقل الطرقي ليس فقط ضرورة حتمية بل هو مطلب جماعي لتكافؤ الفرص للجميع في إطار تنفيذ تعليمات الملك محمد السادس لتطويره. وبلغة الأرقام يبلغ رقم معاملات النقل الطرقي العمومي للمسافرين 3مليار درهم، ويساهم ب 1مليار درهم في الناتج الوطني الإجمالي كما يشغل 15 ألف منصب بصفة مباشرة، بالإضافة إلى العاملين العرضيين والأشخاص المزاولين في القطاع بشكل غير منظم-حسب تقرير عن وضعية القطاع أعدته وزارة التجهيز و النقل-. وفيما يتعلق بعدد الرخص المسلمة فقد بلغت 3495 رخصة، 34,4 في المائة منها غير مستغلة، و73 في المائة منها غير مستغلة بشكل مباشر فيما يبلغ عدد الحافلات 2783 حافلة منها 2291 غير مستغلة حاليا، مجملها يتجاوز سنها 15 سنة، و28 في المائة يتراوح سنها ما بين 10 سنوات و15 سنة. ويساهم النقل الطرقي للمسافرين عبر الحافلات بنسبة 35,4 في المائة من التنقلات بين المدن مقابل 44 في المائة من المركبات الخاصة و15,1 في المائة لسيارات الأجرة من الدرجة الأولى، فيما يساهم هذا القطاع وحده بما يقارب 1 في المائة من الناتج الداخلي الخام. وحسب نفس التقرير؛ تعرف أثمنة سيارات الأجرة ارتفاعا بشكل عام بنسبة 24 في المائة كما تعرف أثمنة القطار ارتفاعا بنسبة 64 في المائة مقارنة مع أثمنة الحافلات، وهو ما يشكل أهم أسباب استعمال المسافرين للحافلات في تنقلاتهم بالنظر لضعف القدرة الشرائية للساكنة، مما يتطلب نمط نقل مرن يوفر ملاءمة سريعة بين العرض والطلب، الشيء الذي سيمكن من الاستجابة لطلبات النقل العرضية خاصة خلال فترات العطل و الأعياد. وفيما يتعلق بوضعية السائقين العاملين بالقطاع، فتعرف نواقص واضحة على مستوى القوانين المنظمة للنقل العمومي للمسافرين بالمغرب، مكنت مدونة السير على الطرق -حسب التقرير- من تجاوز بعض تلك النواقص بتضمنها لمقتضيات من شأنها تأهيل وتثمين السياقة المهنية(التكوين التأهيلي والتكوين المستمر، بطاقة السائق المهني، وزمن السياقة والراحة)، لكن لا تزال الزيادة في التعريفة تشكل عائقا أمام المواطنين خاصة أمام التنصيص على تعرفة دنيا والاقتصار على تعرفة قصوى مما يشجع على تطبيق أسعار منخفضة على حساب الجودة والمنافسة الشريفة. وحسب دراسة المخطط المديري لنقل المسافرين التي تم إنجازها سنة 2009 فالطلب الإجمالي لتنقلات المسافرين بين المدن في سنة 2016 سيبلغ مليونين و356 ألف و296 تنقل في اليوم، مما يشكل معدل زيادة سنوية تبلغ 8.3 في المائة في السنة ما بين 2006و2016. وحددت هذه الدراسة مكامن ضعف القطاع، والتي تتمثل أساسا في الانحراف التدريجي لنظام الرخصة والتراخيص المرتبطة والذي تم تصوره لضبط القطاع نحو نظام أصبحت فيه التراخيص تستغل في إطار الكراء وتفوت عن طريق البيع، والولوج للمهنة لا يتم عن طريق الرخصة ولكن عن طريق عقد كراء يتم إبرامها من طرف صاحب الرخصة، كما أن واجبات الكراء تساهم في الرفع من كلفة الاستغلال وعدم استقرار مصالح النقل بسبب المنازعات المحتملة بين أصحاب الرخص والمستغلين.