بعد تسع سنوات من الانتظار تمكنت 803 مطلقة فقط من الاستفادة من المخصصات المالية لصندوق التكافل العائلي، متم دجنبر 2012 التي تعتبر السنة الفعلية لعمل صندوق التكافل العائلي، هذا في الوقت الذي وصل فيه عدد المطلقات برسم سنة 2011(33ألف و261 مطلقة). تأتي استفادة هذا العدد من النساء المطلقات المعوزات لتنهي مسار عشر سنوات من الانتظار والشد والرد من أجل تنفيذ التعليمات الملكية الواردة في الخطاب الملكي بتاريخ 29 يناير 2003، والذي دعا فيه الملك محمد السادس إلى دراسة متأنية لإيجاد صندوق للتكافل العائلي يعتمد في جزء من موارده على طوابع ذات قيمة رمزية توضع على الوثائق المرتبطة بالحياة الشخصية والعائلية، وترصد نفقاته على أساس معايير مدققة تستهدف ضمان حقوق الأم المعوزة وحماية الأطفال من التشرد الناتج عن الطلاق. هذه البداية المتعثرة لحل مسألة النفقة التي كانت وما تزال تشكل حملا ثقيلا على النساء المطلقات وأبنائهن تعتبر امتحانا للمنظمات والجمعيات النسائية للمتابعة الفعالة لهذا الالتزام الحكومي، والانتقال من ثقافة الاحتجاج إلى التحسيس وتوعية هذه الفئة العريضة التي تعاني معظمها من الأمية والهشاشة. عدد المستفيدات بدا ضعيفا مقارنة مع عدد الأحكام المتراكمة فيما يتعلق بواجبات النفقة التي تصدرها محاكم الأسرة، والتي لا تجد طريقها إلى التنفيذ، بسبب عسر الزوج أو عدم العثور عليهما أثار جدلا كبيرا حول الأسباب ومآلات هذه البداية المتعثرة. انعدام المواكبة الإعلامية عزا عبد المالك زعزاع، محامي بهيئة البيضاء ضعف المستفيدات من صندوق التضامن العائلي الذي ظل لسنوات أمل النساء المطلقات المعوزات إلى انعدام المواكبة الإعلامية للتحسيس والتوعية بوجوده أولا ولتحديد الفئة المستفيدة وطرق استفادتها خاصة وأن الفئة المعنية تعاني في معظمها من الهشاشة الأمية، منتقدا الرقم «الهزيل» المعلن عنه أخيرا من قبل وزارة العدل و الحريات وصندوق الإيداع والتدبير ووزارة الاقتصاد والمالية وهو رقم لا يغطي حتى جهة البيضاء التي تتضمن أحياء أقل ما يقال عنها أنها مهمشة وتعيش فيها مئات المطلقات المعوزات. وأضاف زعزاع في تصريح ل»التجديد» أن الإجراءات المسطرية المعقدة سبب آخر في ضعف عدد المستفيدات، على اعتبار أن المنشور المتعلق بالاستفادة يتطلب عدة إجراءات ووثائق من قبيل وثيقة «العوز أو الاحتياج»التي تحارب النساء المعوزات لأشهر عدة من أجل الحصول عليها من الجهة المعنية. وعرج زعزاع إلى التذكير بهزالة الميزانية المالية المرصودة لهذا العمل الذي يعتبره تضامنيا واجتماعيا بكل المعايير مطالبا بإعادة النظر فيه أسوة ببعض الدول العربية، مشيرا إلى أن صندوق التضامن العائلي ميز بين الأم المطلقة المعوزة والأم المعوزة غير المطلقة وهو ما يتطلب ضرورة إعادة النظر أيضا. من جهة أخرى، أثار زعزاع مسألة الجهة التي تبت في الطلبات، مؤكدا أن المشرع أوكل لرئيس المحكمة قرار البت في الطلبات المقدمة، متسائلا هل قرار رئيس المحكمة نهائي أم قابل للطعن؟ من جهة أخرى، أثار زعزاع مسألة كثرة المتدخلين، موضحا أن عدة أطراف تسهر على تنفيذ مقتضيات صندوق التضامن العائلي، وهو ما يزيد من تعقيدات الاستفادة منه-يشدد المتحدث نفسه. مجرد آلية من جانبه، انتقد خالد الإدريسي، المحامي بهيئة الرباط عدد المستفيدات المعلن عنه أخيرا مشيرا في تصريح ل»التجديد» أنه خلال هذه الحصيلة الأولية لعمل الصندوق يتبين أنه يبقى مجرد آلية جزئية في الإصلاح و لا يستطيع أن يكون حاسما في حل مشاكل تنفيذ النفقة التي تستحقها المرأة و الأطفال، وأن العدد المستفيدات من هذا الصندوق إلى حدود نهاية السنة الفارطة يبقى جد ضعيف بالمقارنة مع الآلاف من الأسر التي تحتاج إلى الدعم، وأشار الإدريسي إلى أن عدد القضايا الرائجة أمام المحاكم برسم سنة 2010 كشفت عنها وزارة العدل فإن أحكام النفقة الصادرة عن محاكم الأسرة في المغرب بلغت 33726 إلا أن حوالي 10 ألاف فقط منها هي التي تعرف طريقها إلى التنفيذ، مما يجعل هناك إشكال مطروح بشكل جدي يتمثل في مدى قدرة هذا الصندوق على حل معضلات النفقة وما تشكله من خطر على المجتمع. وأضاف الإدريسي أن الحلول المحتشمة التي قدمها الصندوق لاسيما على مستوى محدودية عدد المستفيدين منه يرجع إلى عدة أسباب مختلفة من بينها : «-أن خلق الصندوق و تفعيله لم ترافقه حملة تحسيسية واسعة سواء على مستوى الوزارة و الدوائر الرسمية أو على مستوى وسائل الإعلام مما يجعل هذا الصندوق مجهولا عند الكثير من الحالات التي تتوفر على جميع الشروط التي يتطلبها القانون المنظم لهذا الصندوق . -اختلاف رؤساء المحاكم و كتابة الضبط المكلفة بهذا الأمر في تطبيق بنود القانون المتعلق بصندوق التكافل العائلي ذلك أن كل محكمة تتخذ توجها معين فيما يخص تطبيق النصوص التشريعية المتعلقة بهذا الصندوق بشكل يخلق البلبلة و يؤثر على موضوع تفعيل هذا الصندوق من الناحية العملية رغم أن الوزارة الوصية عملت مؤخرا على إصدار دليل عملي يبين توجه الوزارة و خطتها المرسومة في اتجاه أجرأة القانون الصادر و محاولة القضاء ما أمكن على التعقيدات التي ظهرت على مستوى المساطر وأيضا للقضاء على الاختلاف في التوجهات القضائية التي وقعت فيها المحاكم -التعقيدات الإجرائية و عدم تبسيط المساطر بخصوص مسطرة الاستفادة، وذلك أن النساء التي تتوفر فيهن هذه الشروط غالبا ما يتوقفن على السير في المسطرة وجمع الوثائق المتنوعة و طرق باب العديد من الجهات المعنية سواء القضائية أو الإدارية .فللاستفادة من الدعم المالي الذي يقدمه الصندوق لا بد من الحصول على مجموعة من الوثائق الإدارية التي يصعب جمعها بسهولة و التي تتطلب وقتا طويلا من أجل الحصول عليها و جمعها إضافة إلى أنه حتى عند جمع جميع الوثائق المطلوبة فإن غالبا ما يكون هناك تردد و تماطل لدى المحاكم التي لم تستأنس بعد بتطبيق هذه المسطرة الجديدة . -محدودية الموارد المالية للصندوق و ذلك أن موارد الصندوق غير متنوعة ولا يمكن بالتالي ضمان تغطية لجميع المستفيدين الذين يتوفرون على الشروط التي تجعلهم مستحقين للدعم المالي للصندوق»، مشددا على ضرورة دعم موارد الصندوق عن طريق الانفتاح على مصادر دخل أخرى. مسار صندوق أخيرا خرج صندوق التكافل العائلي إلى حيز الوجود كمؤسسة بديلة عن الزوج المعسر في أداء النفقة، حيث كانت مدونة الأسرة قد نصت خلال المصادقة عليها على إحداث صندوق التكافل العائلي كآلية أساسية لضمان تفعيل ناجع لمدونة الأسرة في ظل تزايد عدد النساء المعيلات..بعد تعثر سنوات تقدم فريق العدالة و التنمية سنة 2009 بتعديل من أجل تفعيل هذا الصندوق، يحدث بمقتضاه ابتداء من فاتح يناير 2010 حساب خصوصي للخزينة يسمى «صندوق التكافل العائلي»، ويكون وزير العدل هو الآمر بالصرف، تمت المصادقة عليها في الجلسة عامة المخصصة لمشروع قانون المالية لسنة 2010 ، ويتضمن هذا الحساب في الجانب الدائن نسبة من مداخيل الرسوم القضائية، وفي الجانب المدين نفقات دعم أيتام الأرامل ونفقات دعم أبناء المطلقات.وكان وزير العدل السابق المرحوم محمد الطيب الناصري، ووزير المالية صلاح الدين مزوار قد وقعا على اتفاق لإحداث هذا الصندوق في وقت سابق، ليشرع العمل به في يناير 2011 غير أن ذلك تعذر لأسباب تقنية. بتفعيل هذا الصندوق، قال مصطفى الرميد، وزير العدل و الحريات-في تصريح صحفي سابق- إن إحداث الصندوق يأتي تفعيلا لمقتضيات المادة 16 المكررة من مدونة الاسرة وكان قانون المالية لسنة 2011 قد نص على إحداث حساب خصوصي تحت اسم صندوق التكافل العائلي صدر بموجبه قانون رقم 10-41 المتعلق بتحديد شروط ومساطر الاستفادة من صندوق التكافل العائلي الصادر في 13 دجنبر 2010 الذي حدد الفئات المستفيدة من هذا الصندوق في الأم المعوزة المطلقة ومستحقي النفقة من الأطفال بعد انحلال ميثاق الزوجية كما بين إجراءات الاستفادة منه وكيفية استرجاع المخصصات المالية من الملزم بالنفقة.وأوضح أنه من أجل تفعيل هذا الصندوق صدر المرسوم التطبيقي للقانون المذكور (6 شتنبر 2011) والذي يحدد الشروط والوثائق اللازم توافرها للاستفادة من مخصصات الصندوق ومبلغ هذه المخصصات حيث حدد سقف الاستفادة من الصندوق عن كل شهر في مبلغ 350 درهم لكل مستفيد على ألا يتعدى مجموع المخصصات المالية لأفراد الأسرة الواحدة 1050 درهما مضيفا أن الغلاف المخصص لهذا الصندوق حدد في مبلغ 160 مليون درهم برسم السنة المالية المقبلة ضمن الحساب الخصوصي . مساطر معقدة إعتبر البعض أن المساطر والوثائق التي حددها المشرع لاستفادة من صندوق التكافل العائلي جد معقدة، خاصة وأن الفئة المستهدفة غالبا ما تكون أمية وتعاني العوز والفقر، ماهيك عن بعض الإجراءات التي قد تمتد لشهور من العناء والجري بين ردهات المصالح الإدارية. الوثائق التي ترفق بطلبات الاستفادة من الصندوق حسب المادة الثانية من المرسوم الحكومي رقم 2.11.195 الصادر في 7 شوال 1432 (6 شتنبر 2011) بتطبيق أحكام القانون رقم 41.10 يتعلق بتحديد شروط ومساطر الاستفادة من صندوق التكافل العائلي. يرفق طلب الاستفادة من الصندوق الذي يقدم إلى رئيس المحكمة الابتدائية المختص بالوثائق التالية: بالنسبة للأم المعوزة المطلقة: 1 - نسخة من المقرر القضائي المحدد للنفقة. 2 - المحضر المحرر من طرف المكلف بالتنفيذ الذي يثبت تعذر أو تأخر التنفيذ كليا أو جزئيا. 3 - عقود ولادة الأطفال لإثبات الأمومة. 4 - شهادة إثبات العوز. يتم إثبات العوز بالإدلاء ببطاقة المساعدة الطبية المنصوص عليها في المرسوم رقم 2.08.177 الصادر في 28 من رمضان 1429 (29 شتنبر 2008) بتطبيق مقتضيات الكتاب الثالث من القانون رقم 65,00 المتعلق بنظام المساعدة الطبية، وبصفة استثنائية وإلى حدود تعميم نظام المساعدة الطيبة على كل جهات المملكة، بشهادة عدم الخضوع للضريبة تسلمها مصلحة الضرائب بموطن طالب هذه الشهادة. 5 - نسخة من رسم الطلاق أو حكم بالتطليق. 6 - شهادة الحياة. بالنسبة لمستحقي النفقة من الأطفال بعد انحلال ميثاق الزوجية: 1 - نسخة من المقرر القضائي المحدد للنفقة. 2 - المحضر المحرر من طرف المكلف بالتنفيذ الذي يثبت تعذر أو تأخر التنفيذ كليا أو جزئيا. 3 - عقود ولادة الأطفال المحكوم لهم بالنفقة. 4 - شهادة الحياة للأطفال المذكورين أعلاه. 5 - شهادة وفاة الأم أو ما يفيد عوزها. ويمكن عند الاقتضاء تغيير لائحة الوثائق الواردة في المادة الثانية بمقتضى قرار مشترك لوزير العدل والوزير المكلف بالمالية.