اعتبر الحبيب الشوباني الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني بأن سؤال المجتمع المدني في علاقته مع البرلمان يندرج في صلب معادلة السلطة في الدولة، بمعنى كيف يمكن أن يصير المجتمع المدني لاعبا جديدا في معالجة السلطة يضمن توزانها، استقرارها، تكاملها عدالتها، واحترام الفصل بينها.. مؤكدا بأن التعاون في كل هذه الأمور أصبح مطلوبا في معادلة العلاقة بين الطرفين. وعاد الشوباني للتذكير بأن الدستور اعترف للمجتمع المدني بأدور متقدمة، حيث فسح له المجال كسلطة جديدة، قبل أن يجزم بأن المجتمع المدني الذي سماه ب "اللاعب الجديد" وإن كانت له إمكانيات مهمة وخبرة إلا أنه في مجمله ليس جاهزا - حسب الوزير- لكي يلعب لعبة السلطة ولعبة التأثير في القرار التشريعي والرقابي، بما يطرح سؤال كيفية تأهيله لهذا الوضع الجديد باستدعاء منطق الديمقراطية التشاركية. وخلص الشوباني الذي كان يتحدث في الجلسة الافتتاحية لفعاليات اليوم الدراسي الذي نظمه مجلس النواب مع مؤسسة "ويست مينستر" الأوربية أمس الأربعاء، في موضوع "البرلمان والمجتمع المدنتي : أية علاقة؟"، (خلص) أن من حق المجتمع المدني على البرلمان أن يؤهل منظومته القانونية، تحت اعتبار أن المنظومة المؤطرة حاليا متقادمة ومتهالكة، ولم تسعف أن تجعل الفاعل المدني في مستوى هذه المسؤوليات. وإلى جانب ذلك شدد على تأهيل حكامة المجتمع المدني، الذي يفترض فيه الاستقلالية، عدم الربحية، عدم السعي إلى السلطة..مشيرا إلى أن تشخيص الواقع وقياس مدى الاقتراب من هذه الافتراضات يطرح سؤال الحكامة، إلى جانب سؤال الحكامة المالية. وهي أسئلة بنظره مرتبطة بسؤال التأهيل العام. وفي مستوى ثاني أكد الوزير على حق إخراج القوانين التنظيمية موضحا بأن الحكومة في إطار وضع اللمسات الأخيرة لاطلاق حوار وطني إلى التشاور الواسع في هذا المجال. قبل أن يوضح مقابل ذلك بأنه على المجتمع المدني واجبات أساسية، تتمحور أساسا في مستوى معرفة البرلمان وربط العلاقة به، ثم في مستوى الترافع باعتباره مؤشرا لقياس قوة المجتمع المدني من خلال حصيلة حقيقية في كل النوزال التشريعية والرقابية. من جهته انطلق عبد الكريم غلاب رئيس مجلس النواب من التراكم في مجال المجتمع المدني على مستوى التجربة المغربية، ليقف على ضرورة التحيين والتطوير خاصة في ظل المقتضيات الدستورية التي أعطته أدوارا جديدة. وأكد على ضرورة تعزيز وإرساء علاقة ذات بعد مهني وفعال. وأبرز رئيس البرلمان مجموعة من التساؤلات العملية ينبغي البحث فيها في محور ضبط العلاقة بين البرلمان والمجتمع المدني، ومسطرة ممارسة الجمعيات لدورها في مجال التشريع، ودورها في الديبلوماسية الوطنية، حدود تدخلها في الشأن السياسي... قبل أن يطالب بمهنية علاقة بين المجتمع المدني والبرلمان، تفتح الباب لإشراك حقيقي في عمل البرلمان، مع الدعوة إلى تحديد المساطر تحدد الاختصاصات في إطار هذه العلاقة. مشددا على دور الهيأة التقريرية في ضمان إدلاء الجمعيات برأيها، لكن هذه الهيأة -يضيف غلاب- ليست مجبرة على المصادقة على اقتراحات المجتمع المدني. هذا، ويهدف اليوم الدراسي الذي استدعى تجارب دولية في خلق علاقات بناءة بين جمعيات المجتمع المدني والبرلمان، إلى بناء علاقات بناءة بين المجتمع المدني وصناع القرار لضمان مشاركة عامة ذات أهمية في تطوير السياسات الوطنية والتشريعات، وذلك في سبيل جعل منظمات المجتمع المدني ملمة بالعمل البرلماني وأولوياته الرئيسية، وكذا جعل النواب أكثر دراية بالأولويات والقضايا الرئيسية لمنظمات المجتمع المدني، مع إنشاء قاعدة معطيات للاتصال بالمجتمع المدني وتوفيرها للبرلمان، إضافةى إلى وضع شبكة من منظمات المجتمع المدني المتخصصة في مشاريع قوانين محددة.