قال الدكتور الصيدلي أمين بوزوبع إن وزارة الصحة مطالبة بالقيام بحملات تحسيسية من أجل تبليغ المعلومة للمواطنين الذين يجهلون أن عليهم إرجاع الدواء الذي لا يحتاجون إليه إلى الصيدليات عوض رميه في مكب النفايات أو في مجاري المياه. وأكد بوزوبع في حوار مع «التجديد» أنه من الضروري إخبار مهنيي قطاع الصحة عبر دوريات وزارية أو دورات تأطيرية تحثهم على الانخراط بشكل أكبر في هذه العملية من خلال التوضيح أولا ثم تبسيط مساطر هذه العملية. ● من يتحمل مسؤولية إتلاف الأدوية المنزلية غير المستعملة؟ ❍ في إطار ما تحدده المنظمة العالمية للصحة في موضوع التخلص من الأدوية المستعملة أو التي انتهت مدة صلاحيتها، فإن المسؤولية الأولى تتحملها وزارة الصحة، إلا أن الصيدلي سواء بالقطاع الخاص أو القطاع العام هو من يباشر هذه المسؤولية ضمن لجن معينة والتي تختلف مساطرها وطرقها من دولة إلى أخرى. في المغرب، فإن الصيدلي الممارس بالقطاع الخاص هو من يعمل على تجميع الأدوية المنتهية صلاحيتها وتسليمها لشركات التوزيع، والتي بدورها تقوم بإرسالها لمديرية الدواء والصيدلة وفق لوائح معينة والتي تشرف على إتلافها. هذا هو المسار المعمول به إلى حد قريب، لكن حاليا يتم العمل وفق مذكرة أخرى نظمت العملية بشكل آخر؛ إذ يقوم الصيدلاني بجمع الأدوية الفاسدة ويحيلها على الموزع الذي يقوم بإرسالها إلى الشركات المصنعة التي تقوم كل واحدة منها بإتلاف أدويتها التي تنتجها. ● عمليا هل يقوم المواطنون بإرجاع الأدوية المنتهية صلاحيتها أو المستعملة؟ ❍ المسألة بالأساس تحمل بعدا ثقافيا، مما يترتب عن ذلك عدم إعطاء الموضوع القدر الكافي من الأهمية، ووزارة الصحة مطالبة في هذا السياق بالقيام بحملات تحسيسية من أجل تبليغ المعلومة للمواطنين الذين يجهلون أن عليهم إرجاع الدواء الذي لا يحتاجون إليه إلى الصيدليات عوض رميه في مكب النفايات أو في مجاري المياه. والمواطن لا يجهل هذه المعلومة فقط، بل لا يعرف أن بعض الأدوية وخاصة المحاليل والمستحضرات السائلة بعضها تصبح غير صالحة للاستعمال بعد فتحها لمدة معينة رغم عدم انتهاء تاريخ صلاحيتها، وهو الشيء الذي قد يعرض صحته للخطر في حالة تناولها مرة أخرى، وهنا يأتي مجددا دور الصيدلي الذي نلامس دوره في التأطير الصحي للمواطنين. ● هذه المعلومات البسيطة معروفة بالنسبة للصيدلي لكنه لا يقدمها لرواد صيدليته من المرضى؟ ❍ لا شك أن الصيدلي من خلال ممارسته اليومية وتأطيره للمواطنين يعمل على ذلك. و لكن لربما ليس بالشكل الكافي، باعتبار مراعاته للمستويات الثقافية لبعض الفئات من المواطنين الذين يحرص معهم على تقديم النصائح الضرورية مثل وقت استعمال الدواء وكميته ومدة استعماله، ولا يركز كثيرا على تفاصيل ومعلومات أخرى علمية ودقيقة قد لا يستوعبها المريض أو قد تجعله يغفل عن الضروري معرفته لمباشرة علاجه. ● قلتم إن المسلك الطبيعي لإتلاف الدواء المستعمل الذي يوجد في بيوت المواطنين يبدأ بإعادته للصيدلي، لكن نلاحظ أن بعض الصيدليات لا تأخذ أحيانا هذا الدواء بل وتطلب من المواطنين التخلص منه بطريقتهم الخاصة ورميه مع النفايات؟ ❍ نعم، أحيانا الصورة قد تكون غير واضحة لدى الصيدلي الذي يعتبر نفسه محاصرا ب «كوطا» معينة تلزمه بها الشركات الموزعة والتي هي بدورها مفروضة عليها من قبل المختبرات المصنعة. وحتى عندما تستلم الصيدلية هذه الأدوية فقد تبقى رهينة هذه الأخيرة لتتراكم عندها دون إعادتها لموزعي الأدوية، وخصوصا عندما يتعلق الأمر بالأدوية الآتية من خارج المغرب والتي تحمل أثمنة بعملات أخرى والتي يتم استلامها من طرف الأجانب أو جاليتنا المقيمة بالخارج مما يزيد الأمر تعقيدا.... والأصل، أن الصيدلية ينبغي أن تستلم هذه الأدوية وترسلها للموزع وفق محضر بين الطرفين في إطار خارج عن هذه «الكوطا». ● لماذا في رأيكم لا تتم عملية استلام وإتلاف الأدوية المنتهية صلاحيتها بتلقائية أكبر؟ ❍ موضوع استلام وإعادة إرسال الأدوية المنتهية صلاحيتها ليتم إتلافها، إجراء غير بسيط ومكلف أيضا، إذ تقدر قيمة إتلاف 250 طن من الأدوية ما يقارب 15 مليون درهما. وأكثر من ذلك، فالعملية تستلزم موارد بشرية إضافية تشتغل على هذا الغرض بدءا من الصيدليات ثم الموزعين ووصولا للمختبرات المصنعة التي تعمل على تصنيف مختلف الأدوية حسب طرق الإتلاف المعتمدة لكل صنف، وهذا لا يعني بتاتا التملص من المسؤولية، وإنما يستوجب من الوزارة الوصية التدخل بتنظيم وتأطير هذه العملية بشكل أفضل: أولا بتحسيس المواطنين بضرورة استرجاع الأدوية المستعملة أو المنتهية صلاحياتها عبر مختلف وسائل الإعلام، وكذلك قد يكون من الضروري إخبار مهنيي قطاع الصحة عبر دوريات وزارية أو دورات تأطيرية تحثهم على الانخراط بشكل أكبر في هذه العملية من خلال التوضيح أولا ثم تبسيط مساطر هذه العملية. فقط بمثل هذه الإجراءات الميدانية ومقاربات أخرى يمكنها أن تخلق تفاعلا متكاملا لدى مختلف المتدخلين، لأن مسؤولية الحفاظ على البيئة هي مسؤولية يتقاسمها الجميع و تستدعي تضافر الجهود.