تسود حالات سخط وتدمر عارمين وسط السجناء ببعض السجون المغربية بعد خيبة أملهم في إنجاز عملية العفو الواسعة التي كان أعلن عنها وزير العدل فيما مضى، وذلك وفق تصريحات متطابقة لمصادر عاينت عن قرب حركات الاحتجاج والتمرد الأخيرة في بعض السجون المغربية. وأفادت هذه المصادر أن "معظم السجناء علقوا آمالا كبيرة على قرار العفو الواسع الذي تناقلته وسائل الإعلام أخيرا على لسان وزير العدل، لكنهم صدموا في تعثر عملية العفو وتنزيل المساطر القانونية التي ستتبع بشأنها إلى أرض الواقع، مما دفع بهم، تضيف المصادر ذاتها، إلى التمرد واتخاذ أشكال من الاعتصام والإضراب". وكانت سجون عديدة بالمغرب عرفت في وقت متقارب من الأسبوع المنصرم أحداث شغب واعتصامات وإضرابات عن الطعام، مثلما الحال بكل من سجن القنيطرةوسلا وآسفي. ودفعت هذه الاحتجاجات المسؤولين بسجن سلا، على سبيل المثال، إلى ترحيل النزلاء المتمردين إلى سجون متفرقة بالمملكة، وذلك بشكل وصفته المصادر المذكورة ب "التعسفي"، كان له الأثر السلبي على نفسية المرحلين. وطالب المحتجون بسجن سلا ب"تفعيل" الإجراءات القانونية المتضمنة في القانون الجنائي المغربي التي ستنبني عليها عملية العفو الواسعة كإجراء الاعتقال الاحتياطي بدفع الكفالة أو التمتع بالسراح المؤقت"، وهي الإجراءات التي "استفادت منها شخصيات وازنة كانت رهن الاعتقال بتهمة الفساد الإداري والرشوة وغيرها ولم تشمل غيرهم من السجناء"، على حد زعم المصادر السابقة. من جهة ثانية، شكل مطلب إعادة النظر في محاضر الضابطة القضائية أحد الشعارات التي رفعها أيضا المحتجون من ذوي عقوبات الحق العام. وأكد هؤلاء، في رسالة مرفوعة إلى وزير العدل، توفرهم على الحجج والأدلة التي "تنقض نتائج محاضر الضابطة وتكشف انحرافاتها". وبعلاقة بموضوع تمرد السجناء أخيرا بالسجون المغربية، شهدت بعض هذه السجون حوادث حرائق في الأيام القليلة الماضية، دون أن تسفر، لحسن الحظ، عن وقوع ضحايا في الأرواح. وهكذا عرف كل من السجن المركزي بالقنيطرة والسجن المحلي بعين السبع بالدار البيضاء والسجن المحلي الآخر ببركان يومي 14 و15 يناير الجاري حالات إضرام النار داخلها من طرف بعض المعتقلين، حسبما أفادته وزارة العدل في بيان لها صدر أخيرا. وأشار البيان ذاته إلى أن النيابة العامة أمرت بإجراء الأبحاث اللازمة في شأن هذه الحرائق وستتم إحالة المتورطين فيها على قاضي التحقيق للبحث معهم فيما نسب إليهم. وكان مصدر من داخل سجن القنيطرة صرح ل "التجديد"، في وقت سابق، أن حادث الحريق الذي شهده السجن نجم عن فعل متعمد لسجينين أرادا التعبير عن تذمرهما وسخطهما من ظروف الاعتقال وتردي وضعية السجن بفعل الاكتظاظ والفساد الإداري والأخلاقي. وتحاول وزارة العدل التخفيف، كما هو معلوم، من حالة الاكتظاظ الخانقة التي تعرفها السجون المغربية وتقف في كثير من الأحيان وراء حوادث الحرائق والتمرد، عبر عملية العفو الواسعة التي أعلنت عنها سابقا. إلا أن كثيرا من الأوساط الحقوقية شككت في إمكانية نجاعة عملية العفو في التخفيف من أزمة الشجون المغربية، طالما لم تعزز بإجراءات إصلاحية أخرى شاملة تغير المؤسسة السجنية من مؤسسة للعقاب إلى مؤسسة إصلاح وتهذيب. يونس