اندلع حريق بالسجن المركزي بالقنيطرة ليلة الأربعاء 15ر يناير 2003 دون أن يسفر لحسن الحظ عن خسائر في الأرواح. وأفادت مصادر مطلعة من داخل السجن أن الحريق، الذي بدأ حوالي التاسعة ليلا ودام قرابة ربع ساعة، شب في الطابق الثاني من حي الأمل الذي يضم معتقلي الحق العام، وساهم التدخل العاجل لرجال الوقاية المدنية في عدم وقوع ضحايا. وزادت المصادر شارحة بأن الحادث أدى إلى وقوع حالات اختناق في صفوف السجناء المرضى بالربو وما شابهه، مما استدعى نقلهم على وجه السرعة إلى المستشفى الداخلي بالسجن، فيما تم إخراج حوالي مائة سجين من زنازنهم بحي الأمل تفاديا لوقوع فاجعة شبيهة بفاجعة حريق سجن سيدي موسى بالجديدة والذي أودى كما هو معلوم بحياة خمسين سجينا. ورجحت المصادر ذاتها أن يكون الحريق نجم عن فعل متعمد لسجينين أرادا التعبير عن تذمرهما وسخطهما من ظروف الاعتقال، فقاما وأشعلا النار في الأغطية ب"زنزانة العقاب" (الكاشو) التي كانوا داخلها، ثم تضيف المصادر أن أحد السجينين المتمردين كان قضى مدة عقابه ثم أدخل ثانيا زنزانة العقاب بأمر من رئيس المعقل بعد شجاره مع سجين آخر بالسجن المركزي، الأمر الذي دفعه إلى الاعتصام احتجاجا على وضعية الاعتقال، ثم التمرد بإضرام النار رفقة سجين ثان بداخل الزنزانة. وتسود حالات سخط عارم وسط السجناء بسجن القنيطرة، حسب المصادر المطلعة، بعدما لم يضمهم العفو الشامل الذي تناقلته الصحافة أخيرا والقاضي بالإفراج عن ما يقارب 5000 سجين بهدف التخفيف من وضعية الاكتظاظ التي تعرفها السجون المغربية. من جهة أخرى، علم من مصادر مطلعة أن حريقا ثانيا نشب ليلة أول أمس (الثلاثاء) بالجناح الثاني من الطابق الثالث بسجن عكاشة (الدارالبيضاء). وطبقا للمصادر ذاتها فإن الحريق الذي تمت السيطرة عليه خلف عشرة حالات اختناق في صفوف السجناء دون أن تعرف لحد الساعة أسبابه. وأضحي نشوب الحرائق بالسجون المغربية خطرا قائما يتهدد السجناء في أية لحظة، بالنظر إلى الوضعية المأساوية التي ترزح في ظلها المؤسسات السجنية، وعدم تحمل القائمين بأمر هذه المؤسسات مسؤوليتهم لتفادي تكرار فواجع حريقي سجن عكاشة وحريق سجن سوق الأربعاء الغرب، الذي خلف خمسة ضحايا ثم الفاجعة الكبرى لسجن سيدي موسى بالجديدة التي حصدت أرواح خمسين سجينا، حسب الدوائر الرسمية، شهر نونبر المنصرم. وتفضح سلسلة الحرائق التي عرفتها أخيرا السجون المغربية حجم الإصلاحات الترقيعية بهذا المرفق منذ أواسط عقد التسعينيات، والتي لم تستطع الانتقال بالمؤسسات السجنية من فضاء للعقاب إلى فضاء للإصلاح والتأهيل، نظرا للهاجس الأمني الذي يحضر بالأساس عقلية المسؤولين بهذه المؤسسات، وغض الطرف عند بعضهم على ممارسات تقع داخل السجون أبعد ما تكون عن الإصلاح والتأهيل. يونس