تفاجأتُ منذ أسبوعين بمنعي من الدخول إلى المحكمة الابتدائية بالرباط (أنا وأحد الصحفيين بجريدة المساء) لتغطية إحدى القضايا الرائجة هناك، المنع كان من طرف أحد رجال الأمن الذي واجهني بكونه تلقى تعليمات صارمة من «جهات عليا» من أجل منع الصحفيين من الولوج إلى المحكمة.. طبعا واجهت رجل الأمن بحقي في الدخول لممارسة عملي كصحافية، وبحقي في الوصول إلى المعلومة بقوة الدستور الذي يعتبر أسمى قانون بالبلد، فلم يكن له من رد -بكل أدب- سوى أن «التعليمات» واضحة ولا يستطيع مخالفتها مهما جادلته في الأمر. المغرب، ومن خلال أسمى القوانين اعتبر الحصول على المعلومة حقا يكفله دستور فاتح يوليوز 2011 الذي صوت عليه المغاربة، وفي الباب الثاني المتعلق بالحريات والحقوق الأساسية وبالضبط الفصل 27منه أكد أن «للمواطنات والمواطنين حق الحصول على المعلومات، الموجودة في حوزة الإدارة العمومية، والمؤسسات المنتخبة، والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام»، هذا الفصل الذي حدد الاستثناءات في حماية ما يتعلق بالدفاع الوطني وأمن الدولة الداخلي والخارجي والحياة الخاصة للأفراد والوقاية من المس بالحريات والحقوق الأساسية. الحق في الحصول على المعلومة الذي كان يثير ولايزال العديد من التساؤلات، سبق أن تضمنه أيضا قانون الصحافة لسنة 2002 الذي جاء كاستجابة محدودة لمطلب الصحفيين والحقوقيين المغاربة القاضي بترسيخ الحق في الوصول إلى المعلومات والأخبار، حيث تضمن الفصل الأول تأكيدان هما:»للمواطن الحق في الإعلام، ولمختلف وسائل الإعلام الحق في الوصول إلى مصادر الخبر والحصول على المعلومات من مختلف مصادرها ما لم تكن هذه المقتضيات سرية بمقتضى القانون»..لكن بين الواقع و القانون أو الدستور مسافة كبيرة على المسؤولين تخطيها من أجل تفعيل بنود دستور 2011 الذي حسم الأمر في هذه النقطة.. لكن للأسف مازلنا نعيش على أنغام الممارسات التي كانت سائدة في مغرب القرن الماضي، قد يختلف أسلوب التواصل بين الحكومات المتعاقبة، لكن يظل التعتيم الهاجس المهيمن في كل تلك التجارب. أما آن الأوان لإخراج قانون للصحافة يحترم الصحافيين ويضمن حقوقهم في مزاولة العمل بكرامة، أما آن الأوان لسن قانون خاص يقر بحق كل شخص في الحصول على الوثائق والمعطيات العمومية، ويقر بحقه في تغطية جلسات المحاكم بدون تضييق وبدون تعليمات فوقية غير مفهومة، واعتبار أن هذا الحق أساسي لممارسة مهنة المتاعب، والضغط على إقراره والاعتراف به على مستوى الإدارة والقضاء..على اعتبار أن الدستور كان واضحا في هذا الاتجاه، وأن العديد من المعاهدات و الاتفاقيات الدولية أيضا كانت واضحة..حيث تنص مثلا المادة الثامنة من الميثاق العربي لحقوق الإنسان على أن للصحفي الحق في الحصول على المعلومات، وعلى جميع الجهات الرسمية والمؤسسات العامة تسهيل مهمته وإتاحة المجال له للاطلاع على برامجها ومشروعاتها وخططها، كما حظر القانون فرض أية قيود تعيق حرية الصحافة في ضمان تدفق المعلومات إلى المواطن أو فرض إجراءات تؤدي إلى تعطيل حقه في الحصول عليها، وللصحفي حق تلقي الإجابة على ما يستفسر عنه من معلومات وأخبار وفقا لأحكام الفقرتين (أ)و(ب)من هذه المادة، ويقر الدستور على أن للمواطنات والمواطنين حق الحصول على المعلومات..