في الوقت الذي تستعد أسرة الإعلام والصحافة للاحتفال باليوم العالمي للإعلام ، تعرض مجموعة من الصحفيين للعنف والضرب و الإهانة وتكسير آلات التصوير يوم الثلاثاء الماضي ، وذنب هؤلاء أنهم كانو يقومون بواجبهم المهني لا أقل ولا أكثر. هل لهذه الدرجة أصبح كل من يحمل آلة تصوير لتغطية حدث أو وقفة احتجاجية هدف لرجال الأمن ،عليه أن يؤدي الضريبة ويتحمل الضرب المبرح والسب والشتم ...إلخ .ما دور الصحافة والصحفي إذن ؟ أليس من حق الصحفيين تغطية الأحداث كيفما كانت ؟ أليس من حقهم الولوج إلى مصادر المعلومات ؟ أليس من حقهم إخبار الرأي العام ؟ ألم ينص الدستور الذي نتغزل به في فصله 25 أن "حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها" . وفي الفصل 27 الذي جاء فيه "للمواطنات والمواطنين حق الحصول على المعلومات ، الموجودة في حوزة الإدارة العمومية، والمؤسسات المنتخبة ، والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام ".و الفصل 28 ينص على أن "حرية الصحافة مضمونة ، لا يمكن تقييدها بأي شكل من أشكال الرقابة القبلية . وللجميع الحق في التعبير ، ونشر الأخبار والأفكار و الأراء ، بكل حرية ، ومن غير قيد ، عدا ما ينص عليه القانون صراحة ".وفي الفصل 22 الذي يقول " لا يجوز المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية لأي شخص ، في أي ظرف ، ومن قبل أي جهة كانت ، خاصة أو عامة . لا يجوز لأحد أن يعامل الغير ، تحت أي ذريعة ، معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة أو حاطة بالكرامة الإنسانية ".إذا كان الفصل 28 أعطى الحق لكل المواطنين حق نشر الأخبار والأفكار والأراء بكل حرية ومن دون قيد أو شرط فكيف نمنع الصحفي الذي تعد مهنته هي نقل الأخبار وإيصالها للرأي العام . ما حدث يوم الثلاثاء وقبله أحداث كثيرة من إعتداءات متكررة ،على بعض الصحفيين يجعلنا لا نطمئن إلى الشعارات والخطب الرنانة التي نسمعها هنا وهناك .هل هي مرحلة الردة والتراجع أكثر مما نحن مرتدين ؟هل نشك في الترتيبات التي تضعنا في آخر الذيل ؟إذا كان الاعتداء مستمر على الصحفيين فما جدوى إلغاء البنود السالبة للحرية في مدونة الصحافة والنشر المزمع إخراجها للوجود ؟ إذن الدستور رغم علاته يسير في واد والواقع يتيه في ضلال بعيد . بمعنى هناك دستور مكتوب وآخر ضمني ، ما وراء النص ، وما بين السطور ، إذا كان الفصل 22 ينص على أنه لا يجوز المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية لأي شخص في أي ظرف، فما بالك بموظف يقوم بوظيفته . إنه لأمر مؤسف حقا أن يحدث هذا ، إذا كنا سنكتب القوانين ونصرف عليها ميزانيات ضخمة ، لنضعها في الرفوف نتغنى ونتغزل بها ، فمن الأجدى ومن حسن الكياسة أن لا نكتبها أصلا .إذا كان الأمر لا يزيد ولا ينقص معناه صفر على الشمال ،وإذا كانت القوانين لدينا بمثابة أسفار، نحملها كمن يحمل أسفارا ، أو أصفارا لا تساوي شيء .فما الفائدة منها ، لماذا تسن القوانين ويشرع المشرع ليظل قانون الغاب هو الدستور الطبيعي ؟. على الدولة (لأنها أخذت على عاتقها حماية الحقوق) أن تلتزم بتطبيق الدستور في حق الذين يعتدون على المواطنين بالهروات ...إلخ. قبل أن تطلب من المواطن تطبيق قانون لم يقرأه بعد ، لأنه لم يلج أعتاب المدرسة.أو أن القاعدة تقول ،لا يعذر أحد بجهله للقانون . فمن يجهل القانون أليس من قاموا بتعنيف الصحفيين ؟.ومن أرسلهم وأعطى لهم التعليمات ؟ . على الصحافيين ، أن يستبدلوا اليوم العالمي للإعلام ، باليوم العلني للعنف، في حق الصحفيين . ولا نطالب بمعاملة خاصة فقط كمواطنين بكامل حقوق المواطنة .رجاء لا تدوسوا أسمى قانون إذا كنتم للقانون تحتكمون . [email protected]