سبق للميثاق الوطني للتربية والتكوين غداة إصداره أن حدد التوجهات الجديدة بخصوص دور ومسؤوليات جهاز التفتيش بغية إرساء علاقة مصاحبة وتأطير بين المفتش والمدرس، كما حدد مبادئ تقويم أداء الأطر التربوية. لكن ورغم مرور أزيد من عقد من الزمن وقف مسؤولو وزارة التربية الوطنية على مجموعة من النقائص والمثبطات منها «ضعف نظام القيادة الإجرائية لجهاز التفتيش الذي لا يقوم بدوره في التأطير والتقويم إلا جزئيا»، كما أن نظام التقويم «غير محفز ولا يشجع على الاستحقاق بحيث لا يربط بين الأداء المهني والأجور». دون إغفال العلاقة الجدلية المبنية في كثير من الأحيان على التوتر بين جهاز التفتيش والمدرسين؛ خصوصا وأن للأول دورا أساسيا في تنقيط الثاني في العديد من المناسبات؛ لعل أبرزها الترقية وتحسين الدخل الشهري. أضف إلى ذلك ما خلفته المغادرة الطوعية من استنزاف لأطر هذا الجهاز الذي كان يعرف خصاصا مهولا منذ سنين. خطة عمل من أجل تجاوز ما سبق وضعت وزارة التربية الوطنية في عهد حكومة عباس الفاسي؛ مخططا ضمن برنامجها الاستعجالي(2009-2012) لتجاوز الاختلالات سالفة الذكر بخصوص إعادة تحديد أدوار جهاز التفتيش؛ عن طريق مراجعة هيكلة أدوار جهاز التفتيش في أفق تعزيز مسؤولياته. حيث تم تعيين المفتش التربوي في منطقة تربوية خاصة؛ ستكون له فيها مسؤولية الحرص عى بلوغ الأهداف المرسومة، وعليه ينبغي مصاحبة وتقويم ومساعدة مؤسسات المنطقة البيداغوجية على تحقيق أهدافها. لكن خلال تنزيل العديد من المقترحات؛ وجدت الوزارة مشاكل عدة خصوصا وأن المعنيين بهذا الإصلاح لم يتم إشراكهم كما لم يتم إشراك الشركاء وجمعيات الآباء. توتر بين الطرفين عبد القادر أكجيل نقيب المفتشين بالمغرب، لم يخف حدة التوتر والخلاف بين جهاز التفتيش والوزارة الوصية منذ تأسيس نقابة مفتشي التعليم مباشرة بعد صدور النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الذي جاء مخيبا لآمال فئات عريضة منها فئة المفتشين، المصدر وفي تصريح صحفي تحدث عن كون جهاز التفتيش بالمغرب وجد نفسه «عضوا بغير وظيفة، ما حذا به إلى مواجهة الوضع، فكانت سمة التوتر أساسَ العلاقة مع الوزارة؛ من أجل تمكين هيئة التفتيش من استقلالية وظيفية. كما نصّت على ذلك المادة 135 من الميثاق الوطني للتربية والتكوين». خصاص رغم التكوين تعرف كل الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين خصاصا فظيعا في المفتشين، ورغم فتح مركز تكوين المفتشين قبل سنتين بعد إغلاقه لأزيد من عشر سنوات، فمازالت مخلفات المغادرة الطوعية بادية للعيان. في هذا الصدد تصل إلى عدد من النيابات الإقليمية وفروع النقابات التعليمية شكايات من مدرّسين ومدرّسات يشتكون من غياب المفتش الذي له دور أساسي في ترسيم المعنيين وترقيتهم إلى الدرجة الموالية، بل إن بعض الأساتذة لم يزرهم المفتش لسنوات؛ إما بسبب عدم وجوده أصلا أو بسبب بعد مقر عمل المدرّس، مما جعل البعض يوجه سهامه نحو هيئة المفتشين واتهامهم بعدم القيام بالمهام المنوطة بهم في التأطير والتكوين والمراقبة، اتهام يرد عليه النقيب أكجيل بالقول «أن جهاز التفتيش ينتظر منه أكبر بكثير مما يقوم به حاليا، وما هو مؤهل له، محملا الدولة المسؤولية الكبرى في هذه النتيجة»لكونها-أي الدولة- عطلت الأدوار الإستراتيجية لجهاز التفتيش في مرسوم 2003، كما قامت بتقليص عدد المفتشين من 6700 مفتش سنة 2005 إلى حوالي 3300 مفتش حاليا، بسبب المغادرة الطوعية وإغلاق مركز تكوين المفتشين لأكثر من عشر سنوات، رغم الارتفاع الكبير لأعداد المؤسسات والأساتذة»، كما اتهمها بتهميش أطر التفتيش واعتبارهم جسما غيرَ مرغوب فيه». مقترحات حلول من أجل رد الاعتبار لجهاز التفتيش حتى يقوم بدوره الكامل؛ عملت الوزارة على إعادة فتح مركز تكوين المفتيش أمام أطر الوزارة، كما وفرت العديد من الامتيازات والتحفيزات لفائدتهم؛ لعل آخرها إقرار زيادة في التعويضات عن المهام على غرار أطر الإدارة التربوية، لكن الكاتب العام لنقابة مفتشي التعليم له رأي آخر يتمثل في ضرورة «تصحيح وضع هيئات التفتيش في مختلف القطاعات الحكومية ومراجعة أدوارها وفق ما جاء في البرنامج الحكوميّ؛ بخصوص الشق المتعلق بثقافة المساءلة والمحاسبة إذا أرادت الدولة إرساء اختيار يزاوج بين الحقوق والواجبات وربط المسؤولية بالمحاسبة».. ومن أجل تحقيق ذلك أكد أكجيل» على مراجعة اختصاصات هيئة التفتيش، التي عرفت اختزالا مطّردا في العقود الثلاثة الأخيرة، بما يمكنها من تأطير شامل للمنظومة، وأيضا مراجعة تنظيمها مركزيا وجهويا وإقليميا في ارتباط تنظيميّ مع المفتشية العامة» إضافة إلى» مراجعة تمكنها من فك الارتباط الإداريّ بجهاز التدبير؛ لضمان تأطير وتقويم حقيقيين؛ يمَكّنان من تشخيص دقيق لواقع القطاع واقتراح البدائل تخطيطا وتتبعا وتقويما؛ من أجل تجاوز واقع الهدر وضعف النجاعة وتحقيق الأداء والمنتوج المُنتظرَين، علاوة على توفير الشروط القانونية واللوجيستيكية لأداء الوظائف الجديدة جيدا».