سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
خالد العيوض رئيس جمعية أولاد ميمون للتنمية والتعاون ل"لتجديد": جمعية "أولاد ميمون للتنمية والتعاون" تقدم على مشروع بيئي تقدر تكلفته الإجمالية بمليار سنتيم
في هذا الحوار نلتقي مع الأستاذ خالد العيوض أحد أبرز الوجوه الجمعوية التنموية بإقليم اشتوكة أيت بها، والذي كرس جهده ووقته لخدمة التنمية المستدامة. تمكنا من لقائه بعد منتصف الليل بأزيد من ساعة ونصف بعد انتهاء أشغال الجمع العام الثاني العادي لجمعية أولاد ميمون للتنمية والتعاون يوم 29جنبر2002 ليحدثنا عن هذه الجمعية الرائدة، والتي تمكنت من الانخراط الفعلي والجاد في خدمة المجتمع القروي على مختلف الأصعدة الاجتماعية والتربوية والثقافية والبيئية، فأسست شبكة قوية من العلاقات مع جهات رسمية وشعبية وطنيا ودوليا، وصارت قبلة للباحثين والمهتمين بقضايا التنمية المستدامة في الوسط القروي، وفازت بجوائز تقديرية كان من أهمها جائزة المنظمة العالمية للأغذية والزراعة "الفاو" تقديرا لجهودها في مجال تدبير العائدات المالية لمشروع الماء الصالح للشرب، كما نالت ثقة منظمات وإدارات عدة جعلتها تدخل معها في شراكات هامة قصد إنجاز عدة مشاريع نوعية هي محاور حديثنا مع الأستاذ خالد، الرئيس الجديد لهذه الجمعية. في البداية أستاذ خالد، السؤال الذي يلح على كل مطلع على منجزات جمعية أولاد ميمون للتنمية والتعاون، يتعلق بالدوافع الحقيقية التي سمحت بظهور جمعية من هذا العيار العالمي في قرية صغيرة، ذات مؤهلات اقتصادية متواضعة. عندما انطلقت الجمعية كان الهاجس الأول عندنا هو تلبية حاجة القرية الملحة للتزود بالماء الصالح للشرب، واحتضان هذا الدوارالصغير لأطر وكفاءات تقنية وعلمية هامة، مكننا من تقديم مقاربة شمولية للتنمية، بحيث أصبح مشروع الماء قاطرة تحرك عجلة التنمية في القرية ومحيطها، وهكذا تكاثفت جهود السكان، انطلاقا من الموروث الثقافي الجماعي المتجذر في المنطقة، والمتمثل في العمل التشاركي التعاوني فتمكنا من رفع تحدي توفير الماء الصالح للشرب، ثم شرعنا مباشرة في توظيف عائداته المالية لأجل إحداث تنمية مستدامة، منذ سنة 1994 في شكل أوراش كبرى كان من أبرزها: مشروع الماء الصالح للشرب إصلاح الطرق والمسالك القروية بناء سور المقبرة بناء مدرسة ابتدائية متكاملة إنشاء خزانة للقراءة العمومية تشييد مقر الجمعية تشييد مركب سوسيوثقافي، يعتبر الآن معلمة الجمعية. > سمعنا مؤخرا أن جمعيتكم مقبلة على رفع تحد كبير جدا عجزت عنه حتى بعض المراكز الحضرية، وهو مشروع الصرف الصحي الذي يتطلب إنجازه حسب ما بلغنا مبالغ مالية ضخمة، فما مدى صحة هذا الخبر؟ >> بالنسبة لهذا المشروع بدأ التفكير فيه منذ سنة 1995 لارتباطه بالمشروع الأول، فكما قلت سابقا فإن نظرتنا للتنمية شمولية، فبعد إنجاز مشروع الماء الصالح للشرب بدأ التخوف من تلوث الفرشة المائية الباطنية بواسطة المياه المتسربة من الحفر العادمة (PUITS PERDUS - FOSSES SEPTIQUES) وبعد التفكير مليا في الموضوع تم الاطلاع على تجارب سابقة، نذكر منها على سبيل المثال تجربة "أوناين" بالأطلس الكبير، و"الدراركة" بأحواز أكادير، ثم بدأ البحث عن ممولين، فوقع الاتصال بالوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAI) التي أجرت بحثا حول قدرة الجمعية على إدارة مشروع من هذا القبيل، وهيأت له دراسة متكاملة، وبعد ذلك وقعت اتفاقيات بين جمعيتنا وجمعيات صديقة مجاورة أتاحت لها الدراسة المذكورة فرصة الاستفادة من هذاالمشروع رغم أنه لازال في بدايته، ونتمنى أن يكون نموذجا لباقي القرى المجاورة. > بلغنا أن مصاريف مشروع الصرف الصحي تقدر بحوالي مليار سنتيم، فكيف لقرية صغيرة لا يتجاوز عدد ساكنتها 1400 نسمة أغلبها من الفئات المتوسطة والفقيرة أن توفر مبلغا ماليا بهذا الحجم؟ >> صحيح أن المشروع ضخم، ولكن لابد من توضيح بعض الأشياء، أولها أن هذا العمل ستستفيد منه ثلاث قرى يقدر عدد أسرها بأكثر من 750 أسرة، وساكنتها بما يفوق 7000 نسمة، سنعتمد على مساهمتها في البداية، وإن كانت لن تتجاوزعلى أبعد تقدير 15% من القيمة الإجمالية للمشروع، وثانيهما أن الرهان الأكبر سيكون على منظمات وجهات دولية ووطنية، تمكنا من كسب ثقتها بمشاريعنا السابقة التي استقطبت اهتماما وطنيا ودوليا معتبرا، وبالفعل بدأت البوادر تلوح من جهة قطاع البيئة التابع لوزارة إعداد التراب الوطني الذي أبدى اهتمامه بالموضوع، ثم من قبل جماعتين قرويتين يقع المشروع في نفوذهما الترابي، وسنستمر في طرق مختلف الأبواب المهتمة بقطاع البيئة والتنمية المستدامة، ونناشدها للانخراط معنا في هذا المشروع، ويوجد منها لحد الآن على مذكراتنا "وكالة التنمية الاجتماعية"، وبالطبع لا يمكن أن ننسى هنا الدور الذي تنهض به لحد الآن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية المساند الرسمي للمشروع. نالت جمعيتكم تقديرات هامة من جهات وطنية ودولية في مجال البيئة فماذا عن ذلك؟ في البداية لابد من الإشارة إلى أن "جمعية أولاد ميمون للتنمية والتعاون" استطاعت أن تعرف بنفسها على جميع الأصعدة التي أشرتم إليها، فصارت حاضرة بقوة وفعالية في جل الملتقيات مفيدة ومستفيدة. وارتباطا بسؤالكم، فإننا نعتبر أكبر تقدير نلناه مؤخرا كان من "المنظمة العالمية للزراعة والتغذية" FAO بمناسبة اليوم العالمي للتغذية يوم 16 أكتوبر2002، اعترافا بتجربتنا النموذجية في كيفية تدبير الموارد المالية المستخلصة من عائدات الماء الصالح للشرب في خلق تنمية مستدامة. والجائزة في نظرنا بقدر ماهي تشريف للجمعية، فإنها كذلك تكليف للعمل من أجل البقاء عند حسن ظن جميع المتعاطفين معها والغيورين على تجربتها. إذا سمحت أستاذ خالد، نترك مجال البيئة لننتقل إلى الحياة السوسيوثقافية، ونتساءل عن دوافع ومراحل بناء المركب السوسيوثقافي بقريتكم؟ كانت فكرة المركب السوسيوثقافي استجابة لحاجة ملحة داخل القرية، فغياب فضاءات ثقافية مناسبة من خزانات، ورياض للأطفال، وقاعات للألعاب، والأنشطة التربوية والثقافية، جعلنا نفكر بجدية في بناء مركب ينهض بكل تلك الوظائف التربوية والثقافية والاجتماعية، فهيأنا تصورا للمشروع اقترحنا فيه نظرتنا لكيفية تسييره وتفعيله، فاستطاع بحمد الله تعالى أن يجلب اهتمام وزارة التشغيل في الحكومة السابقة التي مولت جزءا منه، ثم اتصلنا بجهات أخرى نذكر منها "الجماعة القروية لسيدي بيبي" و"نيابة وزارة التربية الوطنية والشباب" بالإقليم، و"جمعية تويزي"، وبفضل تضافر جهود الجميع أصبحت القرية الآن تتوفر على معلمة ثقافية يحق لها الافتخار بها، وقد راعينا في هندستها المعمارية أن تكون مستوحاة من المعمار المحلي حفاظا على خصوصياته. بني هذا المركب، وكلفكم جهودا مضنية، ومبالغ مالية معتبرة، فماهي تداعياته ونتائجه على مستوى التنمية المستدامة بقريتكم الصغيرة؟ أكيد أن إيجابيته كبيرة، فلحد الآن تستفيد من دروس تعليم الخياطة والطرز وغيرها من الأشغال اليدوية أزيد من 80 امرأة وفتاة، فضلا عما يتم تقديمه لهن ولغيرهن من دروس في محو الأمية، والتوعية والإرشاد بشكل عام. وهكذا استطاعت المرأة بفضل الله تعالى الانخراط في العمل الجمعوي، بل لأول مرة ينتخب الجمع العام عنصرا نسويا ليحتل مكانه اللائق داخل المكتب التنفيذي للجمعية، وعناصر نسوية أخرى داخل المجلس الإداري، أعلى هيأة بعد الجمع العام. أما فيما يخص الطفولة، فيستفيد أطفال القرية من التعليم قبل المدرسي منذ سنوات عدة، الشيء الذي ساهم في الرفع من مستواهم الدراسي، كما يستفيد شباب الدوار كذلك من الخزانة التي أنشئت بمقر الجمعية، وكذلك من الدروس والمحاضرات، والندوات التي تنظم بالقاعة متعددة الاستعمالات. ونحن الآن بصدد التفكير في إحداث فضاء للمعلوميات داخل هذا المركب حتى لا يبقى أبناؤنا بعيدين عن مستجدات حقل التكنولوجيا التواصلية. ارتباطا بهذا الموضوع لاحظنا أن جمعيتكم قد اقتحمت باب البحث العلمي، فماذا عن ذلك، وما علاقته في نظركم باهتمامكم الرئيس الذي هو التنمية المستدامة؟ أؤكد من جديد ما قلته سابقا من أن التنمية المستدامة نظرة شمولية لواقعنا المعيش، إذ لا يمكن الفصل بين الرفع من مستوى التجهيزات الأساسية، والرفع من مستوى الإنسان ثقافيا ومعرفيا واجتماعيا وتربويا، ومواكبة ذلك كله بمنظور علمي، لذلك ارتأينا إنجاز دراسات تهم القرية ومحيطها عن طريق بعض أعضاء الجمعية في مرحلة أولى، ثم انتقلنا فيما بعد إلى طرح مواضيع للبحث نالت رضا بعض أساتذة كلية الآداب والعلوم الإنسانية بأكادير في شعبتي الآداب، والتاريخ والجغرافيا، فأنجزت لحد الآن ثلاث إجازات من قبل طلبة ينتمون للقرية، انصب أحدها على تقويم تجربة الجمعية ذاتها، استفدنا كثيرا من الخلاصات التي توصل إليها الباحث للرفع من أدائنا وتطوير تجربتنا، ونحن عازمون على مواصلة نفس الطريق تشجيعا للباحثين للاهتمام بموضوع التنمية المستدامة. منذ أبريل 1998م لم يظهر أثر لمهرجانكم الربيعي، الذي نال في حينه اهتمام المتتبعين وإعجاب السكان، فهل يعني هذا تراجعكم نهائيا عن فكرة المهرجان؟ بالنسبة لفكرة المهرجان كانت رائدة بالفعل، وإيجابياتها كانت كبيرة، من بينها إخراج فكرة خزانة المطالعة للوجود وتبلور فكرة المركب السوسيوثقافي، إلا أن الانخراط في أوراش كبيرة من مثل التي تحدثنا عنها سابقا، جعلنا لا نستطيع عقد الدورة الثانية، خصوصا وأننا نشعر بأنا مطالبون بجعلها أحسن من سابقتها التي كانت من الحجم الكبير، ومع ذلك نعد المهتمين أنها سترى النور قريبا إن شاء الله تعالى. تراكمت لديكم خبرة مهمة في حقل العمل الجمعوي التنموي، وشاركتم في أوراش وملتقيات تكوينية وطنية ودولية، فهل فكرتم بحكم اهتمامكم بالتنمية المستدامة في بسط إشعاعكم على جمعيات الجوار؟ التنمية كمفهوم تبقى غير محصورة في المكان، لذلك رأينا أنه من واجبنا كأطر راكمت التجربة أن نضع أنفسنا رهن إشارة تنمية وطننا عن طريق دعم ومساندة الجمعيات الراغبة في ذلك، وقد استطعنا بعون الله تعالى أن نؤطر العديد منها عن طريق تنظيم واستضافة ورشات تكوينية هنا وهناك واستضافة عدد من الجمعيات بلغ المائة معظمها تنموية، جاءتنا من فكيك بشرق المغرب، وأزيلال، وبن جرير، وكلميم... واستقبال وفود أجنبية كان من بينها وفد المهندسين الأفارقة المنتمين لعشرين دولة إفريقية. أستاذ خالد هل من كلمة أخيرة توجهونها للناشطين في حقل التنمية المستدامة بالوسط القروي؟ أشكر جريدة "التجديد" التي أتاحت لنا فرصة التواصل مع المهتمين بالحقل التنموي، ونوجه رسالة عبر هذا المنبر لجميع الفاعلين التنمويين للعمل والصبر والثقة في المستقبل. وننبه إلى أن التنمية لن تتحقق إلا بانخراط الجميع فيها، خصوصا الطاقات الشابة، وبالمناسبة أذكر هنا شعارا تتبناه إحدى الجمعيات الصديقة التي نتعامل معها وأعتبره ملخصا لكل ما قلناه: "تبنى القرى بسواعد أبنائها". وشكرا لكم من جديد. حاوره: الحسين زاهدي