إن العمل المدني في مشروع الحركة المجتمعي يتأسس على مبدأ الشهود الحضاري مصداقا لقوله تعالى: «وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا»سورة البقرة 142. والشهادة على الناس هنا، هي منطلق العمل المدني الذي نرومه، تتحقق على مستوى الأداء من خلال الحضور القوي والمتعدد الأشكال والأساليب من مختلف مجالات المجتمع وفضاءاته، ذلك أن الحضور شرط ضروري لصحة أداء الشهادة. وبالإضافة إلى هذا السند المرجعي فإن انخراط عملنا الإسلامي في قلب التحديات التي تفرضها المشاركة السياسية والمجتمعية، صار يستلزم التوفر على برامج عملية مقتدرة، وإنجازات ميدانية تسهم في إصلاح الأوضاع التي يعيشها مجتمعنا في مختلف المجالات، حيث لم يعد كافيا في مرحلة «الدخول العملي في تحديات المشاركة»، القيام فقط بدور التعبير عن الضمير العام أو إعلان الموقف العاطفي الذي يستجيب لانتظارات الناس والمجتمع. وإن العمل الإسلامي المدني الذي يجعل النهضة أفقا، وتقدم البلد وتنميته هدفا وبرنامجا يحتاج أن يحدث تحولا جديدا في صيغته الحالية، بما يسمح له بتطوير آلياته ومنهجية عمله ومنظومة علاقاته العامة، فإذا كانت الحركة في سياق المرجعيات التي دشنتها في مشروعها العام، قد حققت انتقالا عميقا من عقلية التنظيم الشمولي أو المحوري الجامع إلى عقلية المشروع النهضوي العام والنشاط المجتمعي المفتوح، فإنها اليوم معنية بدخول مرحلة جديدة على مستوى بناء شبكات ونسيج مجتمعي يعمل على تنمية وتطوير المجتمع ويؤهله لتحمل مسؤولياته الحضارية والأخلاقية. وهذا العمل المدني للحركة لا يختلف في سماته العامة عن السمات أو الخصائص البارزة للمجتمع المدني: الاستقلالية. الاعتماد على العمل التطوعي الجماعي. خدمة المصلحة العامة. العمل المؤسسي. وضوح الرؤية والمرجعية. لكن رغم ذلك يمكن أن نلحظ أن العمل التطوعي لم يعد سمة عامة، وأصبح الاعتماد على التوظيف والاحتراف، وكذلك خاصية الاستقلالية في العلاقة بالدولة أو السلطة أو المنظمات والهيئات المانحة والممولة وغيرها. وتجدر الإشارة إلى أن الاستقلالية قد تفرض حتى قانونيا، ويقصد بها ما يتعلق بالتسيير والتدبير الداخلي لهيئات أو جمعيات المجتمع المدني، وكذلك علاقاتها قبل أن يفرض نظام العولمة آليات أخرى للعمل الدولي أو العمل المعولم. وبالنسبة لحركة التوحيد والإصلاح فإنها في عملها المدني وبناء مؤسسات المجتمع المدني عند نهجها لسياسة التخصصات، فإنها تبنت مبدأ وحدة المشروع وتعدد التنظيمات، ومن ثم اعتبرت الاستقلالية التنظيمية في التسيير، ومجال التخصص مسألة ينبغي احترامها والالتزام بها، وهي أساس نضج العمل ورشده وانفتاحه. فليست كل أهداف الحركة ينبغي أن تحقق من خلال التنظيم والأعضاء المنتمين إليه فحسب، بل إنها تصبح «مجالا واسعا للتعاون على الخير مع الغير، كما تصبح مجالا للشراكة مع هيئات وحركات ومؤسسات أخرى تلتقي مع الحركة في مجال من مجالات عملها. وقد تبنت الحركة مبدأ وحدة المشروع وتعدد التنظيمات، ومن ثم اعتبرت الاستقلالية التنظيمية في التسيير، ومجال التخصص مسألة ينبغي احترامها والالتزام بها، وهي أساس نضج العمل ورشده وانفتاحه. فليست كل أهداف الحركة ينبغي أن تحقق من خلال التنظيم والأعضاء المنتمين إليه فحسب، بل إنها تصبح «مجالا واسعا للتعاون على الخير مع الغير، كما تصبح مجالا للشراكة مع هيئات وحركات ومؤسسات أخرى تلتقي مع الحركة في مجال من مجالات عملها».