إصلاح التعليم قضية مطروحة في المغرب منذ الثلاثينات من هذا القرن، حيث جعلها رواد وقادة الحركة الوطنية المغربية على رأس مطالبها الإصلاحية التي واجهت بها المستعمر الفرنسي، قبل أن تنتقل إلى مطلب الاستقلال. وقد سبق للعديد من الباحثين والمفكرين أن أكدوا على أن « ما تحقق في ميدان التعليم على مدى الأربعين سنة الماضية على استقلال المغرب ما زال بعيدا عن ما يجب»خصوصا» في ظل التصنيف المخجل لعدد من التقارير الدولية لوضعية التعليم بالمغرب ناهيك عن تقرير المجلس الأعلى للتعليم لسنة 2008 والذي كان سببا مباشرا لوضع المخطط الاستعجالي (2009-2012) لإنقاذ التعليم من السكتة القلبية. الوزير الوفا أكد أن المخطط الاستراتيجي للسنوات المقبلة يعتمد على أربعة توجهات استراتيجية تتمثل في «توفير عرض مدرسي يأخذ بعين الاعتبار أولوية الإنصاف وتكافؤ الفرص ؛وتحسين جودة التعلمات ؛ ثم تطوير حكامة المنظومة التربوية ؛ناهيك عن التدبير الجيد للموارد البشرية والارتقاء بقدراتها وكفاءاتها. أين المبادئ الأربعة؟ سبق ل»اللجنة الملكية لإصلاح التعليم» عام 1957 أن حددت مرتكزات إصلاح التعليم ببلادنا و هي ما عرف تاريخيا ب»المبادئ الأربعة»،وهي التعميم، والتوحيد، والتعريب، والمغربة . ويقصد بها»تعميم التعليم على جميع الأطفال البالغين سن التمدرس (6-7 سنوات). توحيده في مدرسة وطنية واحدة بدل التعدد الذي كرسته الحماية الفرنسية (التعليم الإسلامي: التعليم الأوربي...) والذي أقامت الحركة الوطنية بديلا له يتمثل في المدارس الوطنية الحرة التي أصبحت هي نفسها مع الاستقلال عنصرا في التعدد. أما التعريب فقد كان المقصود منه وما يزال جعل اللغة العربية لغة تعليم جميع المواد. في حين أن «المغربة « المراد بها تعويض الموظفين غير المغاربة في التعليم كما في الإدارة، وكلهم فرنسيون، بكفاءات مغربية. وبحسب المعطيات فالمبذأ الأخير تحقق بنسبة 100% شأنه شأن مبدأ «التوحيد» وذلك عن طريق توحيد مواد التعليم وبرامجه على مختلف المدارس، وأيضا من خلال المراقبة التربوية التي تقوم بها الوزارة الوصية، وبالمقابل لا زال مبدأي التعميم والتعريب يراوحان مكانهما بحسب نسب التحقق التي ترتفع حينا وتنخفض في مناسبات أخرى. الخطاب الملكي الخطاب الملكي ل 20 غشت 2012 دعا إلى»الانكباب الجاد على هذه المنظومة التربوية التي تسائلنا اليوم إذ لا ينبغي أن تضمن فقط حق الولوج العادل والمُنصف القائم على المساواة إلى المدرسة والجامعة لجميع أبنائنا، وإنما يتعين أن تخولهم أيضا الحق في الاستفادة في تعليم موفور الجدوى والجاذبية، وملائم للحياة التي تنتظرهم». واسترسل الملك في وضع لبنات «خريطة طريق» لما يجب أن يكون عليه التعليم في المغرب، حيث قال إن المنظومة التربوية في البلاد ينبغي أن تهدف إلى تطوير ملكات الشباب واستثمار طاقاتهم الابداعية وتنمية شخصياتهم للنهوض بواجبات المواطنة في مناخ من الكرامة وتكافؤ الفرص. كما دعا الملك الحكومة للعمل في هذا الاتجاه من أجل التركيز على النهوض بالمدرسة العمومية إلى جانب التعليم الخاص في إطار من التفاعل والتكامل، مشددا على أنه يتعين الإسراع في تفعيل مقتضيات الدستور بخصوص المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي في صيغته الجديدة، على أن تساهم هذه الهيئة في إنجاح هذا التحول الجوهري والمصيري الذي لا يتعلق بمصير الشباب فحسب بل بمصير المغرب بلدا وأمة». مرتكزات الإصلاح محمد الوفا وزير التربية الوطنية أكد ردا على سؤال برلماني حول «إصلاح التعليم ومرتكزاته» أن الخطاب الملكي ل 20 غشت 2012،يعد لبنة أساسية للإصلاح حيث وضع النظام التعليمي في صدارة الأولويات الوطنية؛بالإضافة إلى «البرنامج الحكومي «الذي يسعى إلى إعادة الثقة إلى المدرسة المغربية من خلال تركيز جهود الحكومة على قضايا الحكامة وجودة النظام التعليمي»، وذلك من خلال» إرساء المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي في صيغته الجديدة،وتقييم أولي للبرنامج الاستعجالي 2009-2012 الذي ينتهي في نهاية دجنبر 2012 ؛ثم معالجة الاختلالات الهيكلية للمنظومة التربوية؛ وكذا وضع مخطط استراتيجي للفترة 2013-2016. المخطط الاستراتيجي الوزير الوفا أكد أن المخطط الاستراتيجي للسنوات المقبلة يعتمد على أربعة توجهات استراتيجية تتمثل في «توفير عرض مدرسي يأخذ بعين الاعتبار أولوية الإنصاف وتكافؤ الفرص ؛وتحسين جودة التعلمات ؛ ثم تطوير حكامة المنظومة التربوية ؛ناهيك عن التدبير الجيد للموارد البشرية والارتقاء بقدراتها وكفاءاتها.وانطلاقا من هذه التوجهات،يضيف محمد الوفا، تم تبني خمسة مجالات في هذا المخطط الاستراتيجي تتعلق بمجال العرض المدرسي وجودة التعليم والمؤسسة التعليمية والحكامة والموارد البشرية. ففي ما يتعلق بمجال العرض المدرسي،أشار الوفا إلى أنه يهدف إلى تعميم التعليم بالابتدائي والثانوي أي من سن 6 إلى 15 سنة، وتوسيع قاعدة التعليم الثانوي التأهيلي، وذلك عبر مجموعة من التدابير والإجراءات.في حين أن مجال جودة التعليم يهدف إلى تحسين جودة التعلمات والرقي بها، وذلك عبر إرساء مقاربات العملية التعليمية، وإعداد البرامج والمناهج البيداغوجية والتقويم والتوجيه ودعم تعليم اللغات. وبخصوص مجال المؤسسة التعليمية، فالهدف منه ملاءمة منظومة التربية والتكوين للحاجات والظروف الجهوية والإقليمية والمحلية، وتسهيل مساطر تدبير المؤسسات التعليمية وضبط المسؤوليات لحل المشكلات العملية للمنظومة في عين المكان، وتمكين المؤسسة التعليمية من القيام بمختلف وظائفها التربوية والإدارية والمالية والاجتماعية. أما مجال الحكامة:فتهدف الوزارة من خلاله تحقيق المردودية في الأداء والنجاعة في ترشيد الموارد المالية، والتحكم في إرساء أجهزة التدبير المؤسساتي على مختلف المستويات.أيضا مجال الموارد البشرية، بحسب الوزير هو الآخر يهدف إلى بلورة مجموعة من الإجراءات الرامية لتحقيق الفعالية في تدبير وتحفيز الموارد البشرية وتقوية قدراتها وكفاءاتها. شروط النجاح للخروج من النفق، ولتجاوز الثغرات التي خلفها المخطط الاستعجالي ،خصوصا وأن هذا الأخير تقرر بدون شركاء فعليين حيث تم إقصاء النقابات التعليمة وجمعيات الاباء والجمعيات المهنية،بمعنى ولد ميتا منذ البداية، ومن أجل تحقيق نتائج واضحة للمخطط الاستراتيجي للوزارة سيتم،حسب وزير التربية الوطنية ،الذي تعهد أمام نواب الأمة، التركيز على ثلاثة شروط أساسية تتمثل في تكريس العمل بمقاربة المشروع ؛ومأسسة التعاقد بين الوزارة والأكاديميات والنيابات؛بالإضافة إلى اعتماد المقاربة التشاركية من خلال العمل على انخراط جميع الفاعلين في مسار تنفيذ المخطط الاستراتيجي مع التركيز بشكل خاص على مستوى المؤسسة التعليمية.