قدمت دراسة حديثة لوزارة التجارة والصناعة والتكنولوجيات الحديثة، تحليلا للمبادلات التجارية للمغرب، خلال 13 سنة الماضية، والمحددات الرئيسية لعجز الميزان التجاري منذ سنة 1998. الدراسة التي أعدها قطاع التجارة الخارجية بالوزارة، تتوفر «التجديد» على نسخة منها، اعتبرت أنه «بصرف النظر عن اختيارات المغرب منذ أوائل الثمانينات، سجل الميزان التجاري عجزا دائما في تاريخ التجارة الخارجية للمغرب، وازداد العجز سوء خاصة منذ عام 2003». وأرجعت الدراسة العجز في الميزان التجاري إلى خمس عوامل بنيوية وظرفية على المستوى الخارجي والداخلي، منها «السياسات الاقتصادية المعتمدة»، وحددتها في سياسة التجارة الخارجية والسياسات المالية والنقدية، وقالت أن «المبادلات التجارية التي تمت في إطار اتفاقيات التجارة الحرة أدت إلى تكثيف العجز التجاري مع الدول المعنية». ولفتت الدراسة الانتباه إلى أن «السياسة التجارية التي اعتمدها المغرب كان لها الأثر المباشرة والسريع على الميزان التجاري». وأوردت الدراسة أن العجز التجاري مع الاتحاد الأوروبي انتقل من 13 مليار درهم في عام 2000 إلى ما يقرب من 58 مليار درهم في 2011، ومع الولاياتالمتحدةالأمريكية انتقل العجز التجاري من 7 مليار دولار في عام 2006 إلى ما يقرب من 18 مليار درهم في 2011(10 شهرا). وبخصوص الاتفاقية العربية المتوسطية للتبادل الحر، سجل التقرير زيادة عجز الميزان التجاري المرتبط بتلك الاتفاقية بشكل طفيف، حيث انتقل من 3.2 إلى 3.6 مليار درهم بين عامي 2007 و2011. ومن المعيقات أيضا التي رصدتها الدراسة، «ضعف عروض الصادرات المغربية»، وقالت أن «التشخيصات المنجزة لتقييم تنمية التجارة الخارجية المغربية منذ التسعينات، تجمع على وجود عجز نوعي وكمي في عروض التصدير المغربية»، وترى الدراسة أن «الزيادة في الواردات من السلع الاستهلاكية المصنعة وغيرها من المواد الغذائية هو مصدر قلق بالنسبة لمستقبل التوازنات التجارة الخارجية واستدامة النظام الإنتاجي في المغرب»، وتستنتج أن «ما يقرب من 50 بالمائة من العجز التجاري للمغرب هو عجز مرتبط بمسار تطوير الاقتصاد الوطني». وتحدثت الوثيقة عن تأثر «دينامية نمو الاقتصاد المغربي»، مشيرة إلى تدني قيمة الصادرات بالمقارنة مع الواردات، حيث نمت الصادرات في السنوات الأخيرة بأربع نقاط أكثر من الواردات، وانتقلت قيمة الصادرات من 110 مليار درهم في عام 1998 إلى حوالي 230 مليار درهم في عام 2006، قبل أن تتضاعف سنة 2011 (399 مليار درهم). كما تحدثت الدراسة أيضا عن عوامل «تباطؤ نمو الاقتصاد المغربي بالمقارنة مع ما يحققه الشركاء الأوروبيون» و»ارتفاع الأسعار العالمية للطاقة والغذاء». من جهة أخرى، ولتخفيض العجز في الميزان التجاري وتصحيح الاختلالات في الحساب الجاري في ميزان المدفوعات منذ عام 2007، تقترح الدراسة خمس مقترحات، منها «تعبئة عروض التصدير التنافسية»، وذلك من أجل «الحد من ما لا يقل عن 50 بالمائة من العجز التجاري الحالي»، تضيف الدراسة، «ينبغي تكييف الإمدادات الحالية مع متطلبات السوق، وتسريع تنفيذ واتساق الاستراتيجيات القطاعية والأفقية التي أنشئت خلال السنوات ال5 الماضية». وفي نفس السياق، تقترح الدراسة «الانتهاء من إصلاح الإطار العام التنظيمي للتجارة الخارجية»، بما يسمح بتعزيز مراقبة ورصد الواردات للكشف عن الغش والمنافسة غير المشروعة. كما توصي الدراسة بالعمل على تحقيق «انسجام السياسات العمومية»، لمواجهة أي آثار سلبية لزيادة الطلب على الواردات، ول»ضمان الاستدامة في التوازنات الأساسية للاقتصاد المغربي».