منذ أيام يتوالى صدور تقارير استخباراتية وأخرى إعلامية تكشف ضلوع «البوليساريو» في أزمة شمال مالي وتبرز تورط عناصرها في دعم الجماعات المتشددة التي تسيطر على ثلثي شمال البلاد منذ أشهر، وفي هذا الصدد، أبرزت مجلة «جون أفريك» في عددها الأخير أنه في الوقت الذي بدأت فيه معالم تدخل عسكري دولي شمال مالي، يتوجه العديد من الشباب المنحدرين من مخيمات «البوليساريو» بتندوف أكثر فأكثر لمد يد العون للمجموعات «الجهادية» في هذه المنطقة، مضيفة أن الممارسات «المافيوزية والإرهابية» في هذه المخيمات عززت بشكل لافت مناخ اللاستقرار الذي يميز المنطقة. وأبرزت المجلة الفرنسية استنادا إلى تقارير الاستعلامات الفرنسية، وصول العديد من المجموعات المكونة من 40 إلى 60 فردا، وفي بعض الأحيان من 300 متطوعا إلى مدن تمبكتو وجاو خلال الشهر الجاري. وتعليقا على ذلك، اعتبر تاج الدين الحسيني أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن ما يقع في شمال مالي هو نهاية منطقية لمنطقة الساحل الإفريقي، لأن «البوليساريو» توجد في الجزائر منذ ثلاثة عقود وتتغذى على «الإرهاب» وتتوفر على العتاد والدعم اللوجستيكي من الجزائر، وقال المتحدث في تصريح ل»التجديد»، رغم ذلك لا يمنعها من إمكانية الانفلات عن المؤسسة العسكرية الجزائرية والتوجه إلى دعم الجماعات المتطرفة في شمال مالي، مشيرا إلى أن ظروف العناصر الانفصالية تدفعهم إلى الانخراط في نشاطات أخرى من قبيل التهريب واختطاف الرهائن والتعاون مع الجماعات المتطرفة الأخرى. وشدد المتحدث، على أن تسرب عناصر «البوليساريو» إلى مالي كان منتظرا بالنظر إلى الإغراءات المالية التي من الممكن أن توفر لهم من الجماعات المتطرفة، وأكد الخبير في العلاقات الدولية، أن الوضع في الساحل يبعث عن القلق خاصة أن المتطرفين جعلوا من شمال مالي منطقة محررة، وعناصر «البوليساريو» تتوافد إلى المنطقة، مما سيجعل القتال أكثر شراسة –يضيف المتحدث- نظرا لتوفرهم على خبرة قتالية وعلى العتاد أكثر من المتطرفين من الجماعات التي تسيطر على الشمال. ودعا الحسيني، الدبلوماسبة المغربية إلى استثمار ما يحصل للضغط على المجتمع الدولي وإقناع الدول المؤيدة للانفصاليين بالطرح المغربي والخطر الذي يشكله الانفصاليون على المنطقة برمتها. من جهته، قال حسان بوقنطار المحلل وأستاذ العلاقات الدولية بالرباط، إن «البروليساريو» لا تتبنى إلا مواقف الجزائر، ووصول عناصره إلى شمال مالي دليل عن حدوث انفلاتات ناتجة عن وضع القيادة الحالية التي تتعرض إلى انتقادات كبيرة، وحول موقف الجزائر من التدخل الأجنبي، اعتبر المتحدث، أنها ترغب في أن يكون كل عمل تحت إشرافها في إطار البحث عن الهيمنة، وهو ما يفسر قدوم كلينتون إلى الجزائر وإجراء مباحثات مع بوتفليقة بهدف إقناعه بالموقف الدولي. يذكر، أن هذه التقارير تأتي في سياق تسارع خطى المجتمع الدولي للقيام بتدخل عسكري في شمال مالي بقيادة إفريقية، يؤشر على ذلك زيارة هيلاري كلينتون وزير الخارجية الأمريكية للجزائر والزيارة المرتقبة لكترين أشتون وزير خارجية الاتحاد الأوروبي للجزائر أيضا لحثها على دعم التدخل، وفي الوقت الذي تحمل فيه مالي الجزائر مسؤولية انضمام أفراد من «البوليساريو» للجماعات الإرهابية لتعزيز قدراتها القتالية كما أكدت ذلك صحف مالية حكومية.