أكد مشروع تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي حول موضوع «النظام الجبائي المغربي، التنمية الاقتصادية والتماسك الاجتماعي» أن النظام الجبائي المغربي يظل يشكو من أوجه نقص كبيرة تتمثل في عدم توزيع العبء الضريبي بصفة عادلة بين الفاعلين الاقتصاديين. واعتبر المصدر ذاته أن عبء الضريبة على الشركات تتحمله فئة قليلة من المقاولات،حيث تؤدي فقط 2 بالمائة من المقاولات ما قدره 80 بالمائة من مجموع الضريبة على الشركات، كما أن 73 بالمائة من مجموع الضرائب على الدخل مصدره الأجراء. وطبقا للمصدر ذاته، فإن عدد كبير من الأنشطة الاقتصادية المدرة للدخل لا تخضع لأي نظام جبائي. وأن النظام الضريبي، بما في ذلك الضريبة على القيمة المضافة، لا يشجع الشركات المحلية على الاستثمار. وعلى عكس ذلك فانه يخلق في بعض الحالات منافسة غير مشروعة لفائدة الشركات المستوردة للمنتوجات الخارجية. وكشف المجلس الاقتصادي والاجتماعي عن عدم توفر أي انسجام أو فعالية بين مختلف الرسوم الضريبية الضعيفة المردودية. بالإضافة إلى عدم لجوء السلطة الحكومية إلى استعمال النظام الضريبي كرافعة اقتصادية للتحفيز، حيث لا تسمح مجموع الحوافز – التي تقدر كلفتها الإجمالية بما يناهز 32 مليار درهم – بالقيام بدراسات ميدانية منتظمة للتأكد من فعاليتها و تفادي ردود الفعل السلبية الناتجة عن الامتيازات الممنوحة لقطاع إنتاجي معين على حساب قطاعات أخرى. وأشار المصدر ذاته إلى الطبيعة الغير المرضية التي تميز العلاقات بين الإدارة الضريبية ودافعي الضرائب،نظرا للكيفية التي تعتمدها الإدارة لتحديد مستوى التحصيل الجبائي. مما ينتج عنه شعور بالظلم و الحيز الضريبي من طرف المقاولات و المواطنين المغاربة الشيء الذي لا يشجع على الالتزام الضريبي. انطلاقا من هذا التقييم للنظام الجبائي المغربي، يقدم المجلس الاقتصادي و الاجتماعي مجموعة من الاقتراحات لإرساء نظام ضريبي يتسم بالعدالة الاجتماعي و النجاعة الاقتصادية. هذا و تدور هاته الاقتراحات حول ست محاور أساسية نظام ضريبي يتسم بالانسجام القوي مع باقي مكونات السياسات العمومية قصد الاستجابة لأهداف العدالة الاجتماعية، وتوزيع عادل للعبء الضريبي، وحماية القدرة الشرائية للطبقة المتوسطة، ونظام ضريبي يتيح محاربة المضاربة و يشجع القطاع الإنتاجي والاستثمار، ونظام ضريبي يساعد على الحد من مجال النشاط الاقتصادي غير المهيكل، ونظام ضريبي يتحمل جزء من المصاريف الموجهة لتمويل الحماية الاجتماعية بهدف التخفيف من العبء على الأجور وعلى كلفة الأجراء، ونظام ضريبي يتيح إرساء مناخ من الثقة بين الإدارة الضريبية ودافعي الضرائب. هذا و نظرا لغنى المناقشات التي دارت أثناء أشغال الجمعية العامة ورغبة من طرف كافة مكونات المجلس تدقيق بعض الاقتراحات وإضافة أخرى تعكس غنى هذه المناقشات، قرر المجلس الاقتصادي والاجتماعي مواصلة دراسة هذا الموضوع على مستوى هيئات المجلس، وذلك في أفق اعتماد التقرير في صيغته النهائية خلال دورة نوفمبر القادمة.ويؤكد تشخيص المجلس الاقتصادي والاجتماعي أن المغرب قد تمكن من وضع أسس نظام جبائي حديث يقوم على ثلاثة ضرائب رئيسية تمثل 76 من المدخول الضريبي، على غرار النظم المعمول بها في البلدان المتطورة ذات الاقتصاد اللبرالي.