انتشرت في بعض الأحياء الشعبية بمدينتي الرباطوالدارالبيضاء، وفي غفلة عن السلطات المحلية، نقط لبيع "لحوم الأضاحي"، و يتم فيها عرض لحم العيد في ظروف صحية متردية مقابل أثمان زهيدة و من طرف أشخاص يمتهنون التسول وآخرون مدمنون على المُخدرات، أو محترفون اقتنوا اللحم "جُملة" من عند هؤلاء لإعادة بيعها. وعاينت "التجديد" خلال زيارة ميدانية لأحد تلك الأسواق بمدينة الدارالبيضاء، انخفاضا كبيرا في أثمنة اللحوم المعروضة، حيث أنها لا تُباع بالميزان بل ل"العرام" الذي يتجاوز وزنه في غالب الأحيان الأربع كيلوغرامات، ويتراوح ثمن "العرمة" من 20 إلى 70 درهما حسب نوع اللحم، و يتم عرضها إما فوق موائد أو على الأرض في أكياس بلاستيكية، وتظهر للعيان علامات تدهور جودة اللحوم التي تأثرت بتعرضها المباشر لأشعة الشمس ودخان السيارات. و اعتبرت الدكتورة أسماء الزيول، الأخصائية في الحمية والتغذية، هذا النشاط التجاري خرقا للشروط الصحية التي يجب أن يتم فيها حفظ وتسويق اللحوم. وأكدت إحدى البائعات التي رفضت الكشف عن هويتها في تصريح ل"التجديد"، أن زُبناء السوق يتنوعون بين "العُزاب" الذين لم تُسعفهم ظروف العمل لقضاء العيد مع أهلهم وبعض الأسر المُعوزة التي لم تتمكن من إقتناء الأضحية، مُشددة على أن أكثر الزبناء هم من تُجار "الخليع" و"السوسيط" في الشوارع العمومية. وقالت الزيول في تصريح ل"التجديد" أن الطريقة التي يتم بها جمع هذه اللحوم وعرضها للبيع يُنافي الشروط الصحية التي يجب أن تتم بها هذه العملية، مُضيفة أن "اللحم الذي يتم جمعه بطريقة عشوائية، ولا يتم حفظه في ثلاجات أو على الأقل في أوعية نقية بها قطع ثلجية، إضافة لتعرضه لدخان السيارات والغبار المحملان بالطفيليات والجراثيم"، مُشددة على ضرورة "تدخل المصالح البيطرية المختصة، سواء بمنع هذه الظاهرة. و نبهت انه اعتبارا لكون مثل هذه الأنشطة تعتبر موردا ماليا لفئة عريضة من الناس، يجب تنظيمها ومراقبتها، موضحة أنه لا يُعقل أن يتم السماح بترويج مواد استهلاكية من شأنها أن تضر بصحة المواطن، خُصوصا أنه من السهل أن يتحول اللحم إلى سام إن لم يتم حفظه في ظروف صحية ودرجة حرارة محددين". و شددت الزيول على ضرورة القيام بحملات توعية للمواطنين بخطورة اقتنائهم مثل هذه اللحوم التي تشكل تهديدا مُباشرا لصحتهم، إضافة لتوعية الجزارين وغيرهم ممن يتاجرون في اللحوم بخطورة عرض اللحوم مُباشرة للهواء، وأهمية حفظها في ثلاجات شفافة تُمكن من عرض اللحوم للزبائن ومن حفظها في نفس الوقت. ومن جهته قال الدكتور أحمد الكافي، أستاذ التعليم العالي للدراسات الإسلامية بالدارالبيضاء، أن هؤلاء الذين يعطون اللحم وهم يعلمون أن من يأخذه سيقوم ببيعه بطريقة تضر الناس يجب عليهم معرفة أن هذا العمل غير صالح وهو عمل لا ينبغي فعله، مُضيفا أنه على كل فرد الإمتناع عن إعطاء اللحوم لهؤلاء الذين يقومون ببيعها بمثل هذه الطرق، باعتبار أن كل عمل يُلحق الضرر بالناس هو مرفوض شرعا. وأضاف الكافي في تصريح ل"التجديد"، أنه على الناس الذين لهم نيات فعل الخير وتقديم الصدقات، بإمكانهم تقديم المال لمن يحتاجه حقا، أو الحرص على التصدق باللحوم على من سيقوم باستهلاكه في منزله، أو بإمكانهم تقديم هذه اللحوم للجمعيات المختصة رغم قلتها، حيث تعمل على جمعها بطرق صحية وتوزيعها على من سيتحقها عبر وسائلها الخاصة، مُضيفا أنه يجب إيجاد مؤسسات مُتخصصة في هذا الميدان تفاديا لكل هذه الإنزلاقات التي تضر بصحة المواطن بشكل مُباشر. وفي نفس السياق حمل بوعزة خراطي، رئيس جمعية حماية المستهلك بالقُنيطرة في إتصال هاتفي ل"التجديد"، مسؤولية الدولة في تفشي ظاهرة الباعة المُتجولين عموما وظاهرة بيع لحوم الأضاحي بهذه الطريقة بالأخص، والتي وصفها ب"الغير السليمة"، مُشددا على ضرورة إعتماد المقاربة الصحية في التعاطي مع مثل هذه الظواهر، معتبرا أن الطريقة التي تتعاطى معها الجهات المعنية هي مجرد حلول ترقيعية المُتضرر الأول منها هو المواطن، مُضيفا انه تم تسجيل العديد من حالات التسمم والوفايات بسبب هذه اللحوم التي يفتقر تسويقها لأبسط شروط الحماية على حد تعبيره.