في مجلتين اثنتين دخلتا إلى المغرب بطريقة رسمية وعادية، تعرض نبي الإسلام محمد عليه الصلاة والسلام للإساءة، وذلك عن طريق صورتين يدويتين وبعض المقالات التي تدعي العلمية والوثوقية والمراجعة الجذرية. المجلة الأولى هي الأسبوعية الفرنكفونية (جون أفريك أنتيليجان) في عددها رقم (2189 2190) بتاريخ 22 دجنبر 2002 إلى 4 يناير 2003، وفي الصفحة 140. وتلك صفحة تخصصها المجلة المذكورة لعرض "كتب جميلة" تحت عنوان (اقرأ واسمع وانظر). الكتاب الجميل المختار هذه المرة يتحدث عن "الفرس العربي" لصاحبه "فيليب باربييه" (منشورات الجاغوار)، وبالفعل فذلك كتاب جميل يتبوأ مكانة الطليعة بين الكتب التي تناولت الموضوع بفضل إعادة طبعه بعد نفاذه والنصوص الكثيرة المتكاملة والصور الواضحة والرسوم الجميلة المتنوعة. صاحب الكتاب ذهب يتابع وثبات الفرس العربي في جميع أحواله وأعماله، وقدم له مواقف رائعة وهو ينشر الإسلام شرقا وغربا، والفاتحون على ظهوره راكبون يدعون إلى الخير ويبلغون رسالة الله ورسوله. لكن الكتاب لم يخل من سقطات مثل الصورة التي قدمها لرسول الله صلى الله عليه وسلم راكبا صهوة جواد وهو يدخل مكة رفقة الصحابة آمنين مطمئنين لايخافون، وقد رحبت به مدينته الأصلية. الصورة تظهر الرسول صلى الله عليه وسلم محفوفا ببعض الصحابة وملك من الملائكة في صورة الأنثى يحف الموكب النبوي ويطير بجناحين أشبه مايكون يجناحي الصقر أو النسر. ولا يخفى ما في ذلك من إساءة إلى الإسلام وعقيدته ونبيه. فالعلماء المسلمون أجمعوا على حرمة تصوير النبي صلى الله عليه وسلم والملائكة الذين يحيون في عالم الغيب. ومن جوانب الإساءة في الصورة تقديمها للملائكة في صورة الأنثى والحيوان الجارح معا. ومن المعلوم أن تلك صورة أسطورية وجدها الإسلام نفسه محفورة في مخيلة العرب فسارع إلى دحضها وتصويبها. أما المجلة الثانية فهي المجلة العلمية الفرنسية الشهيرة "علوم ومستقبل" ففي عددها الثاني والخمسين لشهر يناير 2003، قدمت للقراء ملفا من 13 صفحة تجيب فيه عن سؤال "ماذا يقول العلم عن الأنبياء؟" الأنبياء المقصودون بالبحث العلمي هنا هم موسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام، وأضافت عليهم زرادشت وحسبته نبيا من الأنبياء. ومثلها مثل سابقتها عززت المجلة "العلمية" مقالاتها التحليلية والتركيبية بصور ورسوم زعمت أنها للأنبياء المذكورين. نصيب نبي الإسلام عليه الصلاة والسلام كان مثل نصيبه عند (جون أفريك أنتيليجان)، فقد قدمته المجلة مسافرا في السماء بين ملكين أنثيين يحملانه، وازدادت الإساءة درجة أخرى عندما ذهبت المجلة تستعرض على يد الكاتب (راشيل فليو مولو) دراسة أنتربولوجية تضع الإسلام ونبي الإسلام تحت المراجعة التاريخية الصارمة، وتنزع عن الرسول صفة الرسالي مكتفية بصفة الإنسانية والبشرية، وتضعه في سياق اجتماعي قبلي، لتنتهي إلى القول إن دين الإسلام ليس سوى إنتاج واقع اجتماع أسطوري عربي، كل ذلك تحت عنوان "محمد... صورة محرمة". تذكر كتب السيرة التي وثق فيها العلماء وجمهور المسلمين أن النبي صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة "أمر بالكعبة ففتحت فرأى الصور تملؤها وفيها صورتان لإبراهيم وإسماعيل يستقسمان بالأزلام فقال ساخطا على المشركين قاتلهم الله، والله ما استقسما بهذا قط، ومحا ذلك كله". ليكتب أهل الغرب ما يشاؤون، وليقولوا ما يتوهمون، فلن يمنعهم أحد من ذلك، لكن اللوم كل اللوم على الجهات المسؤولة في بلدنا التي تغض الطرف عن ذلك وتشجع عليه، وإذا قام عبد من عباد الله يستنكر ويصرخ نودي في الداخلية والإعلام إن هذا أصولي متشدد فاختطفوه!