عرفت سنتي 2007 و2008 تحولا في مسار حركة التشيع بالمغرب، وعلى الرغم من ندرة المعلومات حول عدد الذين تشيعوا والأطر التنظيمية التي تجمع الحساسيات المحسوبة على الجسم الشيعي في المغرب، إلا أن الحراك الشيعي المرصود في جملة من المحطات يؤشر على تطور نوعي في استراتيجية نشر التشيع في المغرب آنذاك، إذ بدأت تظهر مؤشرات على تبلور جنيني لفكرة تنظيم ممثل للطيف الشيعي في المغرب، يعلن عن ارتباطه ببعض المرجعيات الفكرية الشيعية، لكنه في نفس الوقت يركز على التأصيل التاريخي للفكرة الشيعية في المغرب، وهو المسار الذي يبدو أن تطورات سنة 2009 أدت لإجهاضه. ويرى تقرير الحالة الدينية للمركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة لسنة 2009، أنه على الرغم من التطور النوعي الذي حصل داخل المجموعات الشيعية في المغرب، وعلى الرغم من وصول الحالة الشيعية في المغرب إلى الوضع المقلق، إلا أن «المتابعات الأمنية التي سجلت بهذا الخصوص تظل محدودة، إذ لم تسجل إلا حالة وحيدة، عندما تمكنت السلطات الرسمية عام 2007 من متابعة 6 من المغاربة الشيعة الذين سافروا إلى إيران من أجل الدراسة بالحوزة العلمية بقم بعد إعلان اعتناقهم للمذهب الشيعي، وإعلان ولائهم لإيران»، يضيف التقرير، وتتراوح أعمارهم ما بين 24 و32 سنة، وينحدرون من مكناس وحاصلون على شهادات جامعية. وتذهب بعض التحليلات إلى أن السلطات الأمنية لا تريد أن توسع عملية متابعاتها الأمنية ضد المجموعات الشيعية بالمغرب، وأنها على العكس من ذلك، تدفع هذه المجموعات إلى العمل العلني والإعلامي حتى تتمكن من رصد الظاهرة بشكل جيد، وحتى تتمكن من رسم استراتيجية متكاملة للتصدي لهذا المد المتنامي. وعرفت الساحة الجامعية بمكناس حراكا منظما من قبل هذه الحساسيات الشيعية قبل سنوات، والتي حاولت في مرحلة لاحقة مد جسور التنسيق مع بعض الطلبة الذين تشيعوا في مدينة طنجة، وضمن هذا الحراك، سجل انتشار كتابات المرجع الشيعي محمد حسين فضل الله. أما في مدينة طنجة، فقد دخلت كتب الشيعة إليها في وقت مبكر من القرن الماضي، وكان من أوائل هذه الكتب كتاب «النصائح الكافية لمن يتولى معاوية» لابن عقيل الحضرمي الزيدي في طبعته الحجرية بسنغافورة والتي طبعت من قبل مهاجرة اليمن من الزيدية، وهو كتاب في الطعن في معاوية، وكان من أبرز المتأثرين بهذه الكتب الشيعية بعض المتصوفة، وبعض الطلبة الذين هاجروا إلى بلجيكا ممن حفظوا القرآن ودرسوا بعض المتون العلمية، وكانت السمة التي تبرز ميولاتهم الشيعية شدتهم على أهل السنة وتوقحهم على الصحابة، وانتقل ذلك في مرحلة لاحقة إلى التجار والعمال بأوربا، وترجمت هذه الحركية الشيعية بطنجة بإنشاء مكتبة شيعية مع بداية التسعينيات تستقدم كتب المراجع والمفكرين الشيعة. أما بخصوص المؤشرات الديموغرافية للتشيع، تميل بعض الكتابات الشيعية إلى تضخيم نسبتهم العددية في العالم، لكن في حالة المغرب لا تتوفر أية معطيات مستقاة من مصادر شيعية تتحدث عن أرقام لعدد الشيعة في المغرب، ويعود الأمر إلى تخوف الجهات الشيعية من أن يؤدي الكشف عن هذه الأرقام إلى دفع السلطات المغربية إلى تكثيف المضايقات والملاحقات الأمنية في صفوف المجموعات الشيعية. في المقابل تجنح التقارير الرسمية إلى التقليل من حجم الظاهرة لدواع في أغلبها أمنية وسياسية، وذلك حتى لا تدفع تيارات مدنية وبخاصة الحركة الإسلامية لاستثمار ورقة الوحدة المذهبية والحفاظ على الأمن الروحي لتوجيه انتقادات لاذعة إلى التدبير الحكومي للسياسات الدينية بالمغرب. ويرتكزخطاب نشر التشيع بالمغرب، على المرتكز التاريخي ثم العقدي وكذا الاجتماعي والسياسي، فتاريخيا يسعى بعض المثقفين ممن أعلنوا تشيعهم الفكري في المغرب إلى البحث عن جذور الفكرة الشيعية في المغرب من خلال الحديث عن شيعية المولى إدريس الأكبر، وأنه أول من أدخل الفكرة الشيعية إلى المغرب، أما عقديا يتم الاستناد إلى محبة المغاربة لآل البيت واحتفائهم بهم، وذلك على الرغم من أن محبة المغاربة لآل البيت إنما كانت اتباعا لوصية رسول الله، أما سياسيا فيتمثل في استغلال الانتصار الذي حققه حزب الله سنة 2000 على إسرائيل، لاسيما وأن الفصل في أذهان الجماهير العريضة المتعاطفة مع المقاومة الإسلامية بين المذهبي والسياسي يبقى أمرا صعبا، خاصة وأن الإقبال على قناة حزب الله الفضائية «المنار» بعد تحرير جنوب لبنان تضاعف بشكل كبير داخل البلدان العربية.