تعتبر قضية حقوق المرأة في الإسلام، ومواقف الإسلاميين من حقوق المرأة أحد القضايا الأكثر إثارة للجدل منذ عقود، وشكلت هذه القضية موضوع عدد من البحوث والدراسات لازيد من قرن من الزمن ولا تزال؛ كما شكلت محور استقطاب شديد بين عدة مقاربات، أهمها المقاربة الإسلامية التي غالبا ما تربط قضايا المرأة بالأسرة وبالمرجعية الإسلامية، والمقاربة العلمانية التي تنطلق من الاتفاقيات الدولية التي وضع أغلبها وفق منظور خاص لحقوق الإنسان. ولإثراء النقاش أكثر في هذا الموضوع تنشر «التجديد» ملخصا لورقة بحثية حول»الإسلاميون والمرأة» قدمتها الدكتورة جميلة المصلي في ندوة علمية في موضوع: «الإسلاميون والثورات العربية، تحديات الانتقال الديمقراطي وإعادة بناء الدولة»، نظمها مركز "الجزيرة" للدراسات قبل أسابيع. المشاركة السياسية ساهمت النساء بقوة في إنجاح الثورات العربية، وتتساءل العديد من المهتمات عن واقع مشاركة المرأة فيما بعد الثورات وهل سيعكس وضع المرأة في الحياة السياسية ومختلف الهيآت المنتخبة بعد الثورات، حجم انخراطها وإسهامها في إنجاح الربيع العربي .إن هذا الواقع الجديد يفرض على الفاعلين الإسلاميين إعادة النظر في تمثلهم لمشاركة المرأة في الحياة السياسية في المنطقة العربية سواء في الدول التي عرفت الثورات ،أو الدول التي دخلت تجربة الإصلاح. وأعتقد أن موضوع المشاركة السياسية ورفع التمثيلية النسائية لم يعد ممكنا أن يكون موضوع خلاف من حيث المبدأ بقدر ما يمكن أن يشمل النقاش الآليات المقترحة لرفع التمثيلية النسائية في المجال السياسي. ورغم الاهتمام الذي حظي به موضوع إدماج النساء في الحياة السياسية بحثا عن الوسائل والسبل الكفيلة بضمان مشاركتهن في هذا المجال ، إلا أن واقع هذه المشاركة في البلدان العربية لازال دون المستوى المطلوب وهناك تخوف كبير من عدم تطويره رغم ما تعرفه المنطقة من تحولات. فما يزال هناك من الإسلاميين من يشكك في جدوى المشاركة السياسية للمرأة بالرغم من أن المرجعية الإسلامية التي ينبغي أن تكون الموجه الأساس لهذه المجتمعات تؤكد جدوى هذه المشاركة. فالقرآن الكريم والسنة النبوية يؤكدان في نصوص كثيرة مساواة المرأة للرجل في أصل التكليف وفي تحمل أمانة الاستخلاف في الأرض وعمارتها بالخير. والتجربة السياسية للمرأة المسلمة في عصر الرسالة وعصر الخلافة الراشدة تؤكد الانخراط القوي للنساء في الحياة السياسية من خلال البيعة الأولى والثانية للرسول صلى الله عليه و سلم ومن خلال بروز شخصيات نسائية قامت بأدوار سياسية هامة مثل أم المؤمنين عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما .كما قام المنتظم الدولي بعدة مبادرات لتعزيز التمثيلية النسائية. لقد أصبح الاهتمام بمشاركة المرأة السياسية اختيار لدى فئات كبيرة من المجتمع ، ومن تم فإن موضوع النقاش اليوم في واقع ما بعد الثورات هو سقف المشاركة وحدودها وآفاقها وذلك بالنظر للاعتبارات الآتية: 1 الاهتمام الدولي بالموضوع : اهتمت الأممالمتحدة بإقرار الحقوق السياسية للمرأة، وأصدرت في هذا المجال عدة اتفاقيات منها الاتفاقية المتعلقة بالحقوق السياسية للمرأة التي دخلت حيز التنفيذ في السابع من يوليوز 1954م وصادق عليها المغرب في 22 نونبر 1976م. 2 اعتبار المشاركة السياسية للمرأة شرطا لتحقيق الديمقراطية : فالمشاركة السياسية للمرأة مدخل أساس للإصلاح السياسي : فالمشاركة السياسية القوية للمرأة في الحياة العامة والسياسية أصبحت اليوم معيارا دوليا للبرهنة على اندماج الدول في المنظومة الديمقراطية وما تقتضيه من تفعيل دولة الحق والقانون. إذ لا يمكن تصور قيام نظام ديمقراطي دون المشاركة الفعلية والقوية للنساء في تدبير الشأن العام وفي الحياة السياسية. ثم إن مبادئ الحكامة الجيدة تقوم من بين ما تقوم عليه على إشراك جميع المواطنين في الحياة السياسية رجالا ونساء؛ فالمنظور الإستراتيجي للتنمية يفرض تأهيل كل أفراد المجتمع ذكورا وإناثا وتمكينهم من الأدوات اللازمة للمساهمة الفعالة في إنتاج التنمية المستدامة والاستفادة من ثمارها على قدم المساواة. «الكوطا» كآلية لتعزيز المشاركة يعتبر مطلب إقرار إجراء الكوطا مطلبا مركزيا لدى مختلف مكونات الحركة النسائية منذ فترة التسعينيات. ويقصد بالكوطا في هذا المجال تخصيص نسبة معينة أو حصة للنساء من أجل الوصول إلى مراكز المسؤولية، استجابة لما دعت إليه اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة من إعمال مبدأ التمييز الإيجابي لصالح المرأة في المادة الثالتة والرابعة والسابعة والثامنة. ومن أكثر الانتقادات الموجهة إلى نظام الكوطا الانتقاد الذي يعتبر التمييز الإيجابي إجراء يمس الجانب النظري المتعلق بمفاهيم المساواة والمواطنة وسيادة الأمة. وقد أثير هذا النقاش من قبل المجلس الدستوري الفرنسي في قراره الصادر في 12 نونبر 1982م الذي اعتبر فيه التمييز الإيجابي مخالفا لمبدأ المساواة أمام القانون الذي يتضمنه الفصل الثالث من الدستور الفرنسي. ورغم كل الملاحظات التي يمكن أن توجه لهذا الإجراء، فقد لقي قبولا وتطبيقا في عدد من الدول العربية والأوربية، وأسهم في رفع نسبة تمثيلية النساء في المؤسسات المنتخبة، وعزز حضور المرأة في المشهد السياسي. في هذا السياق عمدت مجموعة من الدول إلى إقرار نظام الحصة كآلية لتحسين مستوى التمثيلية النسائية بطريقة تدريجية تراعي الوضع الاجتماعي القائم ؛ وهي معاملة تفضيلية مرحلية في انتظار توفير شروط النهوض بالمرأة لكي تستطيع خوض غمار المنافسة السياسية والانتخابية على قدم المساواة مع الرجل. وتظهر التجارب الدولية في هذا الشأن، أن تدبير الحصة أصبح يعرف تقبلا وانتشارا في مختلف دول العالم على عكس نظام المناصفة الذي يقتصر على النموذج الفرنسي والقوانين الداخلية لبعض الأحزاب الغربية، ويرجع ذلك إلى مرونة نظام الحصة ومراعاته للواقع الاجتماعي والثقافي للدول التي يطبق فيها. وفي الفترة الأخيرة تطورت المطالب لتتبلور الحركة من أجل ثلث المقاعد المنتخبة في أفق المناصفة فقد ارتفعت العديد من الأصوات للمطالبة بالمناصفة في كل الهيآت المنتخبة ،ففي تونس قام المجلس التأسيسي على مبدأ المناصفة .وفي المغرب جاء الدستور بمضمون المناصفة. وبهذا الصدد هناك موقفان من قبل الإسلاميين موقف مؤيد للكوطا ومدافع عنها، وموقف رافض لها بناءا على أنها تنافي مبدأ المساواة . ومن التجارب الهامة في تطبيق الكوطا التجربة المغربية : ففي مجال رفع التمثيلية النسائية ، تم اعتماد آلية الكوطا : منذ انتخابات 2002 التشريعية ،وبعدها في انتخابات 2009 الجماعية ، كما تم إحداث صندوق الدعم لتشجيع التمثيلية النسائية عبر استصدار قانون بهذا الشأن ، وفي انتخابات : 2007 2011 استمر العمل بمبدأ المحاصصة، وانخرط حزب العدالة والتنمية في المغرب في هذا الاختيار وقدم لوائح نسائية في كل هذه المحطات . وخلاصة القول، أن النقاش اليوم ينبغي أن يسير في اتجاه البحث عن الآليات الكفيلة برفع تمثيلية النساء ومشاركتهن في الحياة العامة والسياسية ،وفق مقاربة تستحضر الواقع و إكراهاته وتنفتح على التجارب الدولية في الموضوع ،وتسعى إلى تقديم الدعم للمرأة لتجاوز مشكل التوزع بين الأدوار وضغط الالتزامات الاجتماعية . بين الخصوصية والكوني هناك موقفان بهذا الخصوص؛ الأول، موقف رافض للاتفاقيات الدولية ويعتبرها تدخل في منطق المؤامرة ضد العالم الإسلامي والعربي، والثاني، موقف ثان منفتح على المشترك والحكمة الإنسانية فيما لا يتعارض مع الثوابت الدينية والوطنية: والمقصود بهذا الأمر التعامل مع الاتفاقيات الدولية والمشترك الإنساني ،مع استحضار حق الشعوب في حماية خصوصياتها وهويتها الدينية والوطنية، وإذا كان الاتجاه الليبرالي يرتكز على أولوية المرجعية الكونية والاتفاقيات الدولية، فإن الاتجاه الإسلامي ينطلق من سمو المرجعية الإسلامية على كل الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، ويستند أصحاب هذا الاتجاه إلى دساتير معظم هذه البلدان الذي يعتبر أن الدين الإسلامي هو دين الدولة، وإلى معطى ثقافي سوسيولوجي يقوم على أساس أن هذه المجتمعات هي مجتمعات مسلمة ولا يمكن فرض أي قانون لا يحترم خصوصياتها الدينية. وجاء الدستور المغربي اليوم ليحسم بشكل واضح في هذا الموضوع، وتوصل إلى تركيب يجمع بين مقتضى تقرير حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا وبين مقتضيات التلاؤم اللازم بينها وبين ثوابت البلاد ومقوماتها الحضارية ، علما أن كل دساتير الدنيا تضمنت مقتضيات شبيهة بذلك . ولا تعارض بين الإعلان عن الالتزام بمنظومة حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا ،وكما نصت عليها الاتفاقيات الدولية ذات الصلة وبين المنظومة الدستورية والقانونية الوطنية، ما دامت الشرعية الدولية تفسح مجالا للخصوصية الثقافية والحضارية وتضمن الاتفاقيات الدولية الانضمام بطواعية كليا أو جزئيا، وتضمن الحق في التحفظ، وهو ما يعني أن الاحتجاج بالكونية يكون في كثير من الأحيان احتجاجا مغالطا . واختصارا فمرتكزات الاتجاه الداعي إلى الانفتاح على المشترك الإنساني إضافة إلى ما يعطيه القانون الدولي من حق في التحفظ ،هناك بعد آخر نشترك فيه مع غير المسلمين وهوبعد صيانة الحق في حماية الهوية الثقافية ومناهضة تنميط الشعوب فمحاولة تغيير الخصوصيات الحضارية والثقافية، للشعوب وفق نمط كوني، لا يمكن التسليم بها لأن الجزء الأكبر من الثقافة هو مكون جوهري يصعب تغييره، وعليه فإن محاولة تنميط شعوب العالم وفق نموذج واحد، وإلغاء كل الفوارق الثقافية وطمس الهويات والخصوصيات من شأنه أن يأتي بردود عكسية لهذا الاتجاه (بتكريسها وتجديرها من خلال ارتباطاتها السياسية بالجذور العميقة أو الغامضة للثقافة، سواء الروحية أو التاريخية، ونتيجة لذلك يصبح تهديد ثقافة المرء تهديدا لدينه ولإسلامه وبالتالي تهديدا لجوهر هويته). والمطلوب اليوم من الإسلاميين هو الانتقال من مجرد الانتقاد والمعارضة والدعوة إلى عدم مخالفة ثوابت الشريعة الإسلامية و التمسك بالسيادة الوطنية إلى امتلاك المعرفة والتمكن من الإقناع انطلاقا من آليات القانون الدولي التي تضمن الحق في التحفظ وحماية الخصوصيات الثقافية والمساهمة بفعالية في المنتظم الدولي. نحو مراجعات فكرية للنهوض بوضعية المرأة ظل الفكر الإسلامي يعالج قضايا المرأة لأزيد من قرن من الزمن بمنطق واحد؛ إذ لم يغادر أغلب من تناول هذا الموضوع من المفكرين والفقهاء مربع الدفاع والرد على الشبهات إلا في حالات قليلة. وهذا ناتج في نظري عن ضعف روح التجديد والاجتهاد و الملاءمة، وسيطرة عقلية الحذر والخوف من الآخر وهي عقلية لا يمكن أن تتقدم بالمشروع النهضوي للأمة إلى الأمام. ففي حين توصل الفكر الغربي إلى فرض رؤيته النسائية وعولمة هذه الرؤية من خلال ربط قضية المرأة بحقوق الإنسان، ومن خلال تبني وابتداع مقولات جذابة تختزل فلسفته في هذا الموضوع؛ من مثل «النوع الاجتماعي» و»المساواة»، ظل الفكر الإسلامي عاجزا عن بلورة منظور كوني معاصر يمتلك مقولات ومفاهيم واضحة وقوية تعبر عن الرؤية الإسلامية الوسطية المعتدلة لقضايا المرأة، وتعبر عن رسالة الإسلام الخالدة المنزلة رحمة للعالمين وتجيب عن الأسئلة الراهنة المرتبطة بها . فالمتتبع لكثير من المعالجات الإسلامية لقضايا المرأة يجد نفسه أمام عدة مصطلحات ومفاهيم مبثوثة منفصلة تفتقر إلى خيط ناظم من شأنه أن يرقى بها لأن تشكل نظرية تقدم إجابات وتفسيرات تعبر عن رؤية تيار الوسطية لهذا الموضوع كما يلا حظ مجموعة من السلوكات الناتجة عن عدم إدراك ماذا وكم يكلف الأمة تعطيل نصفها في بنا ء مشروعها الحضاري ، بل تجاوز الأمر ذلك إلى تحويل قضية المرأة لدى بعض الجهات إلى مجرد تقديم فتاوى في الحلال والحرام . لقد حرص بعض المفكرين الإسلاميين المعاصرين على إدراك المعوقات التي تواجه المرأة المسلمة المعاصرة وعلى التحديات التي تحول دون استئنافها لمسيرتها الحضارية، كما حرصوا على المزاوجة بين تمثل الأسس والقيم والمقاصد العامة للشريعة الإسلامية والانفتاح في نفس الوقت على مستجدات الفكر الإنساني في مجال النهوض بالمرأة. وتولد عن هذه المزاوجة استدماج مصطلحات معاصرة جرى تداولها في حقل الدراسات النسائية والاجتماعية وتم التأصيل لها وتبيئتها في الخطاب الإسلامي حول المرأة، مثل مصطلح «المساواة» ومصطلح «المشاركة» ومصطلح «التحرير»، كما أعطيت لبعض المصطلحات الإسلامية مضامين متجددة مثل مصطلح: «العدل» ومصطلح «الإنصاف» ومصطلح «الاجتهاد» ومصطلح «التجديد»، وكونت هذه المصطلحات شبكة من المفاهيم ميزت مدرسة الوسطية والاعتدال التي يغترف منها خطاب التوجه الإسلامي الوسطي. كما شكل كتاب عبد الحليم أبو شقة رحمة الله عليه مصدرا توثيقيا هاما ، جمع النصوص القرآنية و الحديثية ،المؤكدة لحق المرأة في المشاركة في مختلف المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية . ومن المرتكزات المِؤسسة لهذا الخطاب الوسطي في قضايا المرأة: 1- المساواة المبنية على الكرامة والإنصاف : تعتبر «المساواة» بين الرجال والنساء أصلا من أصول النظر الإسلامي في قضية المرأة. «فالرجل والمرأة في نصوص الشرع متساويان شقيقان لا يجوز معاملة أحدهما بالتمييز أو التفضيل أو المحاباة. وأهمية توضيح هذا المبدأ يظهر في أن مساواة الجنسين في مجال أوامر أو حكم لا يحتاج إثباته إلى دليل لأنه الأصل. والذي يحتاج إلى البحث عن الدليل هو عدم المساواة وتخصيص النساء بأحكام مميزة». وأدلة هذا الأصل في الشريعة الإسلامية في رأي سعد الدين العثماني كثيرة منها : كون الرجل والمرأة متساويان في أصل الخلق والتكوين ومتساويان في المسؤولية والعمل والجزاء ومتساويان في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والهجرة والجهاد والاستشهاد، ومنها أن النصوص الشرعية تجعل التفاضل بين المسلمين ذكورا وإناثا على أساس التقوى لا على أساس الجنس، ومنها ما أكده جمهور الأصوليين من أن خطاب الذكور في نصوص الشرع سواء كان بالمفرد المذكر أو بالجمع المذكر يخاطب النساء والرجال معا دون أي تفريق أو تمييز إلا إذا وجدت قرينة مخصصة، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما النساء شقائق الرجال»، وهو نص صريح وارد بصيغة العموم يقتضي أن الأصل في الشريعة الإسلامية مساواة النساء بالرجال. 2- اعتبار قضية المرأة قضية مجتمع : يرى تيار الوسطية والاعتدال أن مظلومية المرأة وإدماجها في التنمية والنهوض بها من أجل أداء وظائفها الأسرية وغير الأسرية كل ذلك ينبغي أن يشغل النساء والرجال والمجتمع ككل . ذلك أن التخلف الذي تعاني منه النساء مرتبط في جزء كبير منه بالتخلف العام الذي تعاني منه المجتمعات العربية برجالها ونسائها؛ ولا سبيل إلى رفع هذا التخلف إلا بتضافر وتكامل أدوار الجنسين معا . يقول الحق سبحانه وتعالى ? والمومنون والمومنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهَوْن عن المنكر ويُقيمون الصلاة ويوتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم? .(سورة التوبة، الآية: 72 ). 3 – تكريم المرأة: إن تفعيل دور المرأة في المشروع النهضوي للأمة لا يمكن أن يتحقق دون إعادة الاعتبار لإنسانية المرأة وكرامتها بكل مايحمله مصطلح الإنسانية والكرامة من معاني التقدير والاحترام . فالرسول صلى الله عليه وسلم حين قال: « أكرموا النساء فو الله ما أكرمهن إلا كريم ولا أهانهن إلا لئيم « إنما يريد أن يثبت في المجتمع الإنساني هذا المبدأ الأساس في التعامل مع المرأة وهو مبدأ يتنافى كليا مع مظاهر الإهانة والتهميش والتسفيه التي لازالت فئات عريضة من النساء تعاني منها . 4-استقلالية المرأة: المرأة إنسان حر مستقل مكلف مسؤول ومحاسب عن تبعات اختياراته. والقرآن الكريم توجه بخطاب التكليف والمسؤولية إلى المرأة مثلما توجه إلى الرجل؛ فهما سواسية في أصل الإنسانية وأصل التكليف وأصل الاستخلاف وأصل الأمانة والمسؤولية ومن المعلوم أنه ? لاتزر وازرة وزر أخرى ? الزمر / 39 ? وأن ليس للإنسان إلا ماسعى ? النجم / 39 و» كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته « ومن مظاهر هذه الاستقلالية الاستقلال المالي للمرأة حسب ماهو مقرر ومعروف لدى جمهور فقهاء المسلمين. 5-التكامل في الأدوار والوظائف: يتأسس هذا المرتكز على قانون الزوجية وهو قانون كوني، فالله عز وجل خلق الزوجين الذكر والأنثى وجعل بينهما مودة ورحمة ليتساكنا ويتعاونا ويحافظا على استمرارية النوع الإنساني . لذلك لابد أن تكون العلاقة بين الرجل والمرأة سواء داخل إطار الزوجية أو خارجها علاقة تكامل وتعاون وتآزر لاعلاقة صراع ومشاكسة، وعلاقة تعاون واحترام لاعلاقة تباغض واحتراب . 6-مركزية الأسرة: حينما نتحدث هنا عن مركزية الأسرة لا نقصد فقط التأكيد على المحافظة على استقرار وتماسك الأسرة باعتبارها الخلية الأساس في المجتمع؛ بل نقصد بالإضافة إلى ذلك كله التأكيد على أهمية مقاربة مشاكل المرأة في إطار الأسرة ومعالجتها في إطار الأسرة . فقد نتج عن تبني نمط الحياة الغربية المعاصرة شيوع الحلول الفئوية والفردية والبحث لكل فئة من فئات المجتمع عن حلول خاصة ومؤسسات خاصة، كل ذلك يجري إعداده الآن ضمن مخططات وسياسات حكومية دون التفكير في تفعيل موروثنا الحضاري الغني بالقيم والمؤسسات التي يمكن أن تسهم في إيجاد حلول أكثر نجاعة لمثل هذه الاختلالات. ومن هذه المؤسسات مؤسسة الأسرة التي يمكن أن تسهم إذا لقيت الدعم والعناية اللازمين في إيجاد حلول ناجعة للكثير من الاختلالات الاجتماعية التي تعيشها مجتمعاتنا الإسلامية اليوم، بما في ذلك الاختلالات على مستوى ما تعيشه المرأة من التهميش والإقصاء . 6 – الاجتهاد والتجديد : والاجتهاد الذي نحتاج إليه اليوم في موضوع تفعيل دور المرأة في المشروع النهضوي الإصلاحي هوا لاجتهاد المقاصدي الذي يستحضر مقاصد الشرع ويربط الأمور بمآلاتها ويميز بين الأدلة التشريعية المؤسسة وبين الأحكام الجزئية التي تعالج وقائع خاصة بأفراد معينين أو حالات معينة . لقد وقع للأسف في تاريخنا الإسلامي خاصة إبان عصور الانحطاط كثير من الظلم على المرأة باسم تطبيق بعض النصوص التي لا يراعى في فهمها سياقاتها ولا مقاصدها، ومازالت بعض الخطابات الإسلامية يسودها الكثير من التشويش والالتباس في هذا الموضوع الاجتهاد الذي نحتاج إليه اليوم في موضوع تفعيل دور المرأة في المشروع النهضوي الإصلاحي هوالاجتهاد المقاصدي الذي يستحضر مقاصد الشرع ويربط الأمور بمآلاتها ويميز بين الأدلة التشريعية المؤسسة وبين الأحكام الجزئية التي تعالج وقائع خاصة بأفراد معينين أو حالات معينة . خلاصات واستنتاجات: 1 على المستوى الفكري والتصوري: لابد من مراجعات فكرية عميقة مبنية على الاجتهاد والتجديد والانفتاح على منظومة حقوق الإنسان الدولية بما لا يتعارض مع الثوابت الدينية والوطنية 2 الانتقال من الخطاب العام إلى تدقيق الخطاب ووضع سياسات عمومية ، وبرامج حكومية في مستوى التحديات ووفق أولويات واضحة تستجيب للرهانات الوطنية 3 تقديم نماذج نسائية مستوعبة للتصور، وفاعلة في الواقع 4 بناء تحالفات وشبكات إقليمية ودولية ، للتعامل مع المنتظم الدولي ،وتصحيح الصورة النمطية التي لديه عن قضايا المرأة في الإسلام والدفاع عن القضايا المشروعة للمرأة 5 الاهتمام بالتربية والتكوين ، عبر إشراك الإعلام فالرهان الحقيقي هو التغيير الثقافي والاجتماعي لتكريس كرامة المرأة وإعادة الاعتبار لأدوارها الاجتماعية والتنموية في مختلف المجالات 6 ، تحفيز النساء على المشاركة في الحياة العامة والسياسية ،و تقوية القدرات النسائية في المجتمع المدني وتشجيع المبادرات وتحفيزها وفق مقاربة تستحضر الأدوار الأسرية التي تقوم بها المرأة 8 الانتباه إلى المتغيرات القيمية التي همت المجتمع ،وأثرت سلبا على موقع المرأة مثل مظاهر التفكك العائلي و النساء المتخلى عنهن وشبكات المتاجرة والاستغلال الجنسي للقاصرات والأطفال 9 الحاجة إلى مراكز البحث ومراصد التتبع للتقييم و الاستشراف في قضايا المرأة و أوضاع الأسرة 10 تشجيع ودعم القدرات النسائية لتدارك الفجوة الواقعة في المجتمع