رئيس كولومبيا يتخبط أمام ترامب    حريق جزئي في بناية 'دار النيابة' التاريخية بطنجة بسبب تماس كهربائي    انفجار نفق بسد المختار السوسي بضواحي تارودانت.. بعد مرور أكثر من 12 ساعة من الحادث لا زال 5 عمال مفقودين    نشرة إنذارية: هبات رياح محليا قوية من 70 إلى 95 كلم/س بعدد من أقاليم الشمال    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الاثنين    تأني الفتح يغلب استعجال الرجاء    نادي الشارقة الإماراتي يعلن تعاقده مع اللاعب المغربي عادل تاعرابت    السنغال تبدأ تنفيذ مشروع أنبوب الغاز الرابط بين المغرب ونيجيريا    العيون تُعلن عاصمة للمجتمع المدني المغربي لسنة 2025    الكاف: أكثر من 90 بلدا سيتابعون قرعة كأس أمم إفريقيا بالمغرب    جريمة تهز وزان: مقتل سيدة وإصابة شقيقتها في اعتداء دموي بالسلاح الأبيض    الشرقاوي حبوب: تفكيك خلية إرهابية بمنطقة حد السوالم يندرج في إطار الجهود المبذولة للتصدي للخطر الإرهابي    الدورة 35 لماراطون مراكش الدولي: العداء الكيني ألفونس كيغين كيبووت والإثيوبية تيرفي تسيغاي يفوزان باللقب    المغرب يحقق سابقة تاريخية في كأس إفريقيا.. معسكرات تدريبية فاخرة لكل منتخب مشارك    وزارة التربية الوطنية تكشف خلاصات لقاءات العمل المشترك مع النقابات التعليمية    إحباط تهريب 200 كيلوغرام من الحشيش بميناء سبتة المحتلة    الملك محمد السادس يهنئ الحاكمة العامة لكومنولث أستراليا بمناسبة العيد الوطني لبلادها    تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية ومرفوضة فلسطينيا وعربيا.. ترامب يقترح ترحيل الفلسطينيين من غزة إلى الدول العربية المجاورة    تراجع للدرهم أمام الأورو.. و4% نمو سنوي في الاحتياطيات    هذه خطة المغرب لتعزيز شراكته الاقتصادية مع الصين وتقليص العجز التجاري    المفوضية الأوروبية: الاتفاقيات الجوية بين المغرب والاتحاد الأوروبي لا تشمل الصحراء    تقرير: المغرب يواجه عام 2025 بتطلعات متفائلة مدعومة بالتعاون الاقتصادي مع الخليج وأوروبا    الشرقاوي: تفكيك الخلية الإرهابية بحد السوالم يندرج في إطار التصدي للخطر الإرهابي    غرق بحار ونجاة أربعة آخرين بعد انقلاب قارب صيد بساحل العرائش    وزارة الصحة تعلن عن الإجراءات الصحية الجديدة لأداء مناسك العمرة    15 قتيلا بنيران إسرائيل بجنوب لبنان    "كاف": الركراكي مطالب بالتتويج    ريدوان وحاتم عمور وجيمس طاقم تنشيط حفل قرعة كأس أمم إفريقيا    بعد نجاحه مع نشيد ريال مدريد.. ريدوان يستعد لإطلاق أغنية خاصة ب"أسود الأطلس"    تفكيك "شبكة حريڭ" باستخدام عقود عمل مزورة    كأس الأمم الإفريقية لكرة القدم: الكشف عن الشعار الرسمي للبطولة    تفشي مرض الحصبة في المغرب.. الوضع يتفاقم والسلطات تتحرك لمواجهة اتساع رقعة انتشاره    وزارة التجهيز والماء تطلق ورشات تشاورية لتثمين الملك العمومي البحري    تدشين وإطلاق عدة مشاريع للتنمية الفلاحية والقروية بإقليم شفشاون    الطماطم المغربية تغزو الأسواق الأوروبية أمام تراجع إسبانيا وهولندا    جمعوية: الكلاب المتخلى عنها الأخطر على المواطنين مقارنة بالضالة    أساتذة "الزنزانة 10" يحتجون بالرباط‬    المغرب حاضر بقوة في المعرض الدولي للسياحة في مدريد    رحلة مؤثر بريطاني شهير اكتشف سحر المغرب وأعلن إسلامه    شبكة صحية تنتقد الفشل في التصدي ل"بوحمرون" وتدعو لإعلان حالة طوارئ صحية    المحكمة الكورية ترفض طلب تمديد اعتقال الرئيس المعزول    الجزائر تتجه نحو "القطيعة" مع الفرنسية.. مشروع قانون لإلغائها من الجريدة الرسمية    الصين: ارتفاع الإيرادات المالية بنسبة 1,3 بالمائة في 2024    أخنوش أصبح يتحرك في المجالات الملكية مستبقا انتخابات 2026.. (صور)    معرض القاهرة الدولي للكتاب .. حضور وازن للشاعر والإعلامي المغربي سعيد كوبريت في أمسية شعرية دولية    لقاء ينبش في ذاكرة ابن الموقت    الولايات المتحدة.. طائرات عسكرية لنقل المهاجرين المرحلين    الخارجية الأمريكية تقرر حظر رفع علم المثليين في السفارات والمباني الحكومية    القنصلية العامة للمملكة بمدريد تحتفل برأس السنة الامازيغية    هوية بصرية جديدة و برنامج ثقافي و فني لشهر فبراير 2025    وزارة الصحة تعلن عن الإجراءات الصحية الجديدة لأداء مناسك العمرة    من العروي إلى مصر :كتاب "العناد" في معرض القاهرة الدولي    فعاليات فنية وثقافية في بني عمارت تحتفل بمناسبة السنة الأمازيغية 2975    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصحافة في أسبوع
نشر في التجديد يوم 06 - 01 - 2003

هكذا تحاملت "لونوفيل أوبسرفاتور" ..تدعي أن المسلمين في فرنسا مختلفون لدرجة الشقاق
يبدو أن انتشار الإسلام في أوروبا وتحقيق المسلمين لمكاسب عظيمة، وتقدمهم الحثيث تجاه احتلال المواقع شيئا فشيئا، أغاظ بعض الجهات المغرضة التي تكن للإسلام والمسلمين العداوة والبغضاء، وخصوصا في فرنسا. لذلك لا تدخر هذه الجهات أية وسيلة من شأنها التشويش على الصورة الحقيقة للإسلام والمسلمين، وتسعى كلما أتيح لها ذلك إلى بث التفرقة بين المسلمين وتحريض بعضهم على بعض. ولا ينكر عاقل وجود اختلافات بين المسلمين والحركات الإسلامية، مثلما كل البشر والتنظيمات، ولكنها ليست أبدا بالصورة التي تصورها بها بعض المنابر الإعلامية الأوروبية. في هذا العدد، نقدم للقارئ الكريم ترجمة لملف أعدته أسبوعية "لونوفيل أوبسرفاتور" الفرنسية، وهو لا يخرج عن نطاق التهويل والتضخيم للاختلافات الموجودة بين الحركات والمذاهب الإسلامية وبين المسلمين في فرنسا على وجه الخصوص.
أفردت أسبوعية "لونوفيل أبسيرفاتور" الباريسية ملفا خاصا عن اللإسلام والمسلمين في فرنسا، خصوصا بعد قرار إنشاء "المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية"، الذي سيعمل على تمثيل مسلمي فرنسا بمختلف انتماءاتهم القومية والجمعوية لدى الدوائر الفرنسية.
وتعتبر "لونوفيل أبسيرفاتور" أن مسلمي فرنسا رغم كونهم أقلية، لهم وزنهم الذي يزداد قوة أكثر فأكثر. ومسلمو فرنسا حسب المجلة المنتمون إلى جماعات مختلفة ومتنافرة أحيانا:السلفيون، الأحباش، الإخوان المسلمون، الدعوة والتبليغ؛ هم متفرقون غير متسامحين، وعنيفون في غالب الأحيان. وكل فرقة منهم تعمل على فرض فهمها المتطرف للإسلام على الجميع.
وفي الوقت الذي يتم فيه إنشاء ولأول مرة في فرنسا هيئة تتولى تمثيلية المسلمين في هذا البلد، فإن التحدي الإسلامي المتطرف يزداد إزعاجه لدرجة أن الإسلاميين المعتدلين الذين يمثلون الأغلبية الكبيرة قد اختاروا الخروج للمواجهة مع هؤلاء.
يقول أحد مرتادي مسجد السلام في "أرجانتوي":3 هكذا تكون النتيجة عندما نقبل بالمتطرفين في مسجدنا، هؤلاء الناس لا علاقة لهم بالإسلام، إنهم يسيؤون إليه أكثر مما يحسنون. يجب طردهم من هنا".
التوتر يسود في مسجد السلام في "أرجانتوي". ويمكن القول إن الأمور ليست على مايرام. يومية "لوباريزيان" وصفت هذا المسجد بأنه الأكثر خضوعا لمراقبة مصالح مكافحة الإرهاب. في مدخل قاعة الصلاة يجتمع المؤمنون ليعلقوا على الأحداث وهم غاضبون، ويحتجون على مقارنتهم ب "القاعدة". يقول عبد المجيد: "السبب يعود إلى هؤلاء السلفيين، منذ أن أصبحوا يصلون هنا ونحن نعيش على إيقاع المشاكل". ويقول كريم : "لقد حذرت المسؤولين عن المسجد غير ما مرة من بعض التصرفات التي قد تفهم خطأ". كريم يعني بقوله هذا سفر بعض شباب المسجد منذ مدة إلى اليمن لتعلم اللغة العربية، واعتقالهم بعد عودتهم مباشرة. يقول كريم موضحا: "ما الفائدة من الذهاب إلى الشرق الأوسط في الوقت الذي نتوفر فيه هنا على أساتذة ممتازين في اللغة وفي الدين؟ حتى وإن لم يكن لهؤلاء الشباب علاقة بالإرهاب، فإنه لم يكن عليهم أن يعطوا الفرصة للشرطة وللصحافة حتى تغذي حملاتها ضد الإسلام".
السلفيون، وبعد أن أصبحت تشير إليهم الأصابع لم يعد أمامهم إلا أن يلتزموا الهدوء والانضباط. "لقد عاد زمن الفتنة". لم يعد من الأليق التموقع دائما في موقع الصدام مع الغرب. فبعد أحداث 11 شتنبر2001 اصبح خطاب الإسلاميين أكثر اعتدالا. والبعض أصبح يهتم بتنظيف باب بيته قبل إلقاء كل المسؤوليات على الغرب. وعليه فالنقاشات أصبحت أكثر حدة بين الفرقاء الإسلاميين بعد أن نسوا الغرب وأخذوا يهتمون بأنفسهم، بل إن النقاشات أخذت تتسم أحيانا بالعنف. وأصبحت الموضة هي تبادل الانتقادات والتراشق بالتهم والسباب بين مختلف الزعماء والفصائل الإسلامية، البعض أصبح عدوانيا والتكفيرأصبح على كل لسان.
ومع ذلك فإن الإسلاميين بمختلف فصائلهم لا يمثلون إلا أقلية جد صغيرة. فأغلبية مسلمي فرنسا لا يرتادون المساجد، وهم غير متدينين. والآخرون؛ أقل من عشرة في المائة متدينون تدينا بسيطا وتقليديا. ولكن الإسلاميين والأصوليين هم الذين يطبعون النقاش بطابعهم رغم أنهم ليسوا إلا بضعة آلاف في فرنسا ومتفرقون بين فرق متنافرة ومتنازعة. غير أن نشاطهم الكثيف يبقى مقلقا. فما العمل في مواجهة تجاوزاتهم التي تضخمها وسائل الإعلام كثيرا؟ الأغلبية الصامتة للمسلمين في فرنسا قررت أن لا تبقى صامتة دائما. وإن اضطرها الأمر إلى فضح عوامل التفرقة أمام الملإ. إسلام ضد إسلام إذن. لقد انطلقت حرب المساجد في فرنسا.
1) التحدي السلفي
داخل الأسرة السلفية في فرنسا تعتبر الوهابية هي التيار الأكثر تجذرا، مستفيدا من ارتباطه بالنظام السعودي. ويأخذ الإسلاميون المعتدلون على التيار الوهابي تغذيته لحمى الإرهاب. فعلى الرغم من كون الأغلبية الساحقة من السلفيين هي ضد العنف، فإن زعماء الحرب على الإرهاب يعتبرون أن الأجيال المقبلة من النشطين المتطرفين سوف تخرج حتما من صفوف هذا التيار.
ولقد انتشر السلفيون في فرنسا بكثرة خلال السنتين الأخيرتين وهم في غالبهم شباب في العشرينات. يصلون في غالب الأحيان مع بعضهم في جماعات صغيرة من حوالي عشرة أفراد، ويتحاشون الاختلاط مع المسلمين الآخرين. ولكنهم لا يستطيعون أن يمنعوا أنفسهم من إسداء نصائحهم وفتاواهم للآخرين. وهو الأمر الذي يتسبب في الكثير من الاحتكاكات داخل المساجد التي يرتادونها. يقول عبد الحميد :"إنهم يدعون القدرة على تعليمنا ديننا، ويريدون إرغامنا على ارتداء ملابس معينة، وأن نسجد بشكل معين ومدقق، ويعلموننا كيف نقبض بأيدينا على صدورنا وكيفية وضع الأرجل ومدى الطول الذي يجب أن تكون عليه اللحية..إلى غير ذلك من التفاصيل الدقيقة".
هناك داخل المساجد هوة أخرى يزداد رتقها اتساعا يوما عن يوم: إنها الهوة بين الأجيال؛ فمن جهة هناك "الشيبانيون" وهم مهاجرو الجيل الأول، ومن جهة أخرى هناك السلفيون الشباب الذين يريدون تغيير كل شئ بضغطة على زر. وأمام هؤلاء الشيوخ أو"الشيبانيين" كما يسمونهم، والذين لا يعرف أغلبهم القراءة ولا الكتابة، فإن السلفيين الذين يتسمون ببعض الغرور يريدون فرض فهمهم لبعض الأمور الفقهية الخلافية ويتشبثون بها. وهي في الغالب تنبني على قراءة متسرعة للقرآن ولبعض الكتب الدينية لقدامى العلماء.
إنهم في البداية يحظون باهتمام المومنين، ولكن سرعان ما يلفظهم هؤلاء بسبب مبالغتهم في التركيز على دقائق الأمور المختلف فيها. فكل رِؤاهم وتصورهم للحياة يتوقف على تقابل الحلال والحرام في فهمهم: هل رائحة عطر "الفانيلا" حلال أم حرام؟ هل يمكنني الأكل في محلات الاكلات السريعة؟ هل يجوز أكل الطعام وأنا راكب في الطائرة؟ هل جميع أنواع الأجبان حلال؟ ومن أجل فرض تصورهم الماضوي للإسلام, فإن منهم من حاول السيطرة بكل الوسائل على إدارة بعض المساجد. وطريقتهم في التغلغل جد بسيطة: إنهم يقدمون أنفسهم على أنهم المؤمنون الحقيقيون الوحيدون الذين يحترمون تعاليم القرآن والسنة، ويطالبون الآخرين باتباع اوامرهم. هكذا بكل بساطة.
2 - الأحباش
وعلى رأس الجبهة المضادة للسلفيين توجد جمعية " مشاريع أعمال الخير الإسلامية بفرنسا" المعروفة أكثر باسم "الأحباش". هذه الجمعية شنت منذ مدة حملة واسعة ضد السلفيين الوهابيين على الخصوص. تأسست هذه الجماعة أولا في لبنان على يد الشيخ "الهراري" الذي تعود أصوله إلى إريتيريا. وتستمد هده الحركة مرجعيتها من طائفة صوفية مرتبطة بالطريقة الرفاعية في دمشق. وسرعان ما تحولت في فرنسا كما يلاحظ أحد رجال الشرطة الفرنسيين وذلك بدعم من سوريا، إلى " آلة حرب حقيقية ضد الوهابيين".
وأحد الوجوه الإعلامية المعروفة للحركة الحبشية في فرنسا، ليس إلا عبد الصمد الموساوي، شقيق زكرياء الموساوي المعتقل في أمريكا بتهمة المشاركة في التخطيط لهجوم 11 شتنبر 2001. عبد الصمد الموساوي هذا كتب مؤخرا كتابا يروي قصة أخيه زكرياء، ويورطه في أحداث 11 شتنبر، رغم أنه لا يوجد لحد الآن أي دليل على تورط زكرياء. وهو بالخصوص يصفي في كتابه هذا حسابه مع الحركة الوهابية.
حركة الأحباش هذه، التي يقودها في فرنسا وليد الدبوز، لا تحارب فقط الوهابيين، وإن كانت تضعهم على رأس لائحة أعدائها قبل رجال التبليغ، و"الإخوان المسلمون"، وغيرهم من الحركات الإسلامية.
وعلى خلاف الحركات الأخرى تجد هذه الحركة كل التسهيلات. وهي تنظم مؤتمراتها ومهرجاناتها واحتفالاتها في أفخم القاعات وبوسائل ضخمة.
3 التبليغ و"الإخوان المسلمون"
هاتان الجماعتان، مع أنهما من أقدم وأكبر الجماعات الدعوية الإسلامية، لم تسلما أيضا من الاتهامات والقذف وسط هذه الحمى التي تطبع صراعات جماعات الإسلام في فرنسا.
الدعوة والتبليغ، التي هي حركة دعوية يتصف أتباعها بسمت التقوى والورع، وتتجنب الخوض في أمور السياسة، أسسها شيخ هندي في سنة 1920، وهي أقدم الحركات الإسلامية في فرنسا، حيث يعود أول ظهور لها في فترة السبعينات من القرن الماضي، ولا يسلم التبليغيون من هجمات الوهابيين، ولا من هجمات الأحباش. فالسلفيون يأخذون على التبليغيين خمولهم وخصوصا جهلهم، يقول أحد هؤلاء واسمه حميد: « ليست لهم أية مدرسة معتمدة ولا أي عالم أو شيخ معتبر، إنهم يتركون المسلمين يعيشون في جهل تام بالنصوص الشرعية.» أما وليد دبوز رئيس طائفة الأحباش في فرنسا، فيعتبر أن : « جزءا من التبليغيين قد اخترقوا من طرف الوهابيين».
ومن بين الأهداف المفضلة لانتقادات السلفيين، هناك حركة "الإخوان المسلمون" المتجذرة جدا في فرنسا عن طريق "اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا". وكذلك فإن هذه الحركة هدف يوجه له القذف والاتهام من طرف الأحباش، وبعض الحركات الإسلامية، فهم يعتبرونهم مبتدعة من عدة أوجه: فحسب السلفيين لا يجوز للمسلمين الاشتغال بالسياسة، خصوصا في بلد كفر. أما الأحباش فيشجبون لدى الإخوان استمرا ر تعلقهم بقادتهم المتطرفين، مثل سيد قطب، الذي يعتبرونه أب "التكفير والهجرة". أما المعتدلون، فيعتبرون أن إسلام الإخوان بعيد عن المشاغل الآنية والحقيقية لمسلمي فرنسا. فعلى حد قول أحد أعضاء جمعية إسلامية عاملة في فرنسا، فإن "الإخون" : «ينشرون فهما متجاوزا للإسلام، لا يتطابق مع أسلوب حياتنا في فرنسا».
4 هدف آخر.. المتصوفة والطرقيون
حركة أخرى تنال حظا وافرا من تهجمات المتطرفين: الصوفية، التي تعتبر عادة طائفة مسالمة وهادئة. تعتبر من جهة أخرى هدفا مفضلا للسلفيين الذين يعتبرونها طائفة بدعية مهرطقة. ويقارنونها ب: « بحر آسن متعفن ورث معتقدات قديمة هي خليط من الوثنية والشرك». ويمكن القول إن التيارين ليس لهما ما يجمعهما أو حتى ما يقولانه لبعضهما. فالحوار غير ممكن بينهما.
ومع ذلك فمنذ أحداث 11 شتنبر 2001، والوهابيون يحاولون الاقتراب من الصوفية. إن الأمر يتعلق بالنسبة لهم بتفادي العزلة التي يمكن أن تحاصرهم داخلها تداعيات 11 شتنبر. يقول أحد مفكري المتصوفة في باريس : « إنني أعتقد أن كل هذا ما هو إلا تقرب تكتيكي. فالوهابيون يعرفون أن التصوف ليس موضع أي اتهام من الغرب، وأن التقرب منه في هذه المرحلة سوف يساهم في إبعاد شبح الاتهام عنهم».
5 الشيعة
لا يطرح الشيعة في الواقع أي مشكل في فرنسا، فهم أقلية مقارنة مع السنة ( 2% فقط من مسلمي فرنسا و9% من بين مسلمي العالم). وهم في فرنسا يفضلون عدم الظهور. إنهم يتخوفون من إخوانهم السنة ويحاذرونهم. شعارهم المتداول بينهم : « إذا كنت شيعيا فلا تقل لأحد. وإذا كنت سنيا فأعلنها أمام الملأ».
في إحدى مقاهي باريس، حيث تختلط رائحة البخور برائحة «النرجيلة» (الشيشة) والتي يديرها أحد الأبطال الرياضيين السابقين، يمكن الالتقاء بشبان شيعيين. يقول أحدهم، واسمه مراد: « إنني أتجنب انتقاد المسلمين الآخرين، فهذا يكون مدعاة للهجوم على الإسلام». ولكن بعد إلحاحنا قبل مراد أن يعلن عن أعدائه: في الصف الأول ودون تردد، السلفيون. يقول : « إنهم التيار الأكثر خطورة، لأنه يجمع بين المال والأعمال وسياسة أمراء السعودية». مراد وأصدقاؤه حانقون على العلماء الرسميين في السعودية، لأن هؤلاء نددوا بمقاطعة البضائع الأمريكية بدعوى أن هذا غير موجود في نصوص السنة. ويأخذون عليهم كذلك كونهم لا يعتبرون الاستشهاديين الفلسطينيين شهداء. ولا ينسى مراد وأصدقاؤه التأكيد على أن إيران هي البلد الإسلامي الوحيد الذي ليست له علاقات لا مع "إسرائيل" ولا مع الولايات المتحدة الأمريكية. ويعتبرون كالسلفيين: « المسلمين الأكثر بلادة وتحجرا، وهم يمضون وقتهم في تفريق وتشتيت الأمة، ولكونهم يرون البدعة والكفر في كل شيء».
6) الجزائريون، المغاربة، التونسيون
وتنضاف إلى التفرقة المفاهيمية والعقدية تفرقة أخرى تتعلق بالأصول القومية للمسلمين بفرنسا: جزائريون، مغاربة، تونسيون، أتراك... كل طائفة لها مسجدها. وفي حرب المساجد هذه يتم اللجوء لكل الأسلحة من أجل زعزعة الخصم.
وليست السلطة والمال فقط هي التي تؤجج الصراعات بين المؤمنين، فهناك العنصرية كذلك، نعم العنصرية. يقول "مامادودافي" وهو إما إفريقي في أحد مساجد تولوز: «يرفض أحيانا المسلمون المغاربيون الصلاة ورائي» ويعلق الباحث "كابا سوري" على ذلك بقوله: «إن ذاكرة المسلمين لا زالت بيضاء كثيرا».. لقد سبوا أصحاب الرسول (صلى الله عليه وسلم) الذين كانوا سودا ومنهم بلال» وهكذا أصبحت الصلاة جماعة لا يؤمها إلا من كان جزائريا أو مغربيا أو تونسيا أو تركيا. لقد نسوا أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) كان يريد نشر دين لا اعتبار فيه للأصول العرقية ولا القومية من أجل تكوين أمة الإسلام.
والمسلمون يعرفون أن عليهم وحدهم الاعتراف باختلافاتهم واستنباط النتائج من ذلك من أجل توضيح علاقاتهم ببعض، ومعرفة ما يجمعهم.
فكيف سيتمكن مسلموا فرنسا من التوحد على كلمة واحدة وعلى هيئة واحدة تتكلم باسمهم في بلد فولتير؟
إعداد إبراهيم الخشباني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.