وصف الداعية الإسلامي الدكتور عبد الرحمن البوكيلي التأطير الديني في القرى المغربية بأنه موضوع «كبير ومؤرق» والحاجة تشتد إليه يوما عن يوم، وأشار البوكيلي في حديث مع «التجديد» إلى أن الإقبال اليوم على الدين «كبير» سواء في المدن أو القرى، لكن بالمقابل هناك ضعف «أكبر» من حيث تأطير هذه الجموع المقبلة على التدين سواء من الرجال والنساء والشباب والشابات والأميين والمثقفين. ولفت البوكيلي إلى الجهود التي تبذل سواء من قبل الهيئات الرسمية أي المجالس العلمية التي تحرص على التأطير والتكوين والنزول إلى البوادي والحضور في المدن، إلى جانب جهود الإعلام « المعتبرة» وكذا دور المسجد الكبير في البوادي والمدن، معتبرا أن ذلك جزءا من الفاعلية الجديدة التي بدأت تشهدها هذه المنابر والمؤسسات، مضيفا أن هناك جهودا فردية معتبرة من الدعاة والعلماء الذين يحرصون على الدعوة إلى الله ثم اجتهادات الجمعيات ذات البعد التربوي في خدمة البوادي والمدن. ورغم هذه الجهود الرسمية والشعبية، الفردية والجماعية، فإن الحاجة إلى التأطير الديني لسكان القرى تبقى واقعا ويبقى النقص حاصلا باعتراف الجميع على حد تعبير الدكتور البوكيلي. ويضيف « إذا كانت المدن تشهد نوعا من الضعف فإن البوادي تشهد ضعفا أكبر وخصاصا مريعا لأسباب مختلفة بعضها موضوعي» فالجهود الرسمية، كما يقول الداعية، تبقى وحدها قاصرة وبالتالي فالحاجة ماسة إلى «العمل المدني الراشد العاقل». ويقول البوكيلي إن من الأسباب الموضوعية لهذا الوضع بُعد القرى وضعف الوسائل اللوجيستيكية وهذه أسباب تلقي بظلالها بقوة على النقص الحاصل في تأطير ساكنة العالم القروي روحيا. ولتعزيز وتقوية العمل التربوي والمسجدي والرفع من المستوى التعبدي لسكان القرى، يقترح البوكيلي عددا من المداخل من أهمها تكوين الأطر أي تكوين الأئمة والخطباء والقيمين الدينيين الذي يشتغلون في البوادي، فإلى جانب الاهتمام بوضعهم المادي الذي هو أمر ضروري ومهم ومطلوب ينبغي العناية بالجانب التربوي وجانب المهارات في حياتهم والرفع من مستوى الخطاب ليكون مستوعبا للبادية ولعموم الناس على مختلف مشاربهم. المدخل الثاني المباشر هو الإعلام وخاصة السمعي بالدرجة الأولى ثم البصري، ويسجل البوكيلي وهو ضيف البرنامج المباشر«الدين والحياة» في إذاعة مكناس، التجاوب الكبير لساكنة القرى والبوادي مع البرامج الدينية وتفاعلهم معها. ومن المداخل المهمة التي يقترحها البوكيلي برمجة دروس وملتقيات في البادية ويقول «لقد جربت ذلك بنفسي إذ نزلت للعمل بالبادية ويشهد الله كم يثمر هذا العمل وكم يحصل من التفاعل معه»، من جهة أخرى يؤكد البوكيلي على أهمية أن تنظم الهيئات المعنية مثل المجالس العلمية والجمعيات وغيرها قوافل للبوادي وينزل الدعاة والداعيات فيها ليلقوا دروسا وعظية وتعليمية. وحول الأولويات التي ينبغي على المؤطرين الدينيين التركيز عليها في عملهم في البوادي، يقول البوكيلي إن أولها تعزيز محبة الدين قائلا « لم أبدأ من العقيدة خاصة وأن عددا كثيرا من الذين يذهبون إلى البادية يبدأون بمظاهر شركية معينة وسرعان ما يتفرق الناس من حولهم، لذلك ينبغي أن يركز المؤطر الديني والداعية على محبة الله ورسوله وربط ذلك بالتعبد وبالجانب العملي»، وإلى جانب ذلك تعزيز الأخلاق الإسلامية في البادية وعلى رأسها الأخوة في الله والتحابب في الله والتعاون على البر والتقوى ومخالفة العصبيات التي تثير بينهم العداوة والبغضاء والشنآن، ويضيف إلى هذه الأولويات تعزيز التوسل الى الله عز وجل بالدعاء لقضاء الحوائج، وكذا تعزيز العلاقات الأسرية والرحمة في العلاقة بين الزوجين والإحسان إلى الأبناء والوالدين.