في خطوة لقطع دابر الشائعات الإعلامية، نفت الرئاسة المصرية، أول أمس، صحة ما كشفته صحيفة صهيونية من أن مكتب رئيس وزراء كيان الاحتلال بنيامين نتنياهو وجّه، في الآونة الأخيرة، رسالة حادة اللهجة الى القاهرة عبر البيت الأبيض، كي تسحب فوراً الدبابات التي أدخلتها إلى منطقة شمال سيناء بهدف مكافحة الخلايا الإرهابية. وأكد المتحدث باسم الرئاسة المصرية ياسر علي، أنه لم ترد أي خطابات رسمية أو اتصالات من “إسرائيل"، تطالب بضرورة عودة الأسلحة الثقيلة المنتشرة على الحدود إلى ثكناتها مرة أخرى بعد انتهاء العملية “نسر". وقال علي في تصريح صحفي خاص إن ما نشرته جريدة “معاريف" الصهيونية حول قيام “تل أبيب" بإرسال رسالة شديدة اللهجة لمصر، تحثها فيها على ضرورة إخراج الدبابات، التي لم يتم التنسيق معها على إدخالها من سيناء، مجرد كلام صحافي لم يصدر به أي موقف رسمي. وأضاف أن “الأمر حتى الآن مجرد تقارير صحافية بعيدة عن الموقف الرسمي ولا يحتاج إلى أي تعقيب أو تعليق"،وفق ما نقلت عنه "وكالة أنباء الشرق الأوسط" الرسمية. وأكد أن الرئيس محمد مرسي، شدد مراراً وتكراراً على أن مصر لا تستأذن أحدا للقيام بأعمال من شأنها الحفاظ على أمن مصر القومي أو الدفاع عن أراضيها ضد أي عناصر مخربة سواء داخلية أو خارجية. وكانت «معاريف» العبرية كشفت عن أن «إسرائيل» طالبت بأن تتوقف مصر عن إدخال قوات عسكرية دون تنسيق مسبق معها، لأن ذلك يعدّ خرقاً خطيراً لاتفاق السلام بين الدولتين. وأوضحت الصحيفة أن التدخل الأمريكي كان مطلوباً بعد أن تضرر التنسيق الوثيق بين جهازي استخبارات الكيان ومصر وبين الجيشين في الفترة الأخيرة. ونقلت «معاريف» عن مصدر صهيوني وصفته بأنه رفيع المستوى قوله، إن «ما يشغل بال إسرائيل الدبابات المصرية الموجودة في شمال سيناء، وهذا خرق فظ لاتفاق السلام». وأضافت أن تل أبيب تخشى كذلك من أن تتخاذل السلطات المصرية في إعادة السيطرة الأمنية في سيناء، وأن يكون نشاطها ضد الخلايا الإرهابية بحجمٍ محدود فقط. كذلك يتخوف المسؤولون في الكيان من أن يُبقي المصريون قوات المدرعات في سيناء دون قيد زمني، الأمر الذي قد يؤدي إلى تغيير اتفاق السلام بحكم الأمر الواقع. على الرغم من هذه المحاذير، لفتت «معاريف» إلى أن المسألة في سيناء تتصل بوضع مركب، و»إسرائيل» تفهم جيداً أن الصراع الذي يديره الجيش المصري في سيناء ضد الخلايا الإرهابية يخدم المصلحة «الإسرائيلية» أيضاً. أمريكا.. على الخط لكن، وبما أن قادة الكيان باتوا يشعرون بأن خطوط الاتصال المباشر مع النظام المصري الجديد قد قطعت بشكل غير مسبوق كما كان الأمر في السابق، فقد حاولت إدارة باراك أوباما تقمص دور «ساعي البريد» ولعب دور الوسيط الوفي، حيث أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، أول أمس، أن الولاياتالمتحدة تدعم مصر التي نشرت في سيناء تعزيزات عسكرية للتصدي للبؤر الإرهابية، إلا أنها شددت على ضرورة تنسيق القاهرة مع «إسرائيل» واحترام اتفاقية السلام الإسرائيلية المصرية الموقعة عام 1979. ونقلت وكالة «فرانس برس» عن المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند قولها: «ندعم جهود المصريين الذين يعملون جاهدين لدحر الإرهاب والقضاء على تهديدات أمنية أخرى في سيناء». وأضافت «نشجعهم في الجهود التي يبذلونها ليس فقط من أجل تحسين الأمن في مصر ولكن أيضا من أجل مصلحة جيرانهم. نحثهم على مواصلة التنسيق واحترام بنود معاهدة السلام» مع إسرائيل». وأوضحت المتحدثة الأمريكية أن «الولاياتالمتحدة تحدثت بالتأكيد مع الإسرائيليين» في هذا الملف: «يريدون أمنا أفضل في سيناء ولكن من خلال احترام بنود معاهدة السلام مع مصر». «إسرائيل».. تخبط وخشية في موازاة ذلك، ذكرت تقارير إعلامية صهيونية أن النظام المصري الجديد ينشر معلومات في الصحافة المصرية، كجزء من عملية اختبار للطرف الصهيوني، حول إدخال دبابات وطائرات حربية إلى سيناء، بالرغم من عدم الحاجة إليها في مكافحة الإرهاب، بهدف تعويد «إسرائيل» هذا الواقع. وأضافت التقارير أنه عندما ستطلب الحكومة المصرية الجديدة فتح الملحق العسكري لاتفاقية السلام لإدخال منظومات أسلحة جديدة سيكون ذلك أمراً بديهياً. وبحسب صحيفة «الأخبار» اللبنانية، فإنه، ووفقاً لهذه التقارير، فإن «إسرائيل» تتابع بحرص وقلق شديدين المؤشرات المصرية. فمن جهة، يشكل تقويض الملحق العسكري إنتاجاً لسابقة لن يتم التراجع عنها. ومن جهة ثانية، يوجد ل»إسرائيل» مصلحة بارزة في أن تعمل بنجاعة في مواجهة الإرهاب في سيناء. والأمر الأهم هو عدم الدخول في مواجهة مع المصريين لا طائل منها، بهدف تجنب إمكانية تفجير ما تبقى من علاقات بين البلدين. ومن هنا كانت الموافقة الصهيونية، قبل حوالى أسبوعين، على طلب مصري بإدخال دبابات إلى منطقة شمال سيناء، في أعقاب تخبّط ساد القيادة «الإسرائيلية». والأمر نفسه ساد إزاء الطلب المصري بإدخال مروحيات هجومية إلى سيناء. وبينما عارضت المؤسسة الأمنية إدخال دبابات، تحفظ مكتب رئيس الوزراء الصهيوني على المروحيات. وفي نهاية الأمر، أوصى وزير الدفاع، إيهود باراك، بالسماح للمصريين بإدخال المروحيات والدبابات. وأضافت «الأخبار»، استنادا إلى تلك التقارير الإعلامية الصهيونية، أنه فيما لا يوجد في الكيان خشية من أن المصريين على وشك خرق اتفاقية السلام، على الأقل في المدى المنظور، والاستعداد للحرب ضد «إسرائيل» انطلاقاً من سيناء، بات من الواضح أن السياسة «الإسرائيلية» تجاه النشاط المصري في سيناء مرنة جداً. كذلك فإن «إسرائيل» الرسمية لا تجرؤ على القول علناً كلمة واحدة ضد الخروقات المصرية، إذ إن كل يوم يمر في ظل اتفاق السلام بين البلدين، يسمح للكيان بالاستعداد لأي تحول على هذه الجبهة في المستقبل. لكن ذلك لا يحجب حقيقة أن «إسرائيل» ستضطر في مرحلة معينة إلى التوضيح للمصريين أين تمر خطوطها الحمراء، بدون أن تفجر ما تبقى من اتفاقية السلام مع مصر. أما على الجانب المصري، فيبدو أن السلطات حريصة على خطب ودّ القبائل الموجودة في سيناء. وأجرى الرئيس المصري محمد مرسي، أول أمس، اتصالاً هاتفياً بالشيخ عبد الله جهامه، رئيس جمعية مجاهدي سيناء ورئيس مجلس قبائل وسط سيناء، تخلله تأكيد مرسي أن سيناء في القلب، وأن الأمن والاستقرار سيعودان مرة أخرى إلى سيناء بفضل تعاون مشايخ سيناء وعقلائها وأبنائها، لبدء دوران عجلة التنمية على أرضها، وفق ما ذكرت «وكالة أنباء الشرق الأوسط» الرسمية. وجاء الاتصال بعد يوم من زيارة وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي للمنطقة ولقائه شيوخ القبائل. وكان لافتاً ما تخلله الاجتماع من إعلان السيسي تخصيص مليار جنيه لتنمية سيناء، إضافة إلى حفر 50 بئراً في مختلف المناطق، وإنشاء خمس محطات لتحلية مياه الشرب ستنفّذ خلال 20 يوماً.