تابعت إسرائيل الرسمية والشعبية ووسائل إعلامها التغييرات التي أجراها الرئيس المصري محمد مرسي بترقب وقلق شديدين. ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مصادر رسمية في إسرائيل قولها "إن خطوة مرسي بإحالة المشير طنطاوي وسامي عنان للتقاعد تعتبر تطورا جادا ولم نتوقع خطوة مفاجئة من هذا العيار في مصر ولا بد من تعقب الأمور لنرى إلى أين تؤدي". وذهب أحد المسؤولين الإسرائيليين إلى أكثر من هذا بقوله "إنه في حال عدم تنسيق القيادات الجديدة للجيش المصري مع إسرائيل فهذا قد يضطرها للتدخل في سيناء تجاه أي شيء يمكن أن يهددها"، بحسب ما نقل موقع القناة العاشرة. أما المحللون السياسيون في إسرائيل فاعتبروا التغييرات التي أجراها الرئيس المصري على قيادات الجيش "ضربة في الرأس" لإسرائيل والولاياتالمتحدة، وأثاروا تخوفات مما يمكن أن يحمله المستقبل. وتطرق عدد منهم إلى وجه الشبه بين التغييرات التي أحدثها رئيس الوزراء التركي طيب رجب أردوغان بانتزاعه صلاحيات الجيش التركي وحصر دوره بالدفاع عن الدولة، وبين ما قام به الرئيس مرسي في مصر، مع الإشارة إلى أن ما فعله النظام الإسلامي في تركيا خلال خمس سنوات تمكن مرسي من فعله في بداية طريقه، وكان قاطعا كالسيف مما يزيد من المخاوف الإسرائيلية. وتخوف عدد من الكتاب مما يمكن أن يحمله الوضع في سيناء ومن احتمال تواجد أكبر للجيش المصري بدون إذن إسرائيلي، الأمر الذي اعتبروه خرقا لاتفاقية السلام ومما سيصعب من العمليات الإسرائيلية في غزة. وتساءل بعضهم مع من سنتصل بعد اليوم في مصر؟ في إشارة لفقدان إسرائيل أبرز أصدقائها في ضربات موجعة متتالية. البحث عن طريقة للاتصال بمرسي وعلى ضوء التطورات نقل موقع "يديعوت احرونوت" اقتراح النائب في الكنيست الإسرائيلي يسرائيل حسون الذي كان له باع في القضايا ذات الصلة بمصر، جاء فيه "أعتقد أن علينا البحث عن السبيل لمخاطبة مرسي. على دولة إسرائيل أن تتحدث مع رئيس الدولة هناك بذكاء وبلطف. في الأيام القليلة القادمة قد نعرف كيف ستترجم الأمور هناك". أما الكاتب رون بن يشاي، فقال في مقال نشره في موقع "واينيت" "إن الرئيس مرسي استغل المذبحة التي حدثت في سيناء وهزت دولته، لتقليص تأثير الجيش وتعميق سيطرة الإخوان المسلمين في الدولة، وأطاح بطنطاوي وعنان بالضربة القاضية، خاصة بعد عدم إبداء رد فعل منهما على الإطاحة برئيس جهاز الاستخبارات مراد موافي، محققا ما احتاج من أردوغان خمس سنوات لتحقيقه في تركيا". واعتبر الكاتب التطورات في مصر "أخبارا سيئة، بل سيئة جدا لإسرائيل وكذلك للولايات المتحدةالأمريكية، اللتين ارتكزت علاقتيهما مع مصر في عهد الرئيس السابق حسني مبارك بالأساس على التواصل مع الجيش وجهاز المخابرات المصري". ويرى الكاتب أن "طنطاوي لم يكن صديقا حميما لإسرائيل، لكنه أيضا لم يكن عدوا مثل الإخوان المسلمين، في حين كان رئيس جهاز الأركان سامي عنان معروفا بعلاقاته المتينة مع إسرائيل. والإطاحة بكليهما هي بشرى غير سارة على المدى البعيد لإسرائيل، لأنها لا تقتصر فقط على إنهاء دور شخصين لهما موقف جيد من اتفاقية السلام والعلاقات مع الولاياتالمتحدة، ولكنها مؤشر على ازدياد قوة الإخوان المسلمين على حساب الجيش العلماني، تماما مثلما هو الوضع في تركيا". وكتب يارون فريدمان في نفس الموقع يقول: "الآن في ظل ازدياد قوة الإخوان المسلمين في النظام المصري، يتوجب على إسرائيل أن تتابع بيقظة قيام مصر بإدخال قوات عسكرية هائلة إلى سيناء. في حال بقيت هذه القوات متواجدة بشكل ثابت في سيناء، فإن هذا الأمر يشكل خرقا واضحا لاتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل. ووجود قوات مصرية على مقربة من غزة من شأنها المس بقدرات عمليات الجيش الإسرائيلي ضد حماس في القطاع". فقدان المعارف القديمة وتحت عنوان: "إسرائيل مستمرة بفقدان معارفها القدماء"، كتب بوعاز بيسموط في صحيفة "يسرائيل هيوم"، مشيرا إلى أن التطورات التي تشهدها مصر كانت متوقعة "لكن السرعة التي تحدث فيها الأمور مخيفة جدا. وماذا عن معاهدة السلام مع إسرائيل؟ أولا فقدت مبارك والآن فقدت الجيش. كل ما تبقى لاتفاقية السلام المهمة جدا على الصعيد الاستراتيجي هو الاعتماد على الإخوان المسلمين، ولكن هذا الأمر غير مطمئن ويشتم منه رائحة ليست جيدة". أما البروفيسور ايال زيسنر فتطرق أيضا بدوره إلى أن ما حققه أردوغان بخمس سنوات في تركيا لم يستغرق إلا شهرا واحدا من الرئيس المصري الذي "قلب الهرم". ومضى يقول إن "السهولة التي تمكن فيها مرسي من ضرب الجيش تؤكد على ما اكتشفناه في يناير 2011 بأن دولة الشرطة والجيش في عهد مبارك وطنطاوي كانت هشة، ولذلك انهارت بسهولة مفاجئة، تماما مثلما يحدث اليوم مع الجيش من خلال خطوة مرسي. ولكن بالنسبة لإسرائيل فإن هذا القرار لن يكون مؤثرا، ففي هذه المرحلة لن يكون هناك أي خيار أمام مرسي إلا المضي قدما في معاهدة السلام". ولم ينه زيسنر مقاله قبل أن يصف مرسي بأنه "قاتل" في قراراته مشبها إياه بالرئيس الأسبق أنور السادات فيما يتعلق بقدرته على اتخاذ خطوات جريئة، "وعليه لا بد من تعقبه بعيون مفتوحة ومتيقظة لمعرفة أية قرارات جريئة أخرى يمكن أن يتخذ". ويرى الكاتب في "معاريف" عودد جانوت أن "التغييرات في القيادة الأمنية والعسكرية في مصر ستجبر إسرائيل على فتح قنوات حوار مع المسؤولين الجدد، علما أنهم ليسوا جميعا معروفين لنظرائهم الإسرائيليين. لكن المشكلة الرئيسية في علاقات إسرائيل ومصر في فترة محمد مرسي كانت ولا تزال رفض القيادة السياسية المصرية إقامة أية علاقات معنا".