هو عالم من علماء القراءات في المغرب، وأستاذ للقراءات ببرنامج تكوين الأئمة ومواد اللغة والأدب والفقه بالمدرسة القرآنية بمسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء، حفظ القرآن الكريم منذ سن مبكرة، ونهل من معين القراءات والروايات على شيوخ شهدوا له بالدراية والتمكن من هذا الفن، بإجازة عليا (سند) في القراءات العشر، وإجازة في القراءات من المغرب ومصر والعراق وموريتانيا.. شارك في التأليف والتحقيق في مجال القراءات وعلوم القرآن، وكتب خمسة مصاحف خطية كاملة بخمس روايات..إنه فضيلة الدكتور الشيخ «محمد علي عطفاي»، الحكم الدولي في مسابقات القرآن الكريم. في هذا الحوار يستند عالم القراءات على خبرة 56 سنة في الأخذ والعطاء، وهو يتحدث عن الإرهاصات الأولى لتملكه علم القراءات، والانتقال به من المحفوظ إلى الدراية كفن له أسراره وقواعده.. وهو يتحدث عن قراءة المغاربة للقراءات، وعن مدارس القراءات القرآنية، وعن علمائها ودورهم... ● شاركت في تحكيم العديد من المسابقات القرآنية الدولية، كيف تقيم مستوى حضور القراء المغاربة المشاركين بها؟ ❍ كان حضور طلبتنا في المسابقات الدولية باهتا، لأنه كان ينقصهم الأداء الجيد، وهم معذورون في ذلك، لأنهم لم يتلقوا طريقة الأداء. على عكس المشارقة الذين كانت عندهم مدارس لحسن أداء القرآن الكريم، وخطب الجمعة والدروس، خاصة عند المصريين. بينما بعض علمائنا على جلالة أقدارهم وسعة معارفهم كانوا يلقون الدرر، لكن بأسلوب بعيد عن الإثارة المطلوبة.. لكن هذا بدأ يتغير الآن بفعل الانفتاح، وبعد أن كان طلبتنا يصنفون في المسابقات بآخر المراتب. فالآن ولله الحمد، لا يكاد قارئ مغربي يحضر مسابقة إلا ويحسب له ألف حساب. لقد بدأت تظهر عندنا أصوات جيدة تحاكي وتنافس قمم فن الأداء الشرقي والمغربي كذلك، وبدأنا نحوز على الدرجات المتقدمة، بل أكثر من ذلك بدأ هؤلاء القراء الشباب يعلمون قواعد القرآن بطريقة حسنة. وهنا لي رسالة أخرى طالبت فيها دوليا بأن يكون لطبوع ومقامات مختلف البلاد حيز في الوجود. يجب أن تتغير المسابقات القرآنية، خاصة في فرع التجويد، بأن تتاح للمقامات الجهوية فرصة للوجود، وأن لا تكون طريقة واحدة للأداء هي معيار التنافس. ● لماذا باعتقادكم؟ ❍ لأن القارئ إذا لم يقرأ بنمط شرقي لا يفوز، سواء توجه إلى القاهرة أو ليبيا أو ماليزيا... في أي مسابقة بها فرع التجويد، يظل معيار النجاح الحقيقي فيها أن يقرأ المشارك كما يقرأ مثلا محمد الصديق المنشاوي، أو مصطفى إسماعيل وغيرهم من القراء المشارقة. وهذا تنميط سلبي ليس تنقيصا من قدر هؤلاء فهم قمم في الأداء. لكن التنميط خطر وعقم فيما التنوع ثروة وغناء. وهنا لا بد أن ألفت إلى ملاحظة هامة: إننا أطلقنا وصف المشرقية تجاوزا وإلا ففي المشرق طبوع لا حظ لها في النجاح رغم جدارتها وأحقيتها مثل الطبوع السودانية والعراقية... وقد نادينا بأن تكون المسابقات القرآنية في فرع التجويد على طراز ما يفعله المغرب مثلا في الجائزة الوطنية لمحمد السادس في حفظ القرآن وتجويده وترتيله، بهذه المسابقة التي تقام في كل رمضان، نفتح التباري للقراء في فرع للنغمة المغربية وفرع للنغمة المشرقية.. ففي المغرب نقرأ بالحسانية وبالفيلالية وبالغرباوية... ما أريد أن أؤكده، هو أن نجاحنا هو في رعاية هذه الطبوع المغربية المتنوعة من الصحراء بالحسانية العذبة الحلوة الخاشعة إلى الشمال مع الطقطوقة الجبلية، ما دام القارئ وهو يرتل على نسقها لا يخرج عن قواعد القراءة التي أجمع عليها الأولون والآخرون، ونجاحها في المسابقات رهين بأن يكون الحكم على دراية بهذه الفنون وغير متعصب. ● بالمناسبة كم تحفظ من المنظومات؟ ❍ لا أدري، لكن السؤال هو هل ما زلت أحفظها..، كل الطلبة يعرفون أن من أبجديات التحفيظ، أن يحفظ القرآن الكريم مع نصوص، والنصوص ذكرتها فهي إما تقليدية رصينة أو نصوص مكملة، أحيانا تكون بالدارجة أو بالأمازيغية... من يقرأ ب «السبع» لا بد أن يكون حافظا ل «الشاطبية»، ومن يقرأ ب «العشر» لا بد له من حفظ «الدرة» و»الطيبة» وهكذا لما بدأنا «العشر الصغير» حفظنا منظومة الإمام ابن غازي «تفصيل عقد الدرر»، وحفظنا منظومة للصفار، وكل المغاربة يحفظون «الخراز»في الرسم والضبط بل تعدى حفظنا إلى منظومةي القيسي والفخار.. في فترة شبابنا، كانت الهموم والاهتمامات كلها منصبة على الحفظ، أما الشاب اليوم أو الطالب فلا يستطيع أن يحفظ ما حفظناه، لأن أدمغتنا كانت مكفية، لا نحمل هم الدراسة التي كانت مكفولة لقد درسنا بالمنح، والأكثر من هذا، كان مستقبلنا مضمونا. فكل من درس يعلم أنه حتما سيتخرج ويحصل على وظيفة. لذلك فهمومنا كانت أقل، همنا الأساسي فقط كان هو الحفظ والتنافس. اليوم تراجع كل هذا، كما أن الدراسة تشعبت. ففي زماننا من «المنحة» قد يشتري الطالب لوالديه بقعة أرضية، اليوم بقدر ما يزداد ابنك في العلم بقدر ما تزداد مشاكله، اليوم أيضا هناك مغريات أخرى التلفزيون الانترنيت..