أجمعت جل ورشات اليوم الدراسي عن" مشروع تطوير جامعة عبد المالك السعدي"، الذي قدمه الأستاذ مصطفى بنونة والذي عين على إثره رئيسا لهذه الجامعة، على ترتيب الأولويات بدءا بتأهيل جامعة عبد المالك السعدي بالحدود الدنيا الضرورية لمواكبة تطبيق الإصلاح الجامعي في ظروف تساعد على نجاحه، ولا تكون سببا من أسباب إعاقته. وتوزع على خمس ورشات هي: ورشة البيداغوجية وورشة البحث والتعاون وورشة الثقافة والأعمال الاجتماعية وورشة الشؤون الإدارية والاقتصادية وورشة الشؤون الطلابية. ولئن اختلفت الأولويات من ورشة إلى أخرى، فإنها تكاد تجمع بشكل أو بآخر على تأهيل البنى التحتية للمؤسسات الجامعية من بنايات وتجهيزات علمية، هي في حاجة للزيادة منها وصيانتها وتكييفها مع متطلبات الإصلاح، وتجديد الهياكل والإسراع في إنجاز قوانينها الداخلية، وتأهيل وهيكلة الإدارة بشكل يستجيب لمتطلبات الإصلاح الجامعي من جهة، وما جاء به مشروع السيد رئيس الجامعة من جهة أخرى، وهيكلة البحث العلمي وتوحيد معايير هياكله بجميع مؤسسات جامعة عبد المالك السعدي.، وحث مؤسسات الجامعة على إنجاز دليل للطالب يتضمن مسالك السلك الأول ودفتر المعايير البيداغوجية، وفتح مكتب توجيه وإرشاد الطالب بكل من طنجة وتطوان، وفتح ملف تيسير إقامة وتغذية ونقل الطلبة. كما نوهت كل الورشات بهذه المبادرة وبالأجواء الأكاديمية التي طبعتها ومستوى النقاش المسؤول الذي ساد أعمالها، وأثنت كذلك على المشروع وما يتضمنه من مبادرات واقتراحات عملية، وتساءلت عن مصادر التمويل والجدولة الزمنية لتجسيد بعض الأفكار الطموحة على أرض الواقع. من أجل مركز للهندسة البيداغوجية وتفعيل البحث والتعاون من بين الاقتراحات التي خلصت إليها ورشة البيداغوجية إخراج مركز الهندسة البيداغوجية إلى الوجود، بعد تحديد مهامه بشكل يستجيب لمتطلبات بيداغوجية متطورة، في إطار احترام الهوية الثقافية والحضارية لبلدنا، وإعداد دليل الطالب في أقرب وقت بهدف التواصل وضمان تجاوب الطلبة والفاعلين الجامعيين مع المنظومة البيداغوجية الجديدة، الاهتمام بالتكوين المستمر، بخلق خلية مختصة، والعمل على أجرأته لضمان مردوديته وفق متطلبات المحيط الاقتصادي ومساهمته الفعالة. كما دعت الورشة إلى العمل على توحيد مضمون السداسي الأول الخاص بالتواصل واللغة بين جميع مؤسسات جامعة عبد المالك السعدي، وإعطاء أهمية بالغة للتنسيق وربط الجسور عند اقتراح المسالك، بهدف ترشيد الموارد المادية والبشرية داخل الجامعة، والعمل على استيعاب عقلاني للوسائل التكنولوجية البيداغوجية الحديثة من طرف هيئة التدريس، قصد الرفع من مستوى تلقين واستيعاب المعارف، واعتماد مقاربة تكاملية في البرامج البيداغوجية تجمع بين المعرفة والمهننة لضمان التوفيق بين دور الجامعة كفضاء للمعرفة ومتطلبات انفتاحها على محيطها الاقتصادي والمهني. وفي محور البحث العلمي، خلصت ورشة البحث والتعاون إلى ضرورة تفعيل مدارس الدكتوراه لتقنين الدراسة بالسلك الثالث، وهيكلة البحث العلمي ضمن استراتيجية تعمل على إدماج الهياكل الحالية (مجموعات البحث، مختبرات، وحدات التكوين والبحث ...) وتحديد صلاحياتها ومسؤولياتها، وتفعيل التواصل بين وداخل المؤسسات الجامعية، بإحداث وتعميم شبكة المعلوميات والدوريات والمنشورات، وتحديد أولويات البحث العلمي في الجهة بالانسجام مع الأولويات الوطنية وتوفير الإمكانات المادية والمعنوية اللازمة ( المؤتمرات العلمية، السفريات، تحفيز الباحثين الشباب وإدماجهم ... )، وكذا تفعيل وتعميم مكتب واجهة لتسويق المنتوجات الجامعية، والعمل على كسب ثقة الفاعلين الاقتصادية وتشجيعهم للمساهمة في إنجاز التكوينات، واقتناء وصيانة وترشيد استعمال المعدات العلمية الثقيلة، ووضعها تحت تصرف الباحثين وتحت مسؤولية الجامعة. وأوصى المشاركون في الورشة أيضا بتبسيط مساطر تمويل البحث العلمي، وإحداث مكتبة جامعية حديثة تواكب مستجدات البحث بربطها بالمكتبات الجامعية الدولية، وجرد المنتوج العلمي لجامعة عبد المالك السعدي كخطوة أولية للتقييم والتواصل، وتفعيل لجنة البحث العلمي والتعاون، التابعة لمجلس الجامعة، مع التفكير في خلق لجن متخصصة على مستوى المؤسسات، وحثها على صياغة قانون داخلي لكل منها يساعد على الفعالية في العمل والشفافية في التمويل وترشيد الإمكانات. وفي محور التعاون أثار المشاركون في الورشة إلى مشكل تأشيرة السفر إلى الخارج، الذي يعرقل نسبيا التعاون الجامعي على المستوى الدولي، وخاصة بالنسبة للطلبة الباحثين. كما أجمع المشاركون على وجوب تفعيل الاتفاقيات الدولية التي أبرمتها الجامعة، بتشجيع الزيارات الميدانية المتبادلة وتنظيم التظاهرات العلمية المشتركة. أما على المستوى الوطني والمحلي فقد وقف المشاركون في الورشة على أهمية التعاون الجامعي كضرورة ملحة للانفتاح من جهة، ومن جهة أخرى كوسيلة للتخفيف من الأعباء المادية التي تعاني منها الجامعة، وخاصة في ظل القوانين الأخيرة التي تمتع الجامعة بشخصية معنوية مستقلة تمكنها من إبرام العقود والصفقات وإنجاز مشاريع تنموية لتعزيز مواردها المالية. وقد خلصت الورشة في هذا المجال إلى الاقتراحات التالية: إيجاد آليات عملية لتفعيل التعاون مع المحيط الاقتصادي جهويا، وذلك بتشجيع خريجي الجامعة والمقاولين الشباب على إنشاء محاضن ومشاتل المقاولات داخل المؤسسات الجامعية. مد جسور التواصل مع الفاعلين الاقتصاديين والمنتجين وجمعيات المجتمع المدني ... تفعيل المشاركة الفعلية للفاعلين الاقتصاديين في تدبير الشأن الجامعي. وضع إطار للتعاون والتواصل مع باقي الجامعات الوطنية، بدءا بالتعاون في المجال البيداغوجي وتبادل الأساتذة والمنتوج العلمي من تقنات وبحوث وخبرات ... نحو عمل اجتماعي واقتصادي منسجم مع المحيط في مستهل أعمال ورشة الثقافة والأعمال الاجتماعية والرياضية، تقدم مسير الورشة بعرضين حول ما تضمنه مشروع السيد رئيس الجامعة في هذا الصدد وحول أهمية مجالات هذه الورشة في توفير أجواء استثمار الطالب لوقته الثالث لبناء شخصيته وتنمية مواهبه وتوجيهه ليوظف الفائض من طاقته فيما يعود عليه بالنفع وعلى محيطه ومجتمعه ووطنه. وبعد مناقشة مستفيضة توصلت الورشة إلى اقتراح الاهتمام بالجانب الإعلامي للتعريف بالأنشطة الثقافية والرياضية الجامعية، والرفع من الإمكانات اللازمة للنهوض بهذا المجال مع توفير البنيات التحتية التي تفتقر لها الجامعة، وضرورة انسجام الأنشطة الثقافية المبرمجة داخل الجامعة مع الوظيفة العلمية والتربوية المنوطة بالجامعة، ومراعاة الخصوصيات الثقافية والحضارية للمجتمع المغربي، وكذا تعميم وتفعيل النوادي الثقافية داخل المؤسسات الجامعية ( نادي اللغات، نادي المعلوميات .. )، وإشراك الطالب إشراكا فعلية كطرف فاعل وليس كعنصر مستهلك فقط، وتحفيز وتشجيع الإبداع الطلابي. كما دعت الورشة إلى إيجاد حلول آنية لبعض الخدمات الاجتماعية الطلابية بأثمنة تفضيلية ( المطاعم الجامعية، الإيواء، النقل ...) وتفعيل تقديم الخدمات الطبية داخل المؤسسات والأحياء الجامعية، والتفكير في إنشاء صندوق اجتماعي محلي لدعم الطالب، والتفكير في صيغة إحداث منح محلية للطلبة المتفوقين بشراكة مع الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين بالجهة. وفي مستهل أعمال ورشة الشؤون الإدارية والاقتصادية، تم تذكير المشاركين بأهمية أعمال هذه الورشة وبأهدافها ومحاورها، كما تم تذكيرهم بما جاء في مشروع السيد رئيس الجامعة في هذا الصدد. ففي مجال رئاسة وإدارة الجامعة، سجلت الورشة، بارتياح نسبي، ما جاءت به القوانين الحالية بخصوص تمثيلية الموظفين الإداريين والتقنيين في المجالس الجامعية، مع ملاحظة ضعف نسبة التمثيلية المنصوص عليها والمطالبة بالرفع منها. وبالمناسبة وجهت الورشة دعوة للموظفين الإداريين والتقنيين لاختيار ممثليهم في الهياكل الجامعية، من ذوي الكفاءات، حتى يتسنى لهم المشاركة في تفعيل دور المجالس الجامعية والرفع من أدائها. وللرفع من دينامية الإدارة يرى بعض المختصين ضرورة عقد لقاءات دورية لمختلف شبكات المصالح المشتركة بين المؤسسات الجامعية، طبقا لما جاء به مشروع رئيس الجامعة، وكذا الاجتماعات التنسيقية داخل وبين المصالح المختلفة مع رئيس المؤسسة. وقد أوصت اللجنة بالإسراع في تأسيس الهياكل الجامعية طبقا للقوانين الحديثة، وكذا الإسراع بإحداث الهياكل الإدارية لرئاسة الجامعة وداخل المؤسسات التابعة لها، مع تحديد المهام والاختصاصات، مراعاة لكفاءات ومؤهلات الموظفين. وفي نطاق الشراكة مع الموظفين الإداريين وقف المشاركون عند المقاربة الشمولية للتكوين المستمر، وسجلوا المقترحات الآتية: وضع خطة للتكوين لمدة أربع سنوات تحدد برامجها التفصيلية على رأس كل سنة، والعمل على تعميمها لتشمل جميع الإداريين والتقنيين. ويرى المشاركون من ضمن الأولويات محاور: التدبير التشاركي، تدبير الجودة، تقنيات الأمن والوقاية، ثم الإعلاميات واستعمال الأنترنيت ... وضع سياسة مدققة للتحفيز المادي والمعنوي للموظف المتفوق في اكتساب بعض المهارات التي يمكن أن يوظفها في خدمة الجامعة. إعادة النظر في نظام التعويضات وترسيم المؤقتين وتسوية وضعية حاملي الشهادات منهم. وفي مجال تدبير الموارد المالية، لاحظ بعض المتدخلين عدم إشارة مشروع رئيس الجامعة بشكل مفصل لكيفية الحصول على الموارد المالية الضرورية لتنفيذ مضمون المشروع، لذلك اقترح المشاركون في هذا الصدد السعي لإيجاد سبل تخصيص نسبة من الرسوم المحصل عليها من طرف الجماعات المحلية وبعض المؤسسات العمومية بالجهة لدعم موارد الجامعة. كما أبدى المشاركون الملاحظات العامة التالية: مراجعة مسطرة تدبير الحسابات خارج الميزانية، مع تبسيطها وتوسيع البنود التي يمكن رصد الاعتمادات لها ودراسة إمكانية احتفاظ المؤسسات الجامعية بتدبير الحسابات الخاصة بها. إعادة النظر في سقف 100000 درهم لإنجاز الصفقات العمومية داخل الجامعة ورفعها إلى 300000درهم تيسيرا للإسراع في اقتناء الحاجيات الجامعية. دعوة إلى مزيد من الاهتمام بالطالب استهلت أعمال ورشة الشؤون الطلابية بكلمة الطلبة الذين ثمنوا هذه المبادرة وعبروا فيها عن شكرهم للجنة المنظمة التي أتاحت لهم فرصة المشاركة للإدلاء بآرائهم في القضايا التي تهمهم في مشروع رئيس الجامعة، واغتنموا الفرصة للتأكيد على أن البوابة السليمة التي يجب ولوجها للكشف عن مكامن الخلل بالجامعة وتحضير إصلاح جامعي يكون في مستوى طموح وتطلعات المجتمع المغربي هي مثل هذه المبادرة، التي جمعت مختلف مكونات الجامعة بدون استثناء. بعد ذلك تمت قراءة الأرضية التي اعتمدت كورقة عمل مستخرجة من مشروع رئيس الجامعة، وتتلخص في النقط التالية: حسن استقبال الطالب وتحسين ظروف الحياة الطلابية إشراك الطلبة في جميع القرارات المتعلقة بهم داخل المؤسسة دعم الأنشطة الطلابية: حفلات، تظاهرات ... الأخذ برأي الطلبة في تقييم الدروس تشجيع الطلبة المتميزين علميا، ثقافيا، ورياضيا ... تشجيع الحوار المسؤول مع ممثلي الطلبة زيادة فرص نجاح الطلبة خاصة في السلك الأول إشراك الطلبة في الحياة الجامعية ( مختبرات، إنجاز مشاريع معلوماتية ...) تسهيل ولوج الطلبة للمراكز الصحية المساعدة في الإدماج المهني التواصل مع حملة الباكلوريا تهيء استقلالية الطالب إدماج الطالب المعاق العناية بالطلبة الأجانب المجال الاجتماعي الطلابي. وبعد مناقشة مستفيضة لكل نقطة من نقط الورقة، أجمع المتدخلون على أن المشروع في مجمله يطمح لإعادة صياغة طريقة تسيير جامعة عبد المالك السعدي، لتصبح في وضعية تجنبها بعض السلبيات التي راكمتها الجامعة المغربية، مع التركيز من حين لآخر على الجودة في مختلف المجالات. وانسجاما مع هذا الهدف لابد من إعادة النظر في جودة الخطاب، باعتبار الطالب شخصا ناضجا ومسؤولا وشريكا أساسيا داخل الجامعة. ولتحسين ظروف الحياة الطلابية ينبغي أن تشمل الجودة أولا محيط التدريس ومحتوى التدريس ووسائل التدريس وكيفية التدريس... كما دعوا إلى فتح حوار جاد، محليا ووطنيا حول توفير مناخ مشاركة الطلبة في المجالس الجامعية، وذلك لإيجاد إطار قانوني لتنظيم القطاع وإجلاء جميع عناصر العنف داخل الحرم الجامعي، وكذا الاستعانة بشراكة المستثمرين لتوفير المرافق الاجتماعية الضرورية كالسكن والمطاعم والنقل ... وتشجيع الأساتذة لفتح الحوار مع الطلبة حول محاضراتهم، عبر استمارات توزع عليهم عند نهاية المقررات لاعتماد نتائجها في تحسين جودة المحتوى والطرق والوسائل المعتمدة في التدريس. وأوضت الورشة كذلك بالبحث عن جهات لتحتضن بعض الكفاءات الطلابية المتميزة علميا وثقافيا ورياضيا، لإبراز مستوى الجامعة من خلال هذه المؤهلات، والتفكير في حل معضلة اختلاف لغة تدريس المواد العلمية في التعليم الثانوي والجامعة، والتي يرجع إليها بالأساس ارتفاع نسبة الرسوب في السلك الأول، والنسبة الهائلة للمنقطعين، وبالتالي تراجع الإقبال على الشعب العلمية، وتراجع المستوى العلمي. وعند المناقشة العامة لتقارير الورشات، أوصى جل المتدخلين بطبع ونشر أعمال هذا اليوم الدراسي، ووضعها رهن إشارة جميع المعنيين بالشأن الجامعي. الأستاذ محمد إدعمار (بتصرف)