نظم المنتدى الوطني للتعليم العالي والبحث العلمي بتعاون مع المكتب المحلي للنقابة الوطنية للتعليم العالي الأيام الدراسية الثانية حول البيداغوجيا الجامعية بين رهانات الجودة وإكراهات التطبيق، يومي الخميس والجمعة 3 و4 يونيو 2004م، برحاب كلية العلوم بجامعة عبد المالك السعدي، شارك فيها أساتذة باحثون ومتخصصون من مختلف الجامعات المغربية. وقد رامت هذه الأيام إنضاج تصور يسهم في مقاربة دقيقة لموضوع الجودة البيداغوجية وتقريب لوجهات النظر وبناء حد أدنى من التوافق حول تعريف محدد للجودة البيداغوجية ومقاييسها وخصائصها بشكل تتضح معه المفاهيم لجميع الأطراف المعنية بالشأن الجامعي. ينبغي تقول كلمة اللجنة المنظمة أن نجعل من الجودة مشروعا جامعيا وجماعيا، أساتذة كنا أو إداريين أو أصحاب قرار. وقد تم اختيارها موضوعا للتداول في هذه الأيام البيداغوجية الثانية للوعي الحاصل بأن الغاية ليست هي انطلاق الإصلاح، وإنما توقعات نتائجه في أفق عشرية إصلاح نظام التربية والتكوين. فإذا كسبنا رهان الجودة، كان الثمن مهما ارتفع مبررا ومقبولا، وإذا خسرنا رهان الجودة، كان الثمن مهما قل باهظا ومرتفعا، لأننا لن نكون في مستوى الرهان حتى ولو عمم الإصلاح، لأننا بكل بساطة سقطنا في تضخيم الشكل وتحجيم الجوهر. وقد ساهم الحضور والمشاركون من تخصصات علمية متنوعة في متابعة ومناقشة اثني عشر محاضرة شملت مختلف الجوانب المتحكمة في مسار الجودة في التعليم والتكوين والبحث الجامعي. وقد ألقى رئيس جامعة عبد المالك السعدي الدكتور مصطفى بنونة كلمة خلال الجلسة الافتتاحية نوه فيها بالأهداف التي رامتها الندوة وبأهميتها في التحسيس بضرورة التكامل والتعاون على تحقيق الأهداف الاستراتيجية التي يتوخاها الإصلاح البيداغوجي. وألقى عميد كلية العلوم الدكتور محمد مراحة بدوره كلمة أشار فيها إلى أهمية الندوة وأهدافها. ثم ألقى محمد الخالدي، نائب رئيس الجامعة الدولية للبيداغوجيا الجامعية بمنطقة إفريقيا كلمة أشاد فيها بإقامة الأيام الدراسية الثانية لتدعيم المجهودات الرامية إلى تطوير البيداغوجيا الجامعية، مؤكدا دعمه الكامل لمثل هذه المبادرات. أما الدكتور خالد الصمدي رئيس المنتدى الوطني للتعليم العالي والبحث العلمي فأكد في كلمته الافتتاحية أن موضوع الجودة كرهان يجسد انتظارات المجتمع المغربي من الجامعة المغربية باعتبارها قاطرة للتنمية، ودعا إلى ضرورة توفير الشروط اللازمة لاستنفار طاقات الأساتذة الباحثين وباقي المكونات الجامعية والبحث عن محفزات تدفع إلى التكوين وتطوير المهارات في مجال البيداغوجيا. وباسم اللجنة المنظمة تناول الكلمة الدكتور فريد بنعبد الوهاب حيث نوه بالدعم الذي حظيت به ندوة الأيام البيداغوجية، وشكر رئيس الجامعة على رعايته لها وأشاد بروح التفاهم والتعاون الذي تميز به أفراد اللجنة المنظمة. وتضمنت جلسات الأيام الدراسية الثانية مداخلات محورية متنوعة نورد بعض ما ورد فيها بإيجاز: استقلالية الجامعة وجودة التكوينات: عنوان المحاضرة التي قدمها د. محمد الصاغي حيث قام بجرد مجمل المحاولات التي تمت لإعادة تنظيم الحقل الجامعي بدءا من قانون 1975م وصولا إلى قانون 01/00 الذي جاء بأهداف جديدة تروم إقحام كافة الفاعلين الجامعيين (الإدارة، الأساتذة الباحثين والطلبة) في أنشطة الجامعة من خلال الدور الذي يلعبه كل طرف داخل مجلس الجامعة. وركز في تحليله لمختلف المعوقات التي تعترض تأهيل الجامعة المغربية على عنصر التقييم كأداة للرفع من مستوى المردودية في الأداء والفاعلية في التأثير على المحيط السوسيوقتصادي مساهمة في التنمية الاسقتصادية للجهة ثم للوطن ككل. التفاعلية البيداغوجية في درس التواصل: عنوان مداخلة تقدم بها الدكتور بلقاسم اليوبي الذي ركز على إشكالية التفاعل بين الأستاذ المدرس والطالب المتلقي، وتطرق إلى البعد التواصلي في العمليات المعقدة التي تتضمنها العملية البيداغوجية في أبعادها الثلاثة: الممارسة والمشاركة والتفاعل، وخلص إلى أن نجاح درس التواصل مرهون بمدى تحكمنا في هذه العمليات التي من شأنها خلق القابلية في التعليم لدى الطالب (الرغبة والمتعة في الوقت نفسه). البيداغوجيا الجامعية بين رهانات الجودة وإكراهات التطبيق، أي دور للتعليم ما قبل الجامعي. ركز الدكتور خالد الصمدي فيها على سبل التكامل في الأدوار التي تضطلع بها الجامعة من جهة ومؤسسات التعليم ما قبل الجامعي من جهة ثانية، داعيا إلى التفكير في استراتيجية جديدة للتنسيق بين الجامعة والأكاديميات التعليمية الواقعة في محيطها، وقدم اقتراحات في الموضوع تناولت تحديد عناصر الإشكاليات العامة التي يفرضها انفتاح الجامعة على محيطها التعليمي وخاصة التعليم ما قبل الجامعي، والأهداف العامة للتنسيق ومشروع خطة عمل لإرساء هياكل التعاون المشترك على مستوى التخطيط والتنفيذ والتقويم. كل ذلك وفق مقاربات استراتيجية قصيرة ومتوسطة المدى. في أي إطار بيداغوجي يمكن اعتماد تكنولوجيا الإعلام والتواصل؟ مداخلة ركز فيها الدكتور محمد الخالدي على طبيعة الاستراتيجية التي يمكن اعتمادها لمواكبة التطورات المتسارعة في مجال التقنيات الجديدة للإعلام والتواصل وسبل استثمار المناسب منها في تطوير المهارات البيداغوجية بما يلائم الرغبة المتزايدة في تغيير المناهج على مستوى التدريس أو طرق التقييم. جودة البرامج والتكوينات بين إكراهات المحيط السوسيو اقتصادي وترقية المعرفة: مداخلة د. عبد الوهاب إيد الحاج، رامت تحديد سبل تجاوز الارتباك الذي يصاحب عملية الانتقال من جامعة تعتمد البحث الأكاديمي ذي الطابع النظري، إلى جامعة تسهم في حل مشاكل المحيط السوسيو اقتصادي، بما في ذلك إشكالية التنمية في جميع المجالات: الفلاحية، الصناعية، البيئية، السياحة الثقافية وغيرها. الواقع البيداغوجي بين الواقع والطموح: مداخلة الدكتور محمد القاسمي، ركزت على الشروط المادية والبشرية الضرورية لضمان الجودة البيداغوجية التي يستوجبها الإصلاح. البيداغوجيات الناشطة وتكنولوجيا الإعلام والتواصل. مداخلة الدكتور أحمد زحاف أوضحت أهمية اعتماد مناهج البيداغوجيات الناشطة ، ذجلفهُهىمَّ فكُّىًّمَّ ووقف عند نماذج من شأن اعتمادها أن يسهم في بناء المتعلم على المستوى المعرفي، النفسي والعلائقي دون أن يؤثر ذلك سلبا في دور الأستاذ أو تهميشه. إشكالية اللاتوازن في بنية مؤسسات التعليم العالي: مقاييس لتشخيص حالات من التباين. مداخلة الأستاذ إبراهيم كيدو تمحورت حول ثلاثة عناصر: إشكالية الاستقطاب: فوارق في النمو، والحجم والتوزيع. -إمكانيات الاستيعاب والتأطير وظاهرة التفاوت بين مؤسسات التعليم العالي. انعكاسات الظروف غير المتوازنة للتدريس على مردودية المؤسسات الجامعية. مدخل لتحديد شبكة معايير جودة التأطير : محاضرة الدكتور محمد إد عمار أثار فيها موضوع الكفاءة البيداغوجية التي اعتبرها شرطا لازما في استثمار الكفاءات العلمية. وتحدث عن ملامح جودة التأطير وأبعادها وخصائصها وكيف أنها لا تكتسي الأهمية نفسها عند الأطراف المختلفة المتدخلة في الشأن البيداغوجي الجامعي، واقترح جملة من الصيغ الكفيلة بصياغة شبكة المعايير الضرورية لتنمية المواقف الإيجابية للطلبة تجاه المواد التي يدرسونها وتطوير الأفق البيداغوجي من خلال التجربة. تقييم برامج التعليم العالي وفق مقاربة وكالة تأمين الجودة (رِّفٌىٌُّّ ءََِّّّْفَكم ءهمَكٌّ) ر.ء.ء. : المدرسة الوطنية للتجارة والتدبير بطنجة نموذجا. محاضرة د. خالد شفيق الذي تحدث عن تطوير الأداء النوعي في الجامعات العربية وعن أهمية التقييم الذاتي والمواصفات الرئيسية للتقييم ودور لجان التقييم. إصلاح الجامعات: رؤية مستقبلية : مداخلة الدكتور عبد الحفيظ السكاكي الذي قدم معطيات مقارنة بين الجامعات الأروبية ونظيراتها في العالم العربي وتحدث عن إكراهات العولمة وأثر الدور المتعاظم للشركات المتعددة الجنسيات ولوبيات المصالح على مستقبل الجامعة المغربية وسبل الاستفادة من فرص التخلف. خيار لغة تدريس العلوم في التعليم العالي في المغرب الميزان؟ تناول الدكتور خالد سامي أثر ازدواجية لغة التدريس وانعكاساتها على مردودية العملية التعليمية. استثمار الأنترنيت في التعليم: مداخلة الدكتور السعيد الزاهري حول دور الأنترنيت كأداة للرفع من جودة التعليم والتكوين وأثرها في تنمية كفايات المتعلمين. لقد كانت أهم اللحظات التي شهدتها أطوار الأيام البيداغوجية تلك التي طرحت فيها فكرة تأسيس المرصد الوطني للتعليم العالي والبحث العلمي حيث سجلت عدة تدخلات مرحبة بالفكرة، واعتبر هذا المرصد مطمحا جامعيا ملحا من شأن وجوده أن يصبح أداة لتشخيص وضعية التعليم العالي والبحث العلمي وفق خطط قصيرة ومتوسطة المدى، وبنكا لتجميع المعطيات التي تحتاجها الفعاليات والهيآت المشكلة لمحيط الجامعة الجهوي والوطني المهتم برسم سياسة مستقبلية للتعليم العالي. تقرير : الأستاذ أحمد الخروبي أستاذ التاريخ المعاصر