في سنة 1949، ذهب عمي المرحوم السيد الحاج الغالي إلى الديار المقدسة سيرا على الأقدام كما كان الحال آنداك، وعند وصوله إلى القاهرة رفقة أصدقائه بقي في القاهرة يتجول، ولما مر أمام قصر محمد بن عبد الكريم الخطابي رآه هذا الأخير من شرفة قصره، وعرف من خلال ملابسه أنه مغربي فأرسل إليه حراسه من أجل لقائه، فلبى دعوته واستضافه مدة ثلاثة أيام جريا على تقاليد المغاربة «ضيافة النبي ثلاثة أيام). وبعد انقضاء مدة الضيافة، سأله بن عبد الكريم الخطابي عن اسم أبيه والجهة التي ينتمي إليها في المغرب، فقال له عمي، إن أباه هو العربي بن محمد بن الحسين الزريفي، بعدها سأله الخطابي هل له أخ اسمه المختار؟ وأكد له أن أباه كان يحارب إلى جانبه، وشجعه على المقاومة و هدم القناطر و قطع الأسلاك الكهربائية والهاتفية وإحراق الضيعات واغتيال المعمرين. ثم قال له الخطابي «الأولى أن تعود إلى الوطن». وعندما هم عمي بالانصراف، سأله الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي: هل يوجد أحد من أفراد عائلتك في جامعة القرويين، قال له عمي إن بن أخي اسمه التهامي العمراني الزريفي يدرس بها ويسكن بمدرسة الأندلس بفاس، وأعطاه اسمي وعنواني ومدرستي ورقم حجرتي، وكانت جامعة القرويين تتوفر على العديد من المدارس التي يسكنها الطلبة، كمدرسة السفارين والعطارين و المصباحية والمرينيين و الأندلس والشراطين وغيرها. قال له محمد بن عبد الكريم الخطابي: ارجع إلى وطنك المغرب وسوف يصل خبرك قبل أن تصل أنت إليه، وسطر محمد بن عبد الكريم الخطابي رسالة وأرسلها إلي بفاس، سنة 1949، يخبرني فيها بأنه يعرف جدي وأن عمي السيد الحاج الغالي الذي ذهب إلى الحج كان عنده في القاهرة وهو راجع في طريقه إلى المغرب، و ختم الرسالة بقوله «انتظر مني رسالة أخرى وعليك أن تفهم مني ما أقوله لك». وبعد مرور خمسة عشر يوما، جاءتني رسالة أخرى من الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي بها شفرة تحمل أرقاما من 1 إلى 500 وكان كل رقم تناسبه كلمة. بقيت أتعامل مع الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي وهو يحضني على المقاومة وعلى البحث عن السلاح، وعلى بث هذه الروح في طلبة وشباب القرويين و شباب البادية خلال العطل، و فعلا بدأت أفكر في السلاح، فأول ما خطر في ذهني في هذه القضية هو القنبلة التي خبأتها، وتذكرت أيضا أن أبي كان له مسدس خماسي يخبئه في صندوق من حديد فبقيت انتظر أن تحين الساعة المناسبة.