في الوقت الذي تمعن فيه آلة الحرب الصهوينية في سفك دماء الشعبين اللبناني و الفلسطيني ، بحثا عن إنجاز ميداني عسكري صغراو كبر، يرفع من جهة معنويات الجند المتدنية جراء الرجات القوية التي تعرضو لها في المعارك ، والذين تبدو عليهم رغم ذلك وهم يظهرون من خلال شاشات التلفزة علامات الفرح والانشراح و هم يغادرون المعركة ، وهي على الحقيقة ليست مظهرا للتفوق على العدو أو السيطرة العسكري ولكنها تعبر عن فرحة الجنود لخروجهم أحياء من معراك طاحنة خلفوا فيها أصدقاء لهم بين قتيل و جريح . ومن جهة ثانية تقدمه للشعب الصهيوني الذي يبدوا انه فقد الثقة في قادته السياسيين و العسكريين على حد سواء ، بعد سلسلة الوعود والتصريحات التي أطلقوها و الإنجازات التي أدعو تحقيقها و التي كان مفادها أن الجيش الصهيوني قضى على القدرات الصاروخية للمقاومة و أن قواته سيطرت على مساحات شاسعة من التراب اللبناني و أن الحرب اقتربت من تحقيق أهدافها المسطرة ، و أن كيانهم سيكون بمنأى عن تهديدات الإرهابيين في لبنان و فلسطين. خاصة بعد أن ترسخت في أدهان الكثيرين ممن اعتقدوا بإمكانية بناء مستقبل مشترك بين شعوب المنطقة قناعة أن "إسرائيل" كما هي لا مستقبل لها. . ليتضح بعد ذلك كذب دعواهم حيث تقوم المقاومة كل مرة بتفنيد كل هذه الإدعاءات على الأرض و في ساحة الوغى ومن خلال القصف المتواصل على المغتصبات ومدن فلسطينالمحتلة. لا مندوحة ان الحرب هي ردة فعل لفشل الديبلوماسية السياسية و بالتالي هي الوجه البشع و المبطن لهذه الدبلوماسية وهي بالتالي أسلوب فظيع وبشع لمعالجة القضايا سواء بالنسبة للأهالي لما تخلفه من دمار على المستوى العمراني و الإنساني ، وهي كذلك حتى بالنسبة للجنود الذين لا تكف عقولهم عن التفكير في الموت الذي يتربص بهم من كل جانب خاصة اذا كان التي وأهالي الجنود عندما تتوالى إلى مسامعهم اخبار المعارك و القصف الكثيف واعداد القتلى و المعطوبين ، خاصة و التعتيم الإعلامي الذي يكون مضروبا على أخبار المعارك يزيد من هول المأساة كما هو الحال اليوم بالنسبة للجيش الصهيوني الذي وصل به الأمر أن يمارس التعتيم حتى على الناطق باسمه . وإذا كانت المعارك في لبنان تصور لنا يوميا إلى جانب مظاهر الحقد الدفين الذي يكنه العدو الصهيوني للبنان ولحزب الله و من ورائه أمريكا و أوروبا و أيضا بعض الأنظمة العربية التي نعى الشارع العربي بغالبه حكامها وممثليهم في جامعة الدول العربية التي ليست بدورها أكثر من شاهد زور على مجازر لبنان و فلسطين و العراق وغيرها من مآسي الوطن العربي، صحيح أن الشعوب العربية لم تكن تعول عليهم يوما، لكنها لم تفترض أن عريهم وصل لهذا الحد الفاضح الذي جعل وزير الخارجية القطري يتكلم لا أعرف هل تواضعا أو وضاعة بصراحة أم بوقاحة و هو يقول أن التخاذل العربي ليس جديد .إن هذا الحقد الدفين و السادية المفرطة عند العدو و مايخلفه من مأسي إنسانية على الشعب اللبناني جراء المجازر المتتالية في "قانا" و "البقاع" وغيرها ، وهذا الإسراف في القتل و التدمير على شعب لبنان و على ارضه لا يمكن أن يكون ردة فعلا على عملية الوعد الصادق أمرا أصبح معلوم للقاصي و الداني خاصة بعد التصريحات المتتالية للساسة سواء داخل الكيان الصهيوني او داخل البيت البيضاوي الذي يقبع داخله قلوب سوداوية . إلى جانب كل هذا لا يقوى شعب لبنان إلا على رسم صور البطولة والصمود والممانعة و الكرامة التي يصورها يوما بعد يوما ولا أدل على ذلك من كلام السيدة البنانية التي علقت على قصف الطيران الحربي الصهيوني لأحد الجسور في الضاحية الجنوبية قلعة الصمود و المقاومة عندما قالت "وماذا افعل بجسر إذا كنت سأمر فوقه بلا كرامة "، لأنها تعرف أن فاتورة الكرامة لا تضاهيها فاتورة . وان كل شيىء يمكن تعويضه ، إلا الكرامة التي إن سقطت مرة فإن جبرها يطول و استرجاعها صعب المنال . دون أن ننسى مشاهد الرضع و الصبية الذين لا يعرفون الفرق بين انفجار قنبلة أو انفجار "بلونة" و الذين كان القدر إلى جانبهم ولم يكونوا مع أطفال "قانا" و إلا كان سلاح الغدر قد أغتالهم لا لذنب إقترفوه ولكن لأن هناك من باعهم برخص التراب حتى يحافظ على كرسي يجلس عليه ردحا من الزمان . و أطفال يلعبون في حدائق بيروت لا يعرفون أن الموت يتربص بهم من كل جانب أما الذين بقوا على مقربة من خطوط المواجهة فقد تركوا دماهم و لعبهم بعد أن حولتهم الحرب إلى رجال قبل الأوان وشردتهم عن عائلاتهم لكنه ابو الرحيل ولم يسلمو للخوف و الرعب رغم القصف و الدمار و جثث القتلى من حولهم يعلمون العدو ان النار لاترهبهم و إن الموت فدى الوطن ليس إرهابا و هم يقسمون على مواصلة درب الصمود و المقاومة . هذا إضافة إلى صور الحب و التضحية و التفاني في الوفاء للمحبوب وكأننا بصدد مشاهد رومنسية، من أفلام الحب و الغرام الهندية ،والفضائيات تطلع علينا كل يوم بمشاهد لزوجات تبكي أزواجها أو لأزواج يبحثون عن زوجاتهم ، ولعل الصور ة الأجمل والأروع هي التي رسمتها لنا معركة بنت جبيل ، حين كان احد الزوجان يهمان بمغادرة منزلهما للاحتماء من آلة الغدر الصهيونية التي لا تفرق بين هدف عسكري و مدني، فاصطدما بسيل من النيران ينتظرهما أمام البيت فتعانقا كل منهما يريد أن يجعل من جسمه ذراع يحول به وبين وابل الرصاص عن حبيبه و لك الله اختار لهم أن يموتا معا على هذه الهيئة و أن تصعد ورحمها متعانقتين إلى بارئها.